انتقدت "صوت أمريكا" الإذاعة الرسمية للولايات المتحدةالأمريكية، تشديد الحكومة المصرية الرقابة على تجارة الدولار بالسوق المصرية، مؤكدة أن ذلك يتسبب في هروب المستثمرين وزيادة القلق في تلك التجارة. وقال أحد التجار للشبكة: "الشركة التي اعتدت على التعامل معها أغلقت أبوابها، ولذا أعمل الآن من الشوارع، ويشعر الكثير من الأشخاص بالقلق، لكن الشجعان أمثالي هم فقط من يستمرون في العمل".
وتكافح حكومة الانقلاب التي تعاني من أزمة نقص العملة الأجنبية في الفترة الأحيرة بجانب هروب المستثمرين والسياح الأجانب.
وتشهد السوق السوداء للدولار اتساع الفارق فيه بين سعر العملة وسعرها الرسمي من جانب البنك المركزي إلى أكثر من 40%.
وتلقي سلطات الانقلاب باللائمة على مكاتب الصرافة في الأزمة، وألقت القبض على التجار، وأغلقت عشرات منافذ الصرافة وألغت تراخيصها بعدما ثبت أن أصحابها يتاجرون في الدولار بسعر يفوق سعره الرسمي الذي يستقر عند 8.78 أمام الجنيه.
وفي 9 أغسطس الجاري، حدد برلمان العسكر أحكاما بالحبس تصل إلى 10 سنوات وغرامات تصل إلى 5 ملايين جنيه على التجار الذين يبيعون العملة الصعبة بالأسعار المتداولة في السوق السوداء، علمًا أن تلك الأحكام لم تكن متواجدة في السابق بحق المخالفين في هذا الخصوص.
وبالرغم من تضييق الخناق عليهم، يؤكد التجار أن السوق السوداء لا تزال نشطة وتظهر قدرًا من المرونة وراء الكواليس. وقال أحد مديري مكاتب الصرافة الذي طلب عدم الكشف عن هويته: "ثمة صعوبة في إتمام التعاملات وهناك مخاطر كبيرة، لكن مع زيادة المخاطر، تأتي الزيادة في الأرباح ولهذا السبب سيستمر السوق في العمل.وبطريقة أو بأخرى سيستمر العمل في أماكن غير رسمية".
وأضاف: "الفجوات في الأسعار كبيرة ويعزى هذا إلى التضييق من جانب السلطات. هذا السوق هو الآن سوق الخوف. فقد انخفض سعر الدولار لكنه يرتفع الآن مجددا لأن الطلب قوي، والعرض ضعيف"، ويتفاوت سعر الدولار الآن من تاجر لأخر بمعدل يصل إلى 50 قرشا، في الوقت الذي يسير فيه التواصل بين مكاتب الصرافة بصورة هادئة بسبب المراقبة المكثقة من جانب السلطات الأمنية المختصة.
وقال هاني فرحات الاقتصادي المحلل الاقتصادي في "سي.آي كابيتال" إن تشديد الرقابة سيدفع التجار إلى تقاضي رسوم أعلى ومن ثم زيادة العلاوة السعرية للسوق الموازية. وتابع فرحات: في تقديري أن الملاحقة الأمنية لن تساعد على خفض أسعار العملة في السوق الموازية"، وخفضت مصر قيمة عملتها نحو 14 % في مارس لتغلق الفجوة مع سعر السوق السوداء، لكن دون جدوى نظرا للنقص الحاد في العملة الصعبة. وتراجع صافي الاحتياطيات الأجنبية أكثر من النصف منذ 2011 إلى 15.536 مليار دولار الشهر الماضي، وهو ما لا يغطي واردات أكثر من 3 أشهر حتى مع قيام مصر بإبقاء الجنيه قويا على نحو مصطنع عبر عطاءات أسبوعية لبيع الدولار.
في سياق متصل، قال جمال نجم نائب محافظ البنك المركزي المصري اليوم الجمعة، في تصريحات صحفية، إنه تم إغلاق 53 شركة صرافة منذ بداية العام لتلاعبها في أسعار بيع العملة الصعبة ومخالفات أخرى.
ويأتي تحرك المركزي بعد القفزات الكبيرة التي شهدها سعر الدولار في السوق الموازية خلال الأشهر القليلة الماضية ليبلغ مستوى 13.50 جنيهًا الشهر الماضي قبل أن يتراجع إلى 12.70 جنيهًا أمس وفقًا لمتعاملين.
وقال نجم للصحفيين على هامش مؤتمر مصرفي في شرم الشيخ، عدد شركات الصرافة التي تم إغلاقها منذ بداية العام وحتى الآن 53 شركة منها 26 شركة تم إغلاقها نهائيا و27 شركة تم إغلاقها ما بين ثلاثة أشهر وعام.
ووافق مجلس نواب العسكر في وقت سابق هذا الشهر على مشروع قانون لتغليظ العقوبة على من يتعاملون في العملة الأجنبية خارج القنوات الرسمية، وذلك في تصعيد لحملة البنك المركزي على السوق السوداء التي يقول إنها تزعزع استقرار العملة المحلية.
وتتضمن التعديلات تغليظ العقوبات على من يخالفون القانون لتشمل الحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد عن ثلاث سنوات وغرامة تتراوح بين مليون وخمسة ملايين جنيه "بين 115 ألفًا و565 ألف دولار".
وتمنح التعديلات لمحافظ البنك المركزي سلطة تعليق ترخيص أي شركة للصرافة لمدة عام علاوة على فرض غرامة مماثلة في حالة مخالفة القواعد. ويكون للبنك في حال تكرار المخالفة الحق في إلغاء ترخيص الشركة.
ويبقي البنك المركزي على الجنيه مرتفعا بشكل مصطنع منذ خفض قيمة العملة في مارس آذار إلى 8.78 للدولار من 7.7301 وأعلن عن سياسة أكثر مرونة لسعر الصرف.
ويبلغ إجمالي عدد شركات الصرافة المرخص لها بالعمل في مصر حاليا 62 شركة فقط بعدما بلغ 115 شركة في نهاية العام الماضي.
ولم ينجح البنك المركزي في القضاء على السوق السوداء أو حتى تخفيف حدة هبوط الجنيه من خلال الإجراءات التي اتخذها خلال الفترة الماضية سواء بخفض سعر العملة في مارس آذار أو العطاءات الاستثنائية أو سحب تراخيص الشركات.
ولم تنجح أيضًا حملات مباحث الأموال العامة على شركات الصرافة في القضاء على السوق الموازية.