رواتب بعض الوزراء في مصر تصل إلى ثلاثة ملايين جنيه شهريًّا".. كانت هذه أحدث المفاجآت التي فجرها مؤخرًا الدكتور عماد مهنا "عضو مجلس علماء مصر" مؤكدًا أن الأزمة ليست فيما تعلنه الحكومة عن الرواتب الأساسية لوزرائها، بل تكمن الأزمة في البدلات والمكافآت ورواتب مئات المستشارين التي لا يتم إدراجها في كشوف الإنفاق الرسمي للحكومة. وأشار مهنا، الذي تم تجميد عضويته في مجلس علماء مصر بعد كلامه المسكوت عنه من الحكومة والمعارضة في أن الإنفاق وصل حدّ صرف الحكومة ثلاثة ملايين جنيه، موزّعة ما بين أطقم حراسة وسمّاعات لاسلكية وموكب يصل في أقل تقدير إلى أربع سيارات، بالإضافة إلى سيارات الشرطة، وأحيانًا قوات خاصة من الجيش، وسيارات خاصة لأسرة الوزراء بداعي حمايتهم من الإرهاب، وهذا كله إلى جانب بدلات ومكافآت الوزراء ونوابهم وبدلات سفرهم وإقامتهم، وغيرها من المصاريف والنفقات غير الرسمية.
وبرغم محاولات الحكومة والمتحدث الرسمي باسمها إخفاء حقيقة الرواتب التي يتقاضاها الوزراء، فإن التصريحات التي أطلقها هؤلاء، خلال الأيام الماضية، جاءت متناقضة؛ حيث فقال المتحدث الإعلامي باسم مجلس الوزراء: إن راتب الوزير لا يزيد عن 32 ألف جنيه شهريًّا، شاملاً البدلات والمكافآت، ليخرج من جديد وزير الأوقاف ويؤكد أنه تنازل عن نصف راتبه الذي تقدر قيمته ب42 ألف جنيه، ما زاد الأمر ارتباكًا وتتجه المؤشرات إلى أن لا هذا ولا ذاك يقول الحقيقة.
وتمثل فضيحة وزير التربية والتعليم الذي منح هدايا ذهبية للصحفيين ضمانًا لعدم الهجوم عليه، وعندما سئل عن تلك الحادثة قال إنها هدايا شخصية، برغم كلفتها الباهظة البالغة إجمالاً حوالي 120 ألف جنيه وفي محاولات جادة من حكومة رئيس الوزراء الانقلاب إبراهيم محلب، لإخفاء حقائق ما يتقاضاه الوزراء، أعلن المتحدث الإعلامي باسم مجلس الوزراء المستشار، حسام قاويش، أن رواتب الوزراء ونوابهم لا تتجاوز الحد الأقصى للأجور؛ أي 42 ألف جنيه، أو ما يوازي ثلاثين مرة ضعف الحد الأدنى للأجور.
غير أن تصريحات رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المستشار هشام جنينة، تؤكد أن هناك ما يقرب من 312 جهة إدارية في مصر لا تخضع لمراقبة الجهاز. تأتي على رأسها المخابرات العامة والحربية، وغيرها من المؤسسات، مثل وزارات الدفاع والعدل والداخلية.
وشدد على أن تعمّد إخفاء بيانات الهيئات الحكومية المختلفة يعود إلى رغبتهم في إخفاء رواتب المستشارين التابعين لهذه الجهات، بسبب المغالاة في رواتب هؤلاء. ويقول مصدر في الجهاز المركزي للمحاسبات: إن تقديرات الجهاز توصلت إلى أن مرتبات الوزراء المعلنة والمدرجة في الملفات الرسمية لا تتجاوز، فعليًّا، الحد الأقصى للأجور، لافتًا، في المقابل، إلى أن بدلات الوزراء وتكلفة الحراسة والانتقالات يمكنها أن توفر راتب حدّ أدنى لملايين العمال.
ويكشف المصدر أن أجور المستشارين العاملين في الوزارات تصل إلى ما يقرب من 200 مليار جنيه سنويًّا ووفقًا لتقرير المركزي للمحاسبات فإنه في الوقت الذي يعاني فيه العمال المصريون من التسريح من العمل والبطالة المرتفعة والفقر، وفيما وصل عجز الموازنة إلى 108 مليارات جنيه (حوالي 14 مليار دولار)، بلغت قيمة المكافآت والبدلات لكبار العاملين في الدولة ما يقرب من 100 مليار جنيه سمّاعات ملوكية مع تزايد الانتقادات الموجهة للحكومة المصرية، والغضب تجاه نظام قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي.
وإثر تسريب أرقام رواتب ومخصصات المسؤولين، أعلن وزير المالية منذ أيام قليلة عن تشكيل لجنة لفحص البدلات والمكافآت التي يتقاضاها هؤلاء، مع التشدّد في إجراءات تطبيق الحد الأقصى للأجور؛ الأمر الذي رفضته العديد من الهيئات مثل القضاة والجيش والشرطة لتعود القضية من جديد إلى المربّع الأول! علمًا أن الكشف عن إنفاق مليارات الدولارات تذهب إلى جيوب المسؤولين وحاشيتهم أثار الكثير من التساؤلات والاعتراضات الشعبية، خصوصًا أن بعض النفقات غريبة فعلاً، حيث يتبين مثلاً أن بدل تكلفة سماعة اللاسلكي لحراس الوزراء تبلغ 254 ألف جنيه.