"التوك توك" ليس هو تلك العلبة الصفيح التى تسير فى شوارع مصر بلا حسيب ولا رقيب وتنشر الفوضى المرورية، على الرغم من أنه أصبح مصدر رزق لمئات الشباب العاطلين والأسر الفقيرة ومرادفا أيضا لجرائم كثيرة وقعت مؤخرا.. وليس هو تلك العربة هندية الأصل ذات العجلات الثلاث والغطاء البلاستيكى والعبارات الخادشة أو الطريفة التى تكتب على خلفيته.. ولا هو الأطفال الصغار الذين يقودونه كأنه لعبة يتسابقون بها مع السيارات. ولكن (التوك توك) أصبح ثقافة تنتشر كالمرض فى مصر.. ثقافة العشوائيات والفوضى والانفلات إذا جاز التعبير.. أصبحت الكلمة تطلق على كل ما هو فوضوى.. حتى الفضائيات انتقلت لها الكلمة، فأصبحت هناك قناة تسمى (توك توك) متخصصة فى عرض أفلام المقاولات التى تميزت بالفوضى والرقص الخليع والعبارات الخادشة، ناهيك عن الصخب الموسيقى والتلوث السمعى الذى يميز التوك توك وهو يسير فى الشوارع. (التوك توك) أصبح أيضا ثقافة يتداولها السياسيون الفوضويون ومدعو الثورية ممن يعارضون لمجرد المعارضة أو رغبة فى اعتلاء كرسى الحكم فقط.. أصبح ثقافة للاختلاف والصراع وفوضى التصريحات والتسميم السياسى والتخوين، لأن "سياسيى التوك توك" لم يعتادوا الحياة السياسية الصحية وعاشوا فى أجواء سياسية ملوثة أفقدتهم معرفة طبيعة الحياة السياسية السليمة. (التوك توك) أصبح أيضا عنوانا للفوضى الإعلامية وأكاذيب الصحف والفضائيات الخاصة.. فضائيات رجال الأعمال الذين يستخدمونها لإفساد الذوق العام ونشر الانحلال أو لإفساد الحياة السياسية النظيفة التى بدت بعد الثورة وتشويه كل ما هو جميل عبر "صحف التوك توك" و"فضائيات التوك توك"، وبرامج "التوك توك" المسماة ظلما "التوك شو". الزحام وغياب الرقابة وسوء السلوك والعشوائية والتسيب وبطء الحركة، كلها أوصاف ارتبطت بانتشار التوك توك فى مصر، لكنها عششت فى عقول نخبة من السياسيين الفاشلين والمرضى بالكذب ونشر الشائعات ومدعى الثورية، فأصابت مصر كلها بالفوضى وحولتها إلى "توك توك" كبير بطىء يحتاج إلى ضبط أدائه ونفض ثقافة الفوضى هذه عنه، وحينها لن نشكو من "عربة" التوك توك نفسها. مثلما زادت أعداد التوك توك حتى أصبحت تقترب من المليون عربة فى مصر، زاد التسيب والعشوائية فى تصريحات من يحملون ثقافة التوك توك، حتى رأينا أحدهم يقول إن الرئيس (المنتخب) محمد مرسى اغتصب السلطة من المجلس العسكرى(!)، وآخر يقول إن الفريق أحمد شفيق فاز ب58% من أصوات الناخبين ولكن المجلس العسكرى تواطأ مع الإخوان وأسقطه وأنجح مرسى!!. مشكلة "عربة" التوك توك أنها نشرت الفوضى والتسيب فى شوارع مصر، ووقفت الشرطة تتفرج عليها متصورة أن ذكر اسم (التوك توك) على لسان رئيس الجمهورية أعطى لسائقيه حصانة من المساءلة عن الفوضى التى يحدثونها فى شوارع مصر دون تراخيص.. أما مشكلة "ثقافة" التوك توك فهى أنها نشرت الفوضى والتسيب فى عقول المصريين وحولت الثورة إلى فوضى وعشوائية فى السلوك، وهذا ما يريده أعداؤها.. فانتبهوا.