ظهرت العلاقة الحميمة بين الكنيسة ونظام العسكر بقيادة السفيه عبد الفتاح السيسي عقب انقلاب 2013؛ وتبدو هذه العلاقة حاليًا معرضة لهزات متصاعدة بتزايد الجرائم التي يرتكبها السيسي ضد المسيحيين، ليوظفها فيما بعد في خدمة أجندته لتصفية الخصوم، والسؤال لماذا يسمح البابا تواضروس – شريك الانقلاب- بجعل شعب الكنيسة كبش فداء لطموح شريكه في 30 يونيو ؟، وهل تحولت الكنيسة في عهد تواضروس إلى حزب سياسي ظهير للعسكر؟. قبل دقائق من صلاة الجمعة أمس، فوجئ المصريون بأنباء عاجلة تفيد بتعرض حافلة تقل مواطنين مسيحيين لهجوم مسلح بالأسلحة الآلية، في منطقة صحراوية مؤدية إلى دير الأنبا صموئيل بالمنيا، وأعلنت سلطات الانقلاب في بداية الأمر أن عدد القتلى 3 فقط، علاوة على عدد من الإصابات، قبل أن يتضح لاحقا أنها كانت مجزرة على موكب مكون من حافلتين وسيارة ربع نقل كانت جميعها متجهة للدير، لتعلن وزارة الصحة عن أن عدد القتلى بلغ 26، بينما أكد شهود عيان أنهم تجاوزوا الثلاثين.
واعتاد المسيحيون في مصر على الذهاب إلى الكنائس والأديرة، صباح كل جمعة، بصحبة العائلات والأطفال، لقضاء يوم كامل تتخلله كثير من الصلوات والأنشطة هناك، لاعتبار "الجمعة" عطلة رسمية في مصر.
التخلص من الإسلاميين وحين شارك رأس الكنيسة الأرثوذكسية البابا تواضروس في مشهد انقلاب 2013 لم يكن يستهدف مجرد اللقطة، بل بدا من ناحية مُمْتَنًّا للتخلص من حكم وُصف ب"الإسلامي"، ومن ناحية أخرى باحثا عن أمان له ولطائفته توهّم أن قائد الانقلاب الجنرال السيسي قادر على تحقيقه.
يقول الكاتب الصحفي "قطب العربي" :" على عكس ما كانت عليه العلاقة الحميمة بين الأقباط ونظام عبد الفتاح السيسي عقب انقلاب 3 يوليو 2013؛ تبدو هذه العلاقة في الوقت الحالي معرضة لهزات متصاعدة بتزايد جرائم العنف الطائفي ضد الأقباط وممتلكاتهم وكنائسهم، وعدم استطاعة السلطات الحاكمة توفير الحماية التي وعدتهم بها مقابل دعمهم لها".
الواقع أثبت أن الأمان الذي بشر به السيسي المسيحيين لم يتحقق، بل إن نسبة الاعتداءات -التي تعرض لها الأقباط وبيوتهم وكنائسهم- تضاعفت في عهد السيسي فقاربت جملة ما وقع في 30 سنة سابقة، كما تضاعف عدد قتلى المسيحيين في أحداث عنف طائفي ليوازي جملة من قُتل منهم خلال نصف قرن تقريبا.
رغم الدم.. السيسي أفضل! من جانبه، أكد جورج حنا سيدهم، الناشط الحقوقي إن المسيحيين المصريين في حالة انقسام بشأن حالة الرضا عن سلطات الانقلاب، فهناك فريق ينتابه غضب شديد من العسكر عقب تكرار حوادث الإرهاب ضدهم، نتيجة الشعور بفشل السيسي في تأمين المصريين عموماً والمسيحيين على وجه الخصوص، وهذا الغضب ليس وليد العمليات الإرهابية فقط، لأن العسكر تسببوا في أزمات للأقباط، وعلى رأسها إشعال حوادث طائفية.
مشيراً أنه رغم حالة الغضب، إلا أن هناك إجماعًا على ضرورة مساندة السيسي في الحرب ضد الإخوان، لأن البديل ليس أفضل للكنيسة، فرغم تعدد الجرائم الإرهابية ضد المسيحيين في عهد السيسي، إلا أنه يعتبر الأفضل لهم من حيث حصولهم على عدد كبير من المقاعد في البرلمان، وخروج قانون بناء الكنائس، ومكاسب المسيحيين السياسية ومناصبهم في الحكومة. وطالب الناشط الحقوقي الحكومة بضرورة العمل جيدًا على الحد من حوادث الإرهاب ضد الكنائس، حيث سيصب ذلك نحو تحقيق المزيد من الوفاق بين السلطة والكنيسة، وما دون هذا سيؤدي ذلك في النهاية إلى انفجار الوضع وتراجع الكثير من شباب الأقباط عن دعم السيسي في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
أحضان تواضروس ومن مكاسب "تواضروس" جراء عمليات القتل التي يقوم بها السيسي ضد المسيحيين، تسويق الخوف من المجهول الإسلامي لدى المسيحيين لضمان دعمهم للانقلاب، وأن تلك العلميات الإرهابية "العسكرية" أعادت المسيحيين مجددا إلى التخندق داخل الكنيسة، واعتمادها ممثلا شرعيا وحيدا لهم أمام النظام.
وهذا يعني مباشرة تقوية شوكة "تواضروس" وسلطانه بين المسيحيين، وفقدان الثقة في قدرة القوى السياسية والحزبية والكيانات المدنية على التعبير عن هموم ومشاكل المسيحيين، وهي الصيغة التي ظلت ملازمة للحالة المسيحية طيلة عهد البابا السابق الأنبا شنودة الثالث، وهي صيغة رفضها العلمانيون المسيحيون، وسعوا إلى تغييرها دون جدوى حتى قامت ثورة يناير 2011 فقدمت البديل المدني للمسيحيين منذ أيامها الأولى إلى أن تغلب تيار الانقلاب داخل الكنيسة.