في الوقت الذي ينتظر فيه المصريون توقيع اتفاق يعيد السياحة الروسية لمصر، أو إعلان بدء روسيا في بناء المفاعل النووي المصري في الضبعة، وهي الملفات التي تتلكأ فيها روسيا بشكل كبير منذ سنوات من العلاقات السياسية الحميمية بين موسكو والسيسي.. فاجأت روسيا العالم بإعلان توقيعها اتفاق مع قائد الانقلاب العسكري في مصر بيسمح بالاستخدام المتبادل للقواعد العسكرية والمطارات العسكرية بين مصر وروسيا. نشرت الحكومة الروسية الخميس الماضي، مسودة اتفاق بين روسيا ومصر يسمح للطائرات العسكرية للدولتين بتبادل استخدام المجال الجوي والقواعد الجوية.
ويتضمن المرسوم الحكومي، الذي يحمل توقيعًا بتاريخ 28 نوفمبر الماضي، أمرًا لوزارة الدفاع الروسية بإجراء مفاوضات مع المسؤولين المصريين وتوقيع الوثيقة بمجرد توصل الطرفين لاتفاق.
ونقلت صحيفة "ازفيستيا" الروسية في حينها عن مصدر في الخارجية الروسية، مقرب من وزارة الدفاع، أن الجانب الروسي طالب بالفعل باستئجار المنشآت العسكرية، موضحًا أن القاعدة ستكون جاهزة للاستعمال بحلول عام 2019.
وبحسب مراقبين، فإن سماح النظام، لروسيا باستخدام المطارات والقواعد الجوية المصرية، يُعد ضربة للأمن القومي المصري. كما أن الشرط الثاني من الاتفاقية، والذي يسمح للطائرات المصرية باستخدام القواعد الروسية، عديم القيمة لعدم حاجة مصر إليه.
كما يرى بعض المراقبين أن الاتفاق معمول به منذ سنوات على أرض الواقع؛ حيث إن القوات الروسية تستخدم القواعد المصرية في "سيدي براني" بالفعل، وجاء الإعلان لمزيد من الضغوط على أمريكا واللفاء الخليجيين، لدعم تعاونها الاقتصادي مع نظام السيسي.
تداعيات كارثية
وتتمحور كوارث الاتفاق، في استباحة المجال الجوي المصري؛ حيث تصل الطائرات الروسية إلى قلب ليبيا عبر مطارات مصر، وتخلق مزيدًا من الفوضى والاضطرابات الأمنية في ليبيا - لصالح حفتر - ما ينعكس سلبًا على المصريين في الداخل الليبي أو توجيه ضربات انتقامية مسلحة من أطراف مناوئة لحفتر، يكون مجالها مصر.
كما يصب الاتفاق في صالح روسيا في مواجهتها المتصاعدة مع واشنطن، التي سبق أن حذرت السيسي ومصر من التلاعب في المعاددلة الليبية عبر الاعمال العسكرية المجهولة المصدر، التي تعتمدها الإمارات ومصر عبر مطارات وقواعد غرب مصر، التي باتت في قبضة "عيال زايد"!
المصالح الروسية
وفي يوليو الماضي، وخلال زيارة وزير الدفاع الروسي القاهرة، جرت عدة اتفاقات بين الطرفين، تتجه بمقتضاها روسيا ومصر إلى الغنيمة الليبية للاستفادة من التدفقات النفطية الكبيرة التي تملكها ليبيا، والعمل سويًا علي دعم اللواء المتقاعد خليفة حفتر في معركته ضد حكومة الوفاق، ولأن استمرار مصر في لعب هذا الدور يحتاج الي دعم دولي، إذًا فليس أمامها سوى روسيا التي تحتاج بدورها إلى دور جديد في ليبيا يعوض خسائرها في سورية، خاصةً وأن الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي لن يقبل بدور مصري كبير ولا حتى بدور روسيا.
إلا أن تعاون الطرفين المصري والروسي ودعمهم لحفتر في ليبيا بشكل حقيقي وواقعي علي أرض المعركة يمكن أن يسهم في تقوية مواقفهم، علي أن تتولي الإمارات عملية التمويل؛ الأمر الذي يعني أننا قد نكون بصدد تطوير للمعارك في ليبيا خلال الفترة المقبلة، ومن ثم تعقيد الصراع والقضاء علي المساعي السياسية التى شهدتها ليبيا واسفرت عن تشكيل المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الليبية، وهو ما قد يسفر عن تطورات دراماتيكية على الصعيد المصري مستقبلاً!.