انطلاق برنامج أخلاقيات البحث العلمي لأعضاء الهيئة المعاونة بجامعة الفيوم    «قنا» تحصد منصبين في تشكيل مجلس نقابة المحامين على مستوى الجمهورية    التأمين الصحي ببني سويف يشارك بفعاليات مبادرة "بداية" بتوعوية طلاب في المدارس    وزير التموين: التجارة الداخلية تساهم في تلبية احتياجات السوق المحلية    السيسي في جلسة مباحثات مع بوتين: نقدر الدعم الروسي لانضمام مصر ل«بريكس»    النائب العام يناقش مكافحة الجريمة المنظمة وتعزيز العدالة بمنتدى النواب العموم لمجموعة العشرين    سلوت: لن أعلق على نظام دوري الأبطال الجديد قبل الإقصائيات    موقف وسام أبو علي من مباراة الأهلي والزمالك في السوبر المصري    غزل المحلة يستضيف طنطا استعدادًا لمواجهة الإسماعيلي في الدوري الممتاز    أصعب ساعات أكتوبر.. بيان مهم بشأن تغير حالة الطقس: درجات الحرارة 9 مئوية ليلا    حنين الشاطر تبدأ حفلها في مهرجان الموسيقى العربية بأغنية «اسمعوني»    مسئول أمريكى: بلينكن لن يزور الأردن غدا لكنه سيتوجه إلى السعودية    لقطات من البروفة الأخيرة لأوبريت "راحت عليك" بطولة أحمد عفت وسمية وجدى    مرض ارتفاع وانخفاض ضغط الدم: الأسباب الأعراض والعلاج    الذكاء الاصطناعي يستعد لإزاحة المحاسب والمبرمج.. 5 مهن قد تختفي قريباً    خبير اقتصادي: قمة بريكس جاءت في توقيت شديد الصعوبة بسبب الأزمات الاقتصادية العالمية    بالخطوات.. طريقة الاستعلام عن فاتورة التليفون الأرضي 2024 وسدادها أونلاين (رابط مباشر)    وزيرة التضامن تكرم عددًا من النماذج الملهمة في إطار مبادرة "الأب القدوة"    بعد انتهاء برغم القانون، عايدة رياض تستأنف تصوير "جودر 2" و"220 يوم"    المصري يختتم ودياته في معسكر المغرب ب لقاء شباب المحمدية غدا    حابس الشروف: مقتل قائد اللواء 401 أثر في نفسية جنود الاحتلال الإسرائيلي    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الصبر أهم مفاتيح تربية الأبناء والتخلص من القلق    دَخْلَكْ يا طير «السنوار»!    بلاغ للنائب العام.. أول رد من الصحة على مروجي فيديو فساد التطعيمات    قطار صحافة الدقهلية وصل إدارة الجمالية التعليمية لتقييم مسابقتى البرنامج والحديث الإذاعى    أمين الفتوى: النية الصادقة تفتح أبواب الرحمة والبركة في الأبناء    إعادة تنظيم ضوابط توريق الحقوق المالية الناشئة عن مزاولة التمويل غير المصرفي    منافس بيراميدز - بعد تعادلين في الدوري.. الترجي يعلن رحيل مدربه البرتغالي    باحث سياسي: الاحتلال أرجع غزة عشرات السنوات للوراء    محافظ أسوان يتفقد مشروع إنشاء قصر الثقافة الجديد في أبو سمبل    صلاح البجيرمي يكتب: الشعب وانتصارات أكتوبر 73    هبة عوف: خراب بيوت كثيرة بسبب فهم خاطئ لأحكام الشرع    مساعد وزير الصحة: تنفيذ شراكات ناجحة مع منظمات المجتمع المدني في مختلف المحافظات    بعد تصريحات السيسي.. الحكومة تطلب من "صندوق النقد" مد أجل تنفيذ إصلاحات البرنامج الاقتصادي    النائب العام يلتقي نظيره الإسباني لبحث التعاون المشترك    أزمة نفسية تدفع سائقا للقفز في مياه النيل بالوراق    ولى العهد السعودى وملك الأردن يبحثان تطورات الأوضاع بمنطقة الشرق الأوسط    نقيب المحامين يوقع مذكرة تفاهم مع وفد من هونج كونج ومركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي    غادة عبدالرحيم: الاستثمار في بناء الإنسان وتعزيز الابتكار أهم ما تناولته جلسات مؤتمر السكان    وزيرة التضامن ب«المؤتمر العالمي للسكان»: لدينا برامج وسياسات قوية لرعاية كبار السن    ذوي الهمم في عيون الجامع الأزهر.. حلقة جديدة من اللقاء الفقهي الأسبوعي    وزير التعليم العالي: بنك المعرفة ساهم في تقدم مصر 12 مركزًا على مؤشر «Scimago»    الفنون الشعبية تستقبل تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني بأسوان    بعد التحرش بطالبات مدرسة.. رسالة مهمة من النيابة الإدارية للطالبات (تفاصيل)    «القومي للطفولة والأمومة»: السجن 10 سنوات عقوبة المشاركة في جريمة ختان الإناث    إصابة 3 أشخاص في حادث سير بالعريش    السجن المشدد 6 سنوات ل عامل يتاجر فى المخدرات بأسيوط    رئيس "نقل النواب" يستعرض مشروع قانون إنشاء ميناء جاف جديد بالعاشر من رمضان    كوريا الشمالية تنفي إرسال قوات لروسيا لمساعدتها في حربها ضد أوكرانيا    رومانو يكشف عرض نابولي لتجديد عقد كفاراتسخيليا    الاعتماد والرقابة الصحية تنظم ورشة عمل للتعريف بمعايير السلامة لوحدات ومراكز الرعاية الأولية    وزير الزراعة يطلق مشروع إطار الإدارة المستدامة للمبيدات في مصر    نائب وزير المالية: «الإطار الموازني متوسط المدى» أحد الإصلاحات الجادة فى إدارة المالية العامة    بعد إعلان التصالح .. ماذا ينتظر أحمد فتوح مع الزمالك؟    من أكرم إلى ياسر في مسلسل برغم القانون.. لماذا ينجذب الممثلون لأدوار الشر؟    تفاصيل جلسة حسين لبيب مع رئيس اتحاد الكرة بشأن نهائي كأس السوبر المصري    دعاء عند نزول المطر.. فرصة لتوسيع الأرزاق    بينهم صلاح.. أفضل 11 لاعبا في الجولة الثامنة من الدوري الإنجليزي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا يكرهون الإسلام وهو الحضارة والهوية؟


بقلم أ.د. توفيق الواعى
عاشت الأمة الإسلامية حوالى أربعة عشر قرنًا الأمة الأولى فى العالم، لأنها عاشت الإسلام هوية وسلوكًا ومنهجًا وحياة، ثم خلف من بعدهم خلوف بعدوا عن الإسلام الصحيح فهمًا وفكرًا وسلوكا، فتخلفوا فى العلم، وجمدوا فى التفكير، وركدوا فى الفقه والتشريع، وقصروا فى التربية والتوجيه، وفسدوا فى الحكم والإدارة، فزحف عليهم عدوهم الذى ارتشف منهم، فحفظ وضيَّعوا، وعمِلَ وبدَّدُوا، وتفوق عليهم بعد أن كانوا أساتذته، فبهر أبصارهم، وخلب ألبابهم، وبدأ العدو الزاحف يخطط للاستيلاء على تلك الشعوب الهامدة، وهذه العقول المبهورة، فاستعمر أرضها، وملك فكرها، وربى جيلا مشبوها مشوها، حركه بعد رحيله، ووجهه بعد سفره، وكان له العقل المخطط، والفكر المنفذ، فأفسد بهم التعليم، ونسف بهم العقائد، وخرَّب بهم الأُسر، وعلمهم الشرود، ولم يعطهم الحقيقة، وبث فيهم الأقوال ولم يورثهم الأعمال، وقدَّم إليهم القشور، وحجب عنهم اللباب، ووجههم إلى الثرثرة، ومنعهم البحث، ودربهم على السفسطة، وأذْهَلهم عن الاختراع، أوحى إليهم أن الحرية ضياع، ووسوس إليهم أن الفكر إلحاد، وأن البذاءة فلسفة، والتحلل مدنية، والرذيلة فن، والجاهلية فلكلور وتراث وثقافة، فأصبح التعليم أخلاطًا من السموم، وأنواعًا من العلل، وأصبح الترقى فيه أثقالاً على كواهل الأمم، وخلقًا للمشاكل، وحلقة مفرغة، وصرخة فى واد، ولا عجب إذ ترى أن من أممنا اليوم من أخذت بأسباب هذا العلم من أربعين عامًا أو يزيد، وبلغت فيه ما تظنه الغاية، وهى الآن لا تستطيع أن تصنع عربة للخيول، أو مغزلاً تنسج به ما يوارى عورتها، أو رصاصة تدافع بها عن النفس، وأظنها لو لم تتعلم لفعلت ذلك وفاقته.
وقد صرحت المبشِّرة (أنا ميلجان) عن الهدف من التعليم فى هذه الأمم ومهمته فى بلاد العرب والمسلمين فقالت: (إن المدارس أقوى قوة لجعل الناشئين تحت تأثير التعليم الإلحادى، وهذا التأثير سيستمر حتى يشمل أولئك الذين سيصبحون يوما ما قادة أوطانهم).
وتقول أيضًا عن كلية البنات الخاصة بالقاهرة : (فى كلية البنات فى القاهرة بنات آباؤهن باشوات وبكوات، وليس ثمة مكان آخر يمكن أن يجتمع فيه مثل هذا العدد من البنات المسلمات تحت النفوذ الاستعمارى، وليس ثمة طريق إلى دحض الإسلام أقصر من هذه المدرسة).
ويقول المستر بثروز -رئيس الجامعة الأمريكية فى بيروت-: (لقد أدى البرهان إلى أن التعليم أثمن وسيلة استغلها المبشرون الأمريكيون فى سعيهم لتنصير سوريا ولبنان).
ويقول المبشر جون تكلى: (يجب أن نشجع إنشاء المدارس وأن نشجع على هذا الأخص التعليم الموجه، إن كثيرًا من المسلمين قد زعزع اعتقادهم حينما تعلموا، وإن الكتب المدرسية الغربية تجعل الاعتقاد بكتاب شرقى مقدس أمرا صعبا جدا).
ويقول القس الشهير (زويمر) فى وصاياه للمبشرين: (ينبغى ألا يقنطوا إذا رأوا نتيجة تبشيرهم للمسلمين ضعيفة؛ إذ من المحقق أن المسلمين قد نما فى قلوبهم الميل الشديد إلى علوم الأوروبيين وتحرير النساء).
ومن هذه الخطة وهذه الهجمة الحاقدة الساخطة نشأ جيل مهجن ورث الإسلام أسماء وأشكالاً فارغة، ورفضه تربية وقوانين وهدفا ورسالة، فكان الفشل فى كل شىء:
فى المجال الاقتصادى.. حيث لا إنتاج، ولا عدالة فى التوزيع، ولا تكافؤ للفرص، ولا استقرار على نظام معين، بل تأرجح بين هذا وذاك.
فى الحريات وطمأنينة الشعوب.. وحدّث عن ذلك ولا حرج، فالمعتقلات والسجون والظلم، والطغيان، وتكميم الأفواه، واللعب بالأموال، والعبث بالأعراض... فاقت كل تصور.
فى المجال العسكرى.. وما إسرائيل المزعومة (كما سميت) إلا محك هذه الشعوب وتلك الأوطان حتى التى تولى قيادتها عسكريون، فما استطعنا صنع شىء، أو رسم خطة، أو كسب معركة، أو منع توسع، حتى بعد شراء السلاح بمئات الملايين، واستقدام الخبراء، وإطلاق الحناجر، ودبلجة الشعارات.. وأصبح الحلم الذى يرى فى اليقظة إزالة آثار العدوان، وفى الحديث النبوى الشريف: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت».
فى المجال الأخلاقى.. فى المجال الإسلامى.. فى المجال العربى.. فى المجال العالمى.. فى المجال الحضارى.. كل هذه المجالات كان الرسوب فيها مهولا أذهل الغيورين على أمة الإسلام وأزعجهم، والسؤال الآن بعد وقفة تفكر وبرهة تعقل (لماذا يكرهون الإسلام؟) هذا المنهج المتكامل الذى برئ من العوج والانحراف، الذى يعطى الجواب الصحيح عن كل مسألة، ويحكم بالحق فى كل مشكلة، المنهج الذى لا منقذ غيره للناس مما هم فيه من شقوة وعذاب وهوان وحيرة واضطراب مفتاح الشخصية الإسلامية والعربية، الذى يفجر طاقاتها المكنونة، وجمع صفوفها المبعثرة، وانطلق بها بقوة الصاروخ نحو أهدافها، فأخرج العالم من الظلمات إلى النور.
ولماذا يعادونه ويحاولون القضاء على دعاته والمنتسبين إليه، ألأنهم يجهلون قدره، ولا يعرفون ما فيه من الحق؟ كلا.. فهم يكرهون الإسلام وهم يعلمون ما فيه من الحق والخير، وبأنه هو الذى يقوِّم ما اعوج من شئون الحياة، يكرهونه لأنه نور كاشف، وهم لا يحبون النور، يكرهونه لأنه يكشف عن كل انحراف، وهم يخشون على شهواتهم ومصالحهم ومنافعهم وأهوائهم التى اختلسوها اختلاسًا فى غيبة النور، إن أى طاغية فى داخل العالم الإسلامى، سواء أظهر عداوته للإسلام أو سترها، لا يمكن أن يطبق الإسلام أو يهادن دعاته، لسبب بسيط جدًا؛ لأن الإسلام يجعل ولاء الناس لله، بينما هو يريد أن يكون ولاء الناس له، ولأن الإسلام يُحَرِّم أموال الناس وأعراضهم ودماءهم، وهو يريد أن يأخذ ويهتك ويسفك، ولأن الإسلام ينفى العبودية عن الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا، وهو يريد أن يُعبِّدهم لهواه، وهؤلاء دائما لا تكون قوتهم من أنفسهم أو إرادتهم الذاتية، إنما هى نابعة من غيرهم يقيمهم تارة الاستعمار الشيوعى أو الصليبى أو الصهيونى، ويحركهم على مسارح الأحداث وفق أهواء مشتركة ومصالح متشابكة، وعجيب أن تعمى الحقائق، وتقلب القيم فى دقائق معينة، دون رفق بالعقول، ورأفة بالأفهام، فيسمى التعصب اليهودى سماحة، والتسامح الإسلامى تعصبا، والإرهاب الصهيونى دفاعًا عن النفس، والدفاع الإسلامى بالكلام فتنة، والإثارة والعنصرية والتآمر والحقد حضارة، والدعوة إلى الأخوَّة والإيمان انحرافًا!!، عجيب أن تكال التهم للبرىء، ويتربص بالآمن، ويسب الكريم، ويُهان المخلص، ويُحتقر العامل، ويُزدَرى الرجال، بينما يصادق العدو، ويُمدَح الضال، ويُحَبُ المتربص، ويُصفقُ للبوم والغربان.
وبعد.. نقول لكل متحامل: حنانيك لا تقطع يدك فهى قوتك، ولا تقتل أخاك فهو ردؤك، وأفسح الطريق لرجال الصدق، ومناهج العدل، فهم قادمون.
﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ (يوسف: 21).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.