يوم الجمعة الماضى كان يوما مشهودا، هتف فيه عشرات الآلاف أغلبهم من عموم الشعب المصرى المتدين "الشعب يريد تطبيق شرع الله"، جاءوا إلى ميدان الثورة "التحرير" من كل فج وصوب ولسان حالهم يقول: "الشعب لا يريد إلا دينه وهويته". لقد قاموا بتوزيع بيان، حمل عنوان "حملة الشريعة مصدر كل تقنين جاء فيه"، أقر أنا الموقع أداناه أنى لا أقبل بغير المادة التالية وهى: "الشريعة الإسلامية مصدر كل تقنين"، حيث تكون هذه المادة الرئيسية والأساسية بصياغة كل التشريعات" وقد اندفع الآلاف يسارعون لتوقيع هذا البيان، وكأنهم يوقعون على عقود تمليك لأفخم القصور، وحرصوا فى الوقت نفسه على كتابة الاسم والرقم القومى والمهنة مع التوقيع. لقد كانت جمعة الشريعة أكبر استفتاء علنى على حب هذا الشعب لدينه وتعلقه بشريعته خلافا لما تحاول أن تنشره نخبتنا السياسية والإعلامية التى كان لها نصيبا كبيرا من الهجوم الذى شنه الحضور على القوى الليبرالية والعلمانية، وجميع المعارضين لتطبيق الشريعة الإسلامية، مؤكدين أنهم أقلية لا تمثل الشعب المصرى، وأنهم لا يوجدون سوى فى فضائيات وصحف الفلول التى تخشى من تطبيق شرع الله. ولعل قرار جماعة الإخوان وبعض القوى السلفية بعدم المشاركة -الذى كان يهدف إلى ترك الفرصة للشارع المصرى والمواطن للتعبير عن هويته الأساسية، وهى الهوية الإسلامية- له فوائد أخرى؛ أهمها أنه كشف للعلمانيين واليساريين ومدعى اللبيرالية أن الشعب يريد شرع الله وليس الإخوان والسلفيون فقط، كما أحبط عدم المشاركة محاولات القوى المطالبة بإسقاط التأسيسية، لتوجيه اتهامات لجماعة الإخوان بالضغط على الجمعية التأسيسية لصياغة دستور موال لها. لقد أكدت مليونية الشريعة أن الشعب يرفض علمنة الدولة ويرفع راية الشريعة الإسلامية، وأن الشريعة فى القلوب قبل أن تكون فى الدساتير، ولا بد أن يظهر أثر ثورة 25 يناير على المادة الثانية فى الدستور. لقد كان هناك كذلك "طلاب الشريعة"، على الجزيرة الجانبية أمام مجمع التحرير، حيث قال أحد أعضائها: إن نشاط الحركة مستقل عن أى تيار سلفى أو إخوانى أو جماعات، ولكنه مجموعة من المستقلين الذين يريدون تطبيق الشريعة فى المجتمع بكل نواحيه بعد دراستها، وتقديم شرح وافٍ لأحكامها لفهمها قبل البدء فى تنفيذها. ووقف أعضاء "طلاب الشريعة" يرتدون قمصانا فسفورية اللون مميزة لهم للتعريف ببعضهم، يحملون لافتات تدعو إلى الشريعة مع أعلام سوداء كبيرة، كتب عليها: "لا إله إلا الله محمد رسول الله". وفى الجزيرة الوسطى ارتفعت شاشات عرض كبيرة أقامتها مجموعة من الشباب صغير السن لعرض مقاطع فيديو لشرح أساليب تطبيق الشريعة، ومقاطع إسلامية، وقرآن كريم، وقال أحد القائمين على تجهيز الشاشات: نحن لا نتبع أى تيار إسلام سياسى، ولكننا مستقلون نريد أن نقوم بدورنا فى التأكيد على تطبيق الشريعة. ------------------------------- [email protected] بائعو الأعلام، اختلفت وجوههم وأشكال بضاعتهم هذه المرة، واختفى العلم المصرى الأكثر مبيعا فى أيام المظاهرات فى التحرير، ووقف فى وسط الميدان رجل يحمل أعلاما بيضاء وخضراء، كتب عليها "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، وأعلام أخرى تقول "الشعب يريد شرع الله". فاليوم الكرة فى ملعبنا نحن الإسلاميين، وإذا ضيعنا الشريعة فوالله لن نتملكها أبدا، إذا ضيعنا الشريعة فى هذه المرحلة الحرجة فمعناها ضياع الدنيا والآخرة.. ندعو الله العظيم رب العرش الكريم أن يهيئ لمصر أمر رشد يعز فيه أهل طاعته، ويهدى فيه أهل معصيته، وأن يمكن لدينه فى الأرض، وأن يأذن لشرعه أن يسود ويعود.. آمين يا رب العالمين.