لم تتوقف التكهنات حول أسباب سقوط الطائرة الروسية في صحراء سيناء أواخر شهر أكتوبر الماضي، حيث شهدت طاولة التحقيقات حول ملابسات الحادث المأساوي طرح كافة الاحتمالات، بداية من وجود خلل فني في الطائرة التابعة لشركة "كوجاليم آفيا" مرورًا بإمكانية تعرضها لعمل إرهابي، وانتهاءً إلى ما كشفته التحريات من وجود خلل أمني في منظومة مطار شرم الشيخ. الطائرة المنكوبة من طراز "إيرباص 321" تبنّى تنظيم ولاية سيناء عملية إسقاطها عن طريق استهدافها بصاروخ بعد لإقلاعها ب20 دقيقة فقط، إلا أن الشواهد النظرية نفت تلك المزاعم رغم تأكيد التنظيم التابع ل"داعش"، إلا أن التحقيقات المبدئية رجحت إمكانية ذرع قنبلة، خاصة وأن الشركة المصنعة أكدت أن سقوط الطائرة لم يكن لخلل فني. تزايد احتمالية ذرع قنبلة في الطائرة، رغم تأكيدات الجانب الروسي بأنه من السابق لأوانه تحديد أسباب الحادث، وفي ظل كشف التحقيقات عن وجود خلل أمني في منظومة المطار تتعلق بالكشف عن المتفجرات عبر أجهزة مزيفة وتلقي العاملين بالمطار لرشاوى من أجل تسهيل مرور الحقائب دون تفتيش، مع تقديم الاستخبارات البريطانية لمعلومات حول سقوط الطائرة نتيجة عمل إرهابي للكرملين رفض الكشف عنها لنظام السيسي، قد يدخل بالبلاد في نفق مظلم لن تخرج منه في الأفق المنظور. توابع الحادث الكارثي على الاقتصاد المصري، تمثلت في العديد من القرارات المتلاحقة من حليف السيسي بحظر السفر إلى مصر وإجلاء كافة الرعايا الروس فضلا عن منع طائرات مصر للطيران من الهبوط في روسيا، وهي القرارات التي سبقت بريطانيا إليها الجميع دون احتراز لتزامن زيارة السيسي لصدورها، مع إعلان أن طائرة بريطانية تابعة لشركة طومسون قد تعرض لهجوم صاروخي، في واقعة لم تنفها الخارجية المصرية وإن قدمت رواية تفسرها. تلك المعطيات، زادت من احتمالية تكرار سيناريو حادثة لوكيربي الشهيرة التي كلفت نظام القذافي 10 سنوات من العزلة عن العالم قبل أن تعترف فيما بعد بتورطها في الواقعة وتسليم اثنين من رجال العقيد المخلوع إلى السلطات الهولندية، قبل أن تحاول الخروج من العقوبات الكارثية بدفع تعويضات قدرت ب 2.7 مليار دولار. الواقعة التي تعود إلى 21 ديسمبر 1988، لطائرة "بان أميركان" في رحلتها رقم 103 وتحطمت فوق قرية لوكيربي في أسكتلندا في المجال الجوي للمملكة المتحدة، وأودى بحياة 270 من جنسيات مختلفة أكثرهم أمريكان، وفي حطام الطائرة وجد المحققون شظايا قليلة من قنبلة لوحظ في إحداها وجود أثر ملتو يقود إلى أجهزة المخابرات السرية الليبية. الإعلامي حمزة زوبع أكد أن سيناريو لوكيربي لم يعد مستبعدًا على النظام المصري سواء بشكل مباشر حال ثبوت تورط الانقلاب أو خلل المنظومة الأمنية بالإهمال والتجاهل والفساد، ما يعني أن مصر مقبلة على أيام سوداء لن ينجو معها السيسي ب10 سنوات من الحظر في مقابل حمايته كما فعل نظيره القذافي. واستعرض زوبع - عبر برنامجه على قناة "مكملين"- تبعات حاثة لوكيربي بداية من النفي الليبي مرورًا بالتعنت والإنكار بالضلوع في الحادث، ورفض قرار قاضي التحقيق في أسكتلندا بالقبض على "عبد الباسط المقرحي" و"الأمين خليفة فحيمة" لاتهامهما بالقتل والتآمر وانتهاك القسم الثاني فقرة 1 و5 من قانون أمن الملاحة الجوي البريطاني لعام 1982. وكشف العقوبات الكارثية التي ضربت ليبيا - الغنية آنذاك- من المجتمع الدولي بعد ثبوت تورطها في الحادث، حيث طلبت أميركا وبريطانيا وفرنسا من أعضاء مجلس الأمن الدعم من أجل إصدار قرار ضد ليبيا يطالبها بالخضوع لطلباتهم، وصدر بالفعل قرار المجلس رقم (731) بالإجماع وينص على التخوف من الأعمال الإرهابية التي تتورط فيها الدول ويشير إلى تورط مسؤولين ليبيين حكوميين في تلك الأعمال ويأسف لفشل ليبيا من الرد بطريقة فعالة على الطلبات الموجهة لها بذلك الشأن. وفي نسخة كربونية من قرارات روسياوبريطانيا حاليًّا مع مصر، كانت العقوبات الدولية على ليبيا، حيث أصدر مجلس الأمن قراره رقم 748 بأغلبية 10 أصوات وامتناع 5 أعضاء عن التصويت بفرض عقوبات على ليبيا وهي منع الطيران من وإليها ويحظر عليها الأسلحة ويطالبها بتخفيض حجم البعثات الدبلوماسية في الخارج، تبعه قرار أخر رقم 883 الذي يمدد العقوبات لتشمل تجميداً جزئيًّا على الأموال العامة الليبية وحظرًا على معدات البترول الصناعية. تطورات الحادث هنا وهناك، والموقف الدولي المتشابه بين لوكيربي وسيناء، والقرارات المتعجلة بحظر روسيا السفر من وإلى مصر رغم مرور أسبوعين فقط، في الوقت الذي استغرقت فيه مثل تلك القرارات قرابة 4 سنوات وأمتد أثرها إلى 15 عاما دفع خلالها الشعب الليبي من قوته 2.7 مليار دولار بواقع 4 مليون دولار لأسرة كل ضحية، قد يلاحق مصر –لا قدر الله- حال تورط نظام السيسي في الكارثة وينذر بعواقب وخيمة على البلد لن تتحملها في الوقت الحالي.