يمضي الاقتصاد التركي بقوة وثقة، متجاوزا محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت منتصف يوليو الماضي 2016م؛ وكشفت الأرقام عن أن الاقتصاد التركي حقق نموا قدره 5% في الربع الأول من العام الحالي، وحل ثالثا بين أقوى 20 اقتصادا بالعالم بعد كل من الصين والهند، ومتجاوزا جميع نسب النمو في الدول الأوروبية. وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في تصريحات صحفية: "إن الاقتصاد التركي حقق نموا في الربع الأول من العام الحالي، حيث بلغ 5%، وهو ما يشكل ضعف متوسط مستوى النمو في أوروبا الذي بلغ 2.4%". وأشارت بيانات معهد الإحصاء التركي، إلى أن النمو في الربع الأول من العام سجل 5%، متجاوزا التوقعات بنموه بنسبة 4%. تحسن العلاقات "الروسية- التركية" ويرى خبراء أن عودة السياحة والصادرات، خاصة بعد تحسن العلاقات مع روسيا، تعد من الأسباب المهمة في ارتفاع نسبة النمو، حيث واصلت الصادرات التركية ارتفاعها للشهر السابع على التوالي، بتسجيلها نموا بلغ نحو 15.8% خلال شهر مايو الماضي. وبحسب المحلل الاقتصادي جيواد غوك، فقد استفادت تركيا من تراجع نسبة النمو في الدول الأوروبية والشرق الأوسط، فزادت من الصادرات وخاصة الصادرات الزراعية. وقال غوك، بحسب الأناضول: إن تحسن العلاقات التركية مع روسيا وبدء تدفق السياح، عوامل ساهمت في زيادة نسب النمو، وتنشيط الأسواق الداخلية، فضلا عن استقطاب استثمارات خارجية ضخمة خلال الربع الأول من العام الحالي، من منطقة الخليج العربي، سواء بقطاع السياحة والعقارات، أو بالقطاع الزراعي. وأشار المحلل التركي إلى أن الجهود والإجراءات التي اتخذتها حكومة يلدريم، ساهمت في زيادة نسبة النمو، سواء ما يتعلق منها بتشجيع الاستثمار الخارجي، وإصدار تسهيلات وإعفاءات، أو ما يتعلق بضبط سعر الصرف، بعد الهزة التي أعقبت الانقلاب الفاشل، العام الماضي، وأثرت على تراجع سعر صرف الليرة التركية، ما زاد من ثقة المستهلكين. أما نائب رئيس الوزراء التركي لشئون الاقتصاد محمد شيمشك، فقال: إنّ ارتفاع نسبة الصادرات ساهم بشكل كبير في تحقيق الاقتصاد التركي نموا بلغ 5% خلال الربع الأول من العام الحالي. وأوضح شيمشك- في مقابلة مع إحدى القنوات التركية- أنّ نسبة الصادرات خلال الأشهر الثلاثة الأولى، شكّلت 2.2% من إجمالي نمو الاقتصاد التركي في هذه الفترة. وأضاف شيمشك أنّ القسم المتبقى من نسبة نمو الاقتصاد التركي والبالغ 2.8%، يعود إلى زيادة طلب الأسواق الداخلية وتعاظم القوة الشرائية الداخلية. وأشار شيمشك إلى أن الاقتصاد التركي لم يحقق نموا كبيرا فقط خلال الربع الأول من العام الحالي، بل كان هذا النمو متزنا ومتماسكا، معتبرا أنّ نسبة النمو هذه بعثت الثقة بالأسواق المحلية وساهمت في تغيير نظرة المستثمرين الأجانب بالنسبة لصلابة الاقتصاد التركي. توقعات إيجابية لمؤسسة فيتش هذا وتوقعت مؤسسة فيتش العالمية للائتمان، أن ينمو الاقتصاد التركي بنسبة 4.7% خلال عام 2017، بعد أن كان توقعها أقل من ذلك. وقالت المؤسسة عن الاقتصاد التركي: "إن انتهاء الاستفتاء، وتحديد موعد الاستفتاء القادم في 2019، ووضوح الرؤية السياسية، قد يدعم الاستثمار والاستهلاك حتى منتصف عام 2019". وأشار تقرير مؤسسة فيتش أن ارتفاع الفوائد البنكية واستقرار سوق العملات الأجنبية، أدى إلى تباطؤ التضخم السنوي للمرة الأولى خلال شهر مايو 2017. وكشف عن توقعاته حول نمو الاقتصاد التركي خلال عامي 2018 و2019، مشيرًا إلى أن معدلات النمو من المتوقع أن تسجل 4.1%. وتوقع التقرير أن يتراجع التضخم في الاقتصاد التركي خلال العام المقبل ليسجل 7.5% خلال عام 2018، و7.3% خلال عام 2019، بعدما كان 9.5 خلال العام الجاري. ورفع الاتحاد الأوروبي، في مايو، توقعات نمو الاقتصاد التركي في 2017 إلى 3%، بعدما كان يتوقع نموا بنسبة 2.8%. في حين أكد أن النمو سيستمر في العام المقبل، من 3.2% إلى 3.3%. ويعتبر هذا الرقم المتوقع في معدلات النمو مرتفعا، خصوصا في ظل التوترات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تحيط بتركيا. ويشير الخبراء إلى الاقتصاد التركي شهد انكماشا بنسبة 1.8% في الربع الثالث من 2016، إلا أنه تمكن من تحقيق نمو بنسبة 3.5 % خلال الربع الأخير من العام نفسه، محققا نموا بنسبة 2.89%. وشهدت العديد من القطاعات الاقتصادية تحسنا ملحوظا، وأبرز القطاعات: القطاع الصناعي، فقد شهد قطاع الصناعة تراجعا في يوليو 2016 بنسبة 6.8 %، مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن عجلة الصناعة تمكنت من تحقيق نمو بفضل سرعة الإنتاج خلال آب/ أغسطس، حيث حقق نموا بنسبة 8.7%. ووفقا للمعلومات، فإن قطاع التجارة الخارجية تمكن من تخطي آثار المحاولة الانقلابية بسرعة، وفشلت الحملات الدعائية للتنظيمات الإرهابية التي واصلت خلق رأي عام سلبي عن الاقتصاد التركي في الخارج. وتراجع حجم التجارة الخارجية التركية خلال يوليو بنسبة 24%، في حين تمكن من تحقيق ارتفاع بنسبة 16% في أغسطس الماضي. وشهدت نسبة الصادرات التركية تراجعا خلال يوليو، بنسبة 11.5% إلا أنه عاد وشهد انتعاشا بنسبة 7.4%. وفي مطلع العام الحالي، أظهرت أرقام التجارة الخارجية زيادة بنسبة 17.9%، في حين شهدت تلك الأرقام تذبذبا في 2016. وتجاوز حجم الصادرات التركية خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي 64.3 مليار دولار. وشهدت الواردات التركية خلال يوليو 2016 تراجعا بنسبة 19.4%، في حين شهدت زيادة بنسبة 4% في أغسطس من العام نفسه. وفي العام الحالي، بلغت الواردات التركية زيادة خلال الفترة ما بين يناير مايو الماضي قرابة 90 مليار دولار. طفرة بالسياحة أما السياحة، فقد شهدت ارتفاعا في عدد الزائرين الأجانب. إذ أظهرت بيانات من وزارة الثقافة والسياحة مطلع الشهر الماضي، أن عدد هؤلاء قفز إلى 18.1% على أساس سنوي في أبريل ليصل إلى 2.07 مليون شخص. وهذه هي الزيادة الأولى على أساس سنوي منذ يوليو 2015، وكان عدد السياح الزائرين لتركيا قد هبط بنسبة 30% العام الماضي؛ بسبب المخاوف الأمنية إثر الانقلاب الفاشل. الاستثمارات الخارجية وارتفعت استثمارات الدول الخليجية في تركيا بنسبة 414%، لترتفع من 107 ملايين إلى 550 مليون دولار، خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي، وفق معطيات وزارة الاقتصاد التركية. كما ارتفع حجم الاستثمارات الدولية المباشرة لدول الاتحاد الأوروبي في تركيا، بنسبة 42%، ليبلغ 1.7 مليار دولار خلال الفترة ما بين يناير وصولا إلى أبريل 2017. وأثرت "دعوة التوظيف" التي أطلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في اجتماع "شورى الاقتصاد" الذي عقده اتحاد البورصة وغرف التجارة التركية، مطلع فبراير الماضي، بشكل إيجابي على تراجع البطالة بنسبة 11.7% في مارس الماضي، في الوقت الذي شهدت ارتفاعا العام المنصرم وصل إلى 10.7% وبنسبة 13% في يناير 2017.