مازالت تبعات سقوط الطائرة الروسية فى سيناء نهاية الشهر المنصرم، تلقي بظلال قاتم فى دولة الانقلاب المصرية، بعدما وجدت دولة السيسي نفسها معزولة عالميا من التبادل الاستخباراتي حول الحادث فى ظل تنامي الشعور باختراق المنظومة الأمنية، فيما تواصلت الصفعات الروسية على وجه حليف الأمس عبد الفتاح السيسي. وفى الوقت الذى تقف فرق التحقيقات المصرية بعد مرور قرابة 20 يوما من إسقاط الطائرة فى صحراء سيناء، فى المربع صفر، متمسكة بشعرة البحث خلف كافة السيناريوهات التى لازالت مطروحة حول أسباب الحادث، كان الجانب الروسي يفضح الخلل الأمني فى مطار شرم الشيخ مؤكدا أن الحاث ناجم عن عمل إرهابي. ولم ينتظر الجانب الروسي رد الفعل المصري تجاه الكشف عن كافة تفصيلات الحادث، التى لم تحرك العسكر للخروج من خانة الفرضيات للتعامل مع الواقع الجديد، وإنما عمل على مواصلة الجهد بمفرده للكشف عن المتورطين فى مقتل 224 من مواطنيها، وأعلنت عن مكافئة 50 مليون دولار لم يدلي بمعلومات تدل على المتورطين فى الحادث، موثقا عدم ثقته فى قدرة منظومة الانقلاب عن التوصل للضالعين فى ذرع قنبلة على متن طائرتها. شبكة "الجزيرة" الإخبارية، كشفت فى تقرير لها، أن الكريملين انتقل رسميا بالتحقيقات من خانة فرضية إسقاط الطائرة الروسية فى سماء سيناء بعمل إرهابي، إلى الإعلان رسميا عن تفجير قنبلة ذرعت على متنها. ونقل التقرير عن رئيس جهاز الاستخبارات الروسية ألكسندر بورتنيكوف، أن التحقيقات أظهرت وجود أثار متفجرات فى حطام الطائرة، قبل أن يُصرح بمعلومات أكثر دقة، مؤكدا أن عبوة ناسفة انفجرت على متن الطائرة التابعة لشركة "كوجاليم أفيا". وأوضح بورتنيكوف أنه وفقا لتحليلات الخبراء فإن عبوة ناسفة يدوية الصنع زنة كيلو جرام واحد من مادة "TNT"، تم تفجيرها على متن الطائرة، وهذا إدي إلى تفككها إلى أجزاء فى الجو بما يفسر العثور على الحطام ضمن مساحات واسعة، موثقا: "يمكننا القول بكل تأكيد إنه عمل إرهابي". المعلومات الاستخباراتية تم الكشف عنها خلال اجتماع مع الرئيس الروسي وبحضور كبار القادة من العسكريين وأجهزة الاستخبارات، ليرد فلاديمير بوتين متوعدا بالعثور على منفذى الهجوم ومعاقبتهم متجاهلا الجانب المصري، مؤكدا تكثيف الغارات الروسية على مواقع تنظيم الدولة فى سوريا. وشدد بوتين على أن قتل مواطنيه فى سيناء كان الأكثر دموية بالنسبة لأعداد الضحايا، مضيفا: "لن نتمكن من مسح الدموع عن قلوبنا وأرواحنا وستظل معنا إلى الأبد، ولكن هذا لن يمنعنا من العثور على المنفذين ومعاقبتهم"، مشيرا إلى أن العمليات العسكرية الجوية لن تتوقف بل ستتكثف حتى يدرك المجرمون أنه لا مفر من العقاب. وكان تنظيم الدولة الإسلامية، قد أعلن مسئوليته عن إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء نهاية أكتوبر المنصرم، أثناء توجهها من مطار شرم الشيخ المصري إلى سان بطرسبورج فى روسيا، ما أسفر عن مقتل 224 شخصا هم جميع من كانوا على متن الطائرة. وفى ظل تأزم الموقف المصري وتقزم السيسي أمام حليف الأمس، نقلت وكالة الأنباء المصرية الرسمية عن مصادر رئاسية نفيها ما تداولته مواقع إخبارية –وصفتها- بالمجهولة من معلومات عن تورط بعض العاملين فى مؤسسة الرئاسة فى حادث سقوط الطائرة. من جهته أعلن وزير الطيران المصري حسام كمال أن القاهرة لا تستبد أى فرضية بشأن أسباب سقوط الطائرة الروسية، ليستطرد رئيس حكومة الانقلاب هشام إسماعيل أن مصر ستتعاون مع موسكو فى التحقيقات بشأن الحادث المأساوي. أما وزير الداخلية الانقلابي مجدي عبدالغفار فقد أكد بدوره أن جهات التحقيقات لم تكشف عن أى قصور فى المنظومة الأمنية حتى الآن، مشددا على أنه لو ثبت أن هناك قصور أمني فسيتم معاقبة المسؤولون عنه. وتابع التقرير: "18 يوما منذ تحطم الطائرة الروسية فى صحراء شبه الجزيرة، لم تتغير شيئا فى تخبط الموقف الرسمي المصري حيال الحادث، بينما الجانب الروسي المنكوب بمئات القتلي من أبناءه حاول فى بداية الأزمة التماهي بحكم الصداقة مع الموقف المصري لكنه فى المقابل لم يتوقف عن المساعي الجادة لمعرفة السبب الحقيقي". وأردف: "تواجد الروس فى سيناء وعسكر خبرائهم قرابة 3 أسابيع تسارعت فيها الأحداث بما لا يشتهي النظام المصري، حيث حُظر كل طيران العالم عن أجواء سيناء بل مصر كلها أحيانا، وحظرت روسيا -الحليف الأقرب للسيسي- نزول الطيران المصري إلى مطاراتها". وشدد التقرير على أن مرارة الإدارة المصرية تضاعفت حين أعطى العالم ظهره لها استخباراتيا، وبدت منبذة على الصعيد المعلوماتي فى شأن وقع على أرضها، قبل أن يسدد الحليف ضربة أخري بالتأكيد على تحطم الطائرة بفعل قنبلة يدوية الصنع بينما لا تزال الحكومة المصرية فى مربعها المعلوماتي الأول وتؤكد السلطات الرسمية المعنية أنها سوف تأخذ بعين الاعتبار تلك التحقيقات التى توصل إليها الجانب الروسي فور وردها، بينما عاد حسام كمال أن اللجنة المعنية بالتحقيقات لم تصل إلى أي دليل جنائي فى هذه الحادثة حتى هذه اللحظة. وإزاء الموقف المصري المتأزم، على روسيا والعالم إذن انتظار نتائج عمل لجان التحقيقات التى تعرضت مصداقيتها لهزات سابقة، خاصة وأن وزير داخلية السيسي لازال يُصر على أن كل السيناريوهات لم تزل مطروحة، مشيرا إلى السلطات المصرية عززت من إجراءاتها الأمنية مع طرح فرضية تعرض الطائرة المنكوبة لعمل إرهابي. تعيش حكومة العسكر فيما يبدو حال إنكار لما اعترى سمعتها فى تأمين المطارات من ضرر دولي، فيما تتافقم العزلة حيث تغيب مصر عن المشهد ولا يُستأذن مسئولوها ولا يتم إطلاعهم على المعلومات التى باتت لدي كل الأطراف إلا الجانب المصري.