لماذا عين ترامب فريق تفاوضه مع الفلسطينيين من "اليشيفوت" اليهود المتشددين؟، مفاجأة كبيرة كشفها، عفويا، السفير الأمريكي الجديد في إسرائيل "ديفيد فريدمان"، وهو يحاول إقناع الدبلوماسيين الإسرائيليين بشأن ما قال إنه "رغبة وجدية" الرئيس دونالد ترامب القوية في التوصل إلى صفقة فيما يتعلق بعملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. المفاجأة التي ذكرها السفير، وهو يحاول إقناع إسرائيل أن تتعاون مع مبادرة ترامب السياسية، وأن تساعده على إنجاحها، هي تأكيده- حسبما قال مسئول إسرائيلي رفيع المستوى لصحيفة "هآرتس"، 12 مايو 2017- أن ترامب حرص على أن يكون كل فريقه التفاوضي لحل المشكلة الفلسطينية من "اليشيفوت". و"اليشيفوت" هم مجموعة من خريجي المدراس الدينية اليهودية، يؤمنون بحق "إسرائيل" في أرض الميعاد، ويؤيدون قتل الفلسطينيين على أساس ديني. ويقود هذا الفريق اليهودي الذين عينه ترامب "جاريد كوشنر"، صهر الرئيس الأمريكي، الذي درس في مدرسة دينية يهودية خاصة في "ليفينغستون" بنيوجيرسي، وهو رجل أعمال ومستثمر أمريكي يهودي أرثوذكسي، يملك شركة «كوشنر بروبرتي»، وصحيفة «نيويورك أوبزيرفر». ويرأس الفريق التفاوضي "جيسون غرينبلات"، وهو يعتنق اليهودية الأرثوذكسية، ودائما يرتدي القبعة اليهودية، ودرس في أكاديمية لليهود الأرثوذكس، ويعمل محامي عقارات في نيويورك، وعينه ترامب مبعوثا له للمفاوضات غير المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. ويتضمن الفريق ثمانية أعضاء غالبيتهم من اليهود أيضا المتعلمين في مدارس يهودية، والذين لا يرون المستوطنات عائقا أمام السلام، وغالبيتهم من الذين عملوا في مجال العقارات والتجارة، ما يغلب أسلوب الصفقات وتبادل الأرضي على أفكارهم. نتنياهو يخشى "كمين" ترامب ورغم هذه المزايا، ذكرت صحيفة (هآرتس) العبرية، 12 مايو 2017، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "يخشى من أن ينصب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب له فخا سياسيا كبيرا، وهو القلق ذاته الذي يساور صفوف اليمين السياسي في إسرائيل". وسبب القلق أنهم يرفضون أي تنازل، بينما قد يجبرهم ترامب على تنازل طفيف مقابل تنازلات جوهرية من السلطة الفلسطينية. ويقول "يوسي فيرتر"، المختص بالشئون الحزبية في صحيفة (هآرتس)، إن زعيم حزب "البيت اليهودي" نفتالي بينيت ومعسكره كانوا يمنون النفس بتحقيق حلم الأجيال مع وصول ترامب لسدة الحكم، إلا أن ذلك تحول إلى كابوس، وارتفع لديهم مستوى الهوس والاكتئاب الذي يحتمل أنه تسبب لهم بعدم النوم لعدة ليال. وأشار فيرتر إلى أن عددا من السياسيين الإسرائيليين من اليمين واليسار التقوا في أمريكا، الأسبوع الماضي، مسئولين من مجلس الشيوخ والكونغرس ومسئولين حكوميين، وكانت انطباعاتهم "أن شيئا كبيرا سيحدث في المنطقة، وأن ترامب جاد في التوصل لصفقة تاريخية". وأشارت الصحيفة إلى أن رجل الأعمال اليهودي الأمريكي "رونالد لودر"، صديق نتنياهو، أصبح خصما بالنسبة له، فهو أصبح لاعبا رئيسيا بحكم علاقاته مع ترامب، ويعمل على التوصل مع الرئيس الأمريكي لاتفاق سلام إقليمي بالمنطقة. مدارس «اليشيفوت» وينتمي أغلب المتدينين اليهود إلى "الطائفة الحريديّة" ذات المكوّنين الشرقي (السفرديم) والغربي (الإشكنازي)، وهم يمثلون ما يمكن أن نسميه «السلفية اليهودية». والحريديون (الحريديم بالعبريّة) تيار من الأصوليّة اليهوديّة متعدّد الأجنحة والفرق، يجمع بينها الادّعاء بالتمسّك- نظرا وعملا وسلوكا- بحرفيّة الموروث اليهوديّ من التوراة والتلمود، وهم يعارضون ما أضافته الصهيونيّة من منطلقات علمانيّة للدولة الإسرائيلية، ويريدونها توراتية دينية بحتة. والحريديّون لهم مدارس وأحزاب تمثلهم في الكنيست والحكومة الإسرائيليّة، وأهم حزبين هما: «شاس» الذي يتزعّمه الرابي عوياديا يوسف (الجناح الشرقيّ، وأسّس 1984)، وكتلة «يهدوت هتوراة» (المتشكّلة من حزب الجناح الليتوانيّ «ديغل هتوراة» وحزب الجناح الحسيديّ «أغودات يسرائيل»). وبخلاف "الحريديّة" هناك حركة يهودية أخرى مثل "الحركة الدينيّة الصهيونيّة"، ويمثلها رسميا حزب «المفدال» الدينيّ الوطنيّ. والطالب المنتسب للمدارس الدينيّة الحريديّة «مهنته توراته»، وهذا الفهم هو ما فتح بابا من الصراع بين الحريديّين وبين ساسة «إسرائيل» العلمانيّين، إذ فتحت «اليشيفوت» بابا لهروب الآلاف من الخدمة العسكريّة مدى الحياة، ولهم موقفهم المتشدّد من المرأة والإنترنت والإنجاب.