من شدة المعركة بين أطراف الحياة السياسية لم يتخيل أحد أن يحدث توحد على أهداف واحدة مرة أخرى.. فالإسلاميون يقولون إنهم وصلوا للسلطة عن طريق أصوات الشعب والانتخابات الحرة، وإن المنافسين يريدون إفشالهم بأى شكل.. والقوى اليسارية والليبرالية التى تتخندق وراء "مدنية الدولة" تؤكد أن الإخوان قفزوا على ثورة يناير، ويسعون إلى التكويش على كل شىء وإقصائهم من الحياة السياسية، والسعى للقضاء على أهداف الثورة من عيش وحرية وعدالة اجتماعية. حالة الاستقطاب التى تزايدت يوما بعد يوم جعلت المسافات تتباعد بين الفريقين وأضاعا كل الفرص التى أتيحت لهما من أجل توحيد الصف الوطنى الذى اخترق عبر الجماعات الفلولية، التى أشعلت نارا بين الفريقين؛ لكى تغطى على الفاسدين الذين يريدون أن يفلتوا من مقصلة الثورة عن طريق تقويضها وتفريغها من مضمونها لإعادة إنتاج نظام هزيل لا يقوى على اقتلاع الفساد. ويبدو أن مواجهة الفساد هى كلمة السر التى ستوحد الصفوف مرة أخرى لاستكمال أهداف الثورة. فالرئيس محمد مرسى أطلق تحذيرات شديدة فى زيارته الأخيرة أمس الأول إلى أسيوط ضد الأفاعى التى ما زالت تنخر فى جسد الوطن.. وفى مساء اليوم نفسه أرسلت الرئاسة إلى عدد من رموز القوى الوطنية، منهم حمدين صباحى، لكى تجتمع بها ويتحاوروا معا حول عدد من القضايا. كما سيعقد الرئيس لقاءات أخرى مع الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والدكتور محمد البرادعى وعمرو موسى وغيرهم. من المؤكد أن سرعة تحرك الرئاسة لتوحيد الصفوف، بعد إعلانها عن خوض الحرب ضد الفساد، تؤكد أن الدولة مقبلة على حالة طوارئ من أجل استعادة الزخم الثورى مرة أخرى، بعد أن استطاعت الأفاعى المختبئة أن تطل برأسها مرة أخرى على الوطن، وتوجه للشعب عددا من اللدغات القاتلة، التى أدت إلى تفجير أزمات فى الوقود والبوتاجاز والخبز والأمن، وما يحدث فى سيناء ليس ببعيد. أتوقع إحالة عدد من الأسماء المعروفة واللامعة إلى جهات التحقيق فى الفترات المقبلة.. كما أتوقع الكشف عن مفاجآت رئاسية وقرارات جريئة تكشف المزيد من الفاسدين وتقرب فرقاء الثورة لاستكمال ما بدءوه معا فى ميدان التحرير. المهم.. هل كل طرف مستعد للتضحية من أجل استكمال مسيرة الثورة؟ وهل نفوسنا صافية لكى نتقبل الأعذار ونوحد الصفوف؟ وهل نحن أصلا مستعدون للحوار؟