يوافق اليوم الثلاثاء الذكرى السابعة والسبعين لاستشهاد الشيخ المجاهد عز الدين القسام، الذى يسمى الجناح العسكرى لحركة "حماس" باسمه، كما يطلق اسمه أيضا على أحد أبرز صواريخ الحركة التى تدين بالوفاء لجميع مجاهدى وشهداء فلسطين، خاصة الشهيد البطل القسام لنضاله ضد الإنجليز دفاعًا عن الدين والأرض، أرادت حماس أن تحتفل بذكراه بتلقين المحتل الصهيونى درسًا لن ينساه. ففى هذه الذكرى الغالية ورغم الحصار والعدوان الذى يتعرض له أهل غزة، إلا أن كتائب عز الدين القسام نجحت على مدار عدة أيام فى أن يبقى الإسرائيليون فى المخابئ مثل الفئران، وأن يمطر الكيان بوابل من صواريخه التى نجحت فى الوصول للقدس المحتلة وتل أبيب وتستهدف الكنيست والعديد من المواقع الإسرائيلية العسكرية والحيوية. هو عز الدين عبد القادر مصطفى يوسف محمد القسام، ولد فى 19 نوفمبر 1871، واستشهد فى 20 نوفمبر 1935م، ولد فى مدينة جبلة فى محافظة اللاذقية فى سوريا، وكان منذ صغره يميل إلى العزلة والتفكير، تلقى دراسته الابتدائية فى كتاتيب بلدته جبلة ورحل فى شبابه إلى مصر حيث درس فى الأزهر، وكان من عداد تلاميذ الشيخ محمد عبده والعالم محمد أحمد الطوخى. كما تأثر بقادة الحركة النشطة التى كانت تقاوم المحتل البريطانى بمصر. وكان فى مصر يصنع الحلويات ويبيعها ليعيل نفسه. لما عاد إلى بلاده سوريا عام 1903م عمل مدرسًا فى جامع السلطان إبراهيم، وأقام مدرسة لتعليم القرآن واللغة العربية فى مدينة جبلة. وفى عام 1920م عندما اشتعلت الثورة ضد الفرنسيين شارك القسام فى الثورة فحاولت السلطة العسكرية الفرنسية شراءه وإكرامه بتوليته القضاء فرفض ذلك، وكان جزاؤه أن حكم عليه الديوان السورى العرفى بالإعدام. وقاد أول مظاهرة تأييدًا لليبيين فى مقاومتهم للاحتلال الإيطالى وكوّن سرية من 250 متطوعًا وقام بحملة لجمع التبرعات. لجأ القسام إلى فلسطين فى 5 فبراير عام 1922م، واستقر فى قرية الياجور قرب حيفا، ولجأ معه من رفاق الجهاد الشيخ محمد الحنفى والشيخ على الحاج عبيد.. والتحق آنذاك بالمدرسة الإسلامية فى حيفا ثم بجمعية الشبان المسلمين هناك وأصبح رئيسًا لها عام 1926م. وحتى عام 1935م لم يكن سكان حيفا يعرفون عن عز الدين القسام سوى أنه واعظ دينى ومرشد سورى ورئيس جمعية الشبان المسلمين فى مدينة حيفا، وكان بنظرهم شيخًا محمود السيرة فى تقواه وصدقه ووطنيته، كما كانت منطقة الشمال تعرفه إمامًا وخطيبًا بارعًا ومأذونًا شرعيًّا فى جامع الاستقلال، وهو الذى سعى فى تشييده. فى إحدى خطبه كان يخبئ سلاحًا تحت ثيابه فرفعه، وقال: "من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر فليقتن مثل هذا". فأخذ مباشرة إلى السجن وتظاهر الناس لإخراجه وأضربوا إضرابًا عامًّا. كان يقول للناس فى خطبه: "هل أنتم مؤمنون؟ ويجيب نفسه لا، ثم يقول للناس: إن كنتم مؤمنين فلا يقعدنّ أحد منكم بلا سلاح وجهاد." وكشفت القوات البريطانية أمر القسام فى 15 نوفمبر 1935، فتحصن الشيخ عز الدين هو و15 فردًا من أتباعه بقرية الشيخ زايد، فلحقت به القوات البريطانية فى 19/11/1935، فطوقتهم وقطعت الاتصال بينهم وبين القرى المجاورة، وطالبتهم بالاستسلام، لكنه رفض واشتبك مع تلك القوات، وأوقع فيها أكثر من 15 قتيلًا، ودارت معركة غير متكافئة بين الطرفين، وما جاء يوم العشرين من "نوفمبر" سنة 1935 حتى أضحى القسام علَما من أعلام الجهاد يتردد اسمه فى بلاد فلسطين كلها. اتصل بالملك فيصل فى سوريا طلبًا لمؤازرته فى ثورته فوعده ولم يثمر وعده عن شىء، واتصل بالحاج أمين الحسينى مفتى فلسطين الأكبر وطلب منه أن يهيئ الثورة فى منطقته، فأجابه بأنه يرى أن تحل قضية فلسطين بالطرق السلمية عن طريق المفاوضات. وأنشأ الشيخ عز الدين القسام وحدات تنظيمية متعددة ومتخصصة من أجل دعم جهود المقاومة، ولم يكن يفصل فى عمله بين الدين والسياسة، كما تعلم فى الأزهر أن السياسة من أمور الدين، لذلك كان خلافه مع العلماء الذين حاولوا حصر الدين فى الأمور العبادية، وهذا أمر تفسره اتصالاته السياسية مع الملك فيصل فى سوريا، وأمين الحسينى مفتى فلسطين الأكبر، والأمير راشد الخزاعى من شرق الأردن، وكان يركز عمله المقاوم فى المحتل ولم يتعداه إلى المختلفين معه فى الرأى ممن كانوا يؤمنون بالحل السياسى، وكان مسالما. وعند استشهاده اكتشفت قوات الاحتلال البريطانية التى دخلت فى معركة قوية مع الشيخ ذى اللحية البيضاء والملابس الدينية مصحفا وأربعة عشر جنيها ومسدسا كبيرا.