شهد قطاع غزة خلال الأيام الماضية انتصارا لمشروع المقاومة فى الصمود على الأرض من خلال كسر الحصار وإدارة الصراع مع الاحتلال ومساندة الثورة المصرية، هذه المواقف مجتمعة تشكل إنجازا للمقاومة فى قطاع غزة مما يعزز القناعة بأن المقاومة هى أقصر الطرق للتحرير. الموقف الأول سُجّل من خلال زيارة أمير دولة قطر لقطاع غزة وهى الأولى لزعيم عربى منذ فرض الحصار على قطاع غزة، وتقديمها دعما وصل إلى أربعمائة مليون دولار لدعم مشاريع تنموية فى القطاع، بعد موافقة القيادة المصرية الجديدة ومرافقة ممثل عن الرئيس المصرى طوال الزيارة، ورغم أن البعض حاول تفسير الزيارة على نحو مختلف كتعزيز الانقسام أو تجاهل التمثيل الفلسطينى الرسمى، لكن زيارة أمير قطر لغزة فى ظل الانقسام تأتى نتيجة غياب المبادرة الفلسطينية الداخلية، ولا يمكن تحميل فشل المصالحة لقطر فى ظل غياب الشرعية الشعبية عن كافة المؤسسات الرسمية فى السلطة والمنظمة، فالمجلس التشريعى انتهت ولايته منذ عامين، ورئيس السلطة الفلسطينية انتهت فترته منذ سنوات، ومنظمة التحرير مهترئة ويعوزها الإصلاح ولا تمثل جميع الفصائل الفلسطينية ومنتهية منذ عقدين من الزمان، وكما أنها نصر سياسى لحماس فهى أيضا رسالة مصرية ببدء الإجراءات العملية الرامية إلى رفع الحصار عن غزة، لذلك على الرئيس عباس أن يبادر بخطوات جريئة نحو المصالحة. الموقف الثانى كان فى إدارة الصراع مع الاحتلال حيث كان الاحتلال يحاول استغلال التحضيرات والترتيبات التى تجرى فى القطاع لإنجاز بعض الأهداف الميدانية، لكن المقاومة الفلسطينية لم تفوت الفرصة فى التصدى للاحتلال، وفى الوقت الذى كانت فيه كافة الأنظار تتجه نحو معبر رفح لاستقبال أمير قطر كانت منطقة شرق خان يونس تشهد تصدى المقاومة للاحتلال، وتصيب العدو الذى قام بقتل عدد من المقاومين إصابة مباشرة، وما إن انتهت الزيارة قامت المقاومة بالرد على جرائم الاحتلال، لذلك أعتقد أن المقاومة فى قطاع غزة تستخدم تكتيكا جديدا فى التعامل مع الاحتلال من خلال الردود المشتركة وعدم تفويت أى تصعيد دون رد، لذلك تعيش ما بين الفعل ورد الفعل وترسل رسالة للعدو بأنه لا فرق بين الإعمار والمقاومة. الموقف الثالث كان من الرئيس المصرى محمد مرسى أمام علماء الأزهر الشريف الذى أعلن بشكل واضح "لن نسمح لإسرائيل بالاعتداء على الفلسطينيين"، وأعلن أن مصر فى خندق واحد مع أهل قطاع غزة ضد أى عدوان، هذه المواقف كان لها دور فى إعادة التهدئة بين القطاع والاحتلال وتأتى كرسائل دعم بعد رسالة "تعيين السفير المصرى لدى إسرائيل" التى أظهرتها وسائل الإعلام والتى شكلت صدمة للشارع الفلسطينى والعربى، وقد سبق الرئيس مرسى خلال لقاء أمير قطر بالقول أن مصر سيكون لها دور فى إعادة الإعمار، بهذا تكون مصر حسمت موقفها من دعم المقاومة فى قطاع غزة مما يعنى بأن التحول وطريقة التعامل اختلفت عما سبق. هذه النجاحات تجعل أصحاب مشروع المقاومة أمام مسئولية كبيرة وعلى رأسهم حركة حماس من خلال إقناع الرئيس عباس بإمكانية التعاطى مع مشروع المقاومة والاتفاق على شكلها بعد التجارب الفاشلة التى أوصلت القضية الفلسطينية إلى طريق مسدودة، ولكن اليوم فى ظل هذا الدعم العربى والمساندة فى مواجهة الاحتلال علينا نحن الفلسطينيين الآن عبء التفكير فى لملمة الشمل الداخلى على أساس برنامج المقاومة، فى ظل تصاعد اليمين المتطرف فى إسرائيل وفشل الشرعيات الدولية فى حماية الشعب الفلسطينى، فنجاح مشروع المقاومة فى غزة والذى لم ينته بعد ما هو إلا خطوة نحو التحرير وحافز لتفعيلها فى ساحة المعركة الحقيقية الآن فى الضفة الغربية والقدس. -------------------------- حمزة إسماعيل أبو شنب كاتب فلسطينى