حاول المخرج الراحل يوسف شاهين أن يوثق الحالة الفاشية التى وصلت إليها وزارة الداخلية فى الأيام الأخيرة من حكم المخلوع وتفشي جمهورية أمناء الشرطة لتعيث فى الآرض فسادا، عبر شخصية "الأمين" حاتم الذى جسد شخصيته الراحل خالد صالح ليجسد كيفية إدارة وتحكم هذا الحاتم فى المشهد الأمني باعتباره ممثل الدولة أو هو الدولة بسطوتها وتسلطها وجرائمها التى تفلت من العقاب. وفى الوقت الذى قادت ممارسات جمهورية مليشيات الشرطة إلى اندلاع ثورة 25 يناير حاول العسكر تقديم عناصر الداخلية كبش فداء على مذبح ميدان التحرير، كان عبدالفتاح السيسي يعيد الدولة البوليسية من جديد إلى المربع صفر من أجل ترسيخ أركان الحكم الفاشي وتعبيد الطريق أمام الانقلاب لدهس معارضيه والقضاء على مناهضيه، فأعاد استنساخ "حاتم" من جديد واستخدم ذات مصطلحاته القمعية وتكفل بحمايته من النهاية التى توقعها شاهين فى "هى فوضي" من غضبة الشعب المنكوب. حاتم الجديد أو النسخة الانقلابية هو صناعة السيسي بامتياز بعدما وقف فى جمع من عصابة العسكر، ليؤكد –ما تم توثيقه بالصوت والصورة- أن زمن محاكمة أمناء الشرطة ومن خلفهم الضباط قد ولي إلى حين ثورة، حيث شدد قائد الانقلاب على ضرورة أن يطمئن عنصر الداخلية وهو يسفك دماء المواطنين ويصفي أعين المصريين أنه بمأمن من المحاكمة والعقاب. كلمات السيسي منحت الضوء الأخضر أمام آلة القتل الميري لتدور بأقصي طاقتها لتحصد أرواح المصريين عشوائيا ودون تمييز فى مشهد متكرر لم تخطأه عدسات الكاميرات إلا أنها مرت مرور الكرام ولم تجد طريقا إلى منصات الشامخ إلا وانتهت إلى عبارة من اثنين "إخلاء سبيل" أو "وقف التنفيذ". السيسي –المسئول الأول عن شهيد الدرب الأحمر- لم يغسل يده من دماء المصريين أو ينفي التورط أو الضلوع فى مقتل الآلاف، بل خرج على رؤوس الأشهاء مفاخرا ومهددا فى آن بالمجازر التى ارتكبها منذ استولى على السلطة مطالبا المصريين بالحذر من تكرار 3 و8 و26 و27 يوليو و14 أغسطس، وسائر المجازر المتواصلة حتى الآن –بحسب تعبيره- والتى كان أحدثها وليس آخرها تصفية محمد علي "دربكة" فى محيط مديرية أمن القاهرة. نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا مقطع فيديو فاضح يكشف تورط السيسي فى مقتل شهيد الدرب الأحمر، بالأوامر المباشرة لذارعه الأمني بالقتل وتوفير الحماية القانونية، وصنعوا سيناريو يمزج عبارات قائد الانقلاب بأحاديث "حاتم" فى مشهد متماسك، بلغ معه حصاد القتل على يد العسكر قرابة 5500 شهيد فى مذابح متوالية بدأت على يد السيسي فى موقعة الجمل ومرت بمحطات محمد محمود ومجلس الوزراء وماسبيرو واستاد بورسعيد والحرس الجمهوري والمنصة ورابعة والنهضة ورمسيس والدفاع الجوي ولازال العرض مستمر.