منذ وقوع كارثة طائرة الركاب الروسية توجهت الانظار مباشرة الى لجنة التحقيق الرسمية التى تم تشكيلها لمعرفة الاسباب الحقيقية وراء الحادث وهو أمر طبيعى فى كل حوادث الطيران فى العالم .. ولكن ماذا حدث مع الطائرة الروسية؟ بعد أيام قليلة وبينما الجميع يتابع ماتقوم به لجنة التحقيقات خرج علينا مسئولون رسميون بريطانيون وامريكيون بتصريحات مثيرة للجدل لم تحدث من قبل مع اى حادث طائرة اخرى وهى ان يخرج مسئول رسمى بتصريحات عن اسباب حادثة طيران مستبقاَ لجنة التحقيق التى لاتزال فى بداية عملها والتى أكدت أنها لم تتوصل الى اسباب الحادث حتى الآن وهو تصرف اقل مايوصف به انه " غير مسئول "ولا يراعى أى قواعد أو اعراف دولية فى هذا المجال. صرح مسئولون بريطانيون ومن بعدهم أمريكيون بأن هناك احتمالا كبيرا بأن الطائرة الروسية تعرضت للتفجير بواسطة قنبلة كانت على متنها ! وهو ما أثار "الدهشة" لدى الاوساط الرسمية فى مصر وروسيا والعديد من دول العالم .. هذه التصريحات كانت مادة خصبة لوسائل الاعلام وخاصة البريطانية والامريكية المسموعة والمقروءة التى تناقلت هذه التصريحات ! بل وذهبت معهما الى تحليل وابراز كل مايؤيد هذه " الفرضية " وكأنها اصبحت " حقيقة " دونما احترام لاى قواعد مهنية فى معالجة مثل هذه الحوادث وانتظار نتائج التحقيق! والسؤال الذى يطرح نفسه .. لو ان هذه الطائرة التى سقطت كانت بريطانية أو أمريكية.. هل كان المسؤلون البريطانيون او الامريكيون سيخرجون علينا بتصريحاتهم المثيرة واستباق نتائج لجنة التحقيق البريطانية او الامريكية ليعلنوا ان طائرتهم تعرضت للانفجار نتيجة عمل ارهابى مثلا ! ام سيخرجون علينا فى دور الواعظين بأننا يجب ان ننتظر نتائج لجنة التحقيق ! واذا كانت بريطانيا أو أمريكا لدى أى منهما معلومات قد تفيد لجنة التحقيق فى الحادث فلماذا لايقدمان هذه المعلومات ان كانت ترقى الى مستوى المعلومات الموثقة للجنة التحقيق الرسمية اذا كانوا فعلا جادين فى تبادل المعلومات لمكافحة الارهاب! واذا كانت بريطانيا من خلال اجهزتها الاستخباراتية قد رصدت محادثات بين اعضاء فى تنظيم داعش الارهابى بشأن الحادث .. ألا يثير ذلك تساؤلا مهما ايضا وهو انه مادامت الاجهزة البريطانية تتنصت على هذه التنظيمات وبالطبع يحدث هذا من فترة ليست قصيرة لماذا لم يتم ابلاغ الاجهزة المصرية او الروسية قبل الحادث بان حادثا ارهابيا لطائرة روسية يتم التخطيط له ؟ وهل تريد بريطانياوامريكا من خلال اطلاق هذه التصريحات غير المسئولة عبر وسائل الاعلام الضغط على كل من القيادة المصرية والروسية امام الرأى العام فى كلا البلدين ؟ وهو تصرف فيه كثير من المراهقة بل والمغامرة السياسية غير المحسوبة ..لقد كشفت هذه التصريحات للاسف النوايا الحقيقية للمسئولين فى كل من بريطانياوأمريكا وانهم بالفعل ليسوا جادين فى مكافحة الارهاب بل ومكافأة الارهابيين بحجب المعلومات عن دول تحارب الارهاب ! ولنعد بالذاكرة الى الوراء وحادث طائرة بان اميركان التى انفجرت فوق مدينة لوكيربى باسكتلندا فى 21 ديسمبر 1988 والذى شغل العالم فترة طويلة وأدى الى وفاة 270شخصاً عندما انفجرت الطائرة من طراز بوينج 747المتجهة من لندن الى نيويورك فى الاجواء الاسكتلندية.. ماذا حدث بعدها .. لقد استمرت التحقيقات سنوات الى أن تم توجيه الاتهام رسميا الى النظام الليبى فى ذلك الوقت بأنه كان وراء تفجير الطائرة الامريكية فوق لوكيربى وبعد نحو 20 عاما من الحادث خرجت صحفهم لتقول ان دليل الاتهام كان ضعيفا ! ففى عام 2007 وبعد 20 عاما من التحقيق فى حادث لوكيربى الذى اتهم ليبيا بالضلوع فى تفجير هذه الطائرة و حسبما كشفت صحيفة الأوبزيرفر البريطانية فى ذلك الوقت وهو ان الاثبات الرئيسى الذى ادى الى ادانة ليبيا فى قضية لوكربي، والذى تضمن صوراً لقطع مؤقت «تايمر» القنبلة التى ساهمت فى ادانة الوكيل الليبى سابقاً، كانت ضعيفة وغير حقيقية! بل هى صور لمؤقت «تايمر» تم حرقه وتفحيمه تماماً فى وقت سبق المحاكمة وهذه المعلومات كشفها رجل اعمال سويسرى كان يمتلك شركة تنتج هذه المؤقتات أدت القضية الى افلاسه فيما بعد.. والآن يتحدثون بكل ثقة عن ان لديهم مايثبت تفجير الطائرة الروسية ! ايضا امريكا ذاتها تم اختطاف أربع طائرات من مطاراتها المختلفة فى أخطر سابقة اختطاف طائرات فى تاريخ الطيران المدنى خلال احداث 11 سبتمبر 2001 التى غيرت وجه العالم بل ونجحوا فى تهريب متفجرات واسلحة من المطارات الامريكية الى هذه الطائرات وقامت ثلاث طائرات منها بعمليات ارهابية داخل الولاياتالمتحدة اثنتان قامتا بتفجير برجى التجارة العالمية والثالثة سقطت فى مبنى وزارة الدفاع الامريكية " البنتاجون " ! وتحطمت الرابعة فى أحد الحقول فى بنسلفانيا قبل وصولها واشنطن وتضامن الجميع وتعاطف مع الشعب الامريكى فى محنته هذه وتسابق كل من لديه معلومات للادلاء بها للوصول الى من قاموا بها ..واستمرت التحقيقات طويلا واعلن التقرير النهائى للتحقيق فى يوليو 2004 أى بعد الاحداث بقرابة ثلاثة أعوام !