أدانت مفوضية المصرية للحقوق والحريات، مشروع تعديل بعض مواد قانون العقوبات الخاصة بالاعتداء على المال العام، واصفة التعديلات بأنها تقنن تستر الحكومة على الفاسدين والمفسدين. وقالت المفوضية -في بيان لها- أمس الثلاثاء، إن التعديل يقصد منه غل يد النيابة والقضاء في مباشرة الدعوى الجنائية أو اتخاذ إجراء من إجراءات التحقيق، كما أنه يحصر ويقلل صفة المال العام، ويخفف العقوبات في جرائم التربح والاختلاس، والإضرار العمدي وغير العمدي للمال العام، ويزيد التعديل المقترح من صعوبة محاسبة المعتدين على المال العام ويزيد من فرص الاستيلاء عليه. وأشار التقرير، إلى أن تعديل المادة 116 مكرر من قانون العقوبات، يمنع النيابة أو القضاء من اتخاذ أي إجراءات للتحقيق في جرائم الإضرار العمدي والخطأ للمال العام، أو رفع دعوى جنائية إلا بطلب من رئيس مجلس الوزراء أو من يفوضه، موضحة أن ذلك يعد تدخلًا من السلطة التنفيذية في شؤون القضاء ويخل بمبدأ استقلال السلطة القضائية في الدستور، ويمنح رئيس الوزراء أو من يفوضه سلطات غير السلطات الممنوحة له وفقًا للدستور ويهدر اختصاصا أصيلا للنيابة العامة بتحريك ومباشرة الدعوى الجنائية وفقا لنص المادة 189 من الدستور. ووفقا للتقرير جاء تعديل المادة 116 مكرر (أ)، ليخفض عقوبة الإضرار العمدى بالمال العام ليكون حدها الأقصى السجن سبع سنوات، بعد أن كانت السجن المشدد وتصل مدتها إلى 15 عامًا، وفي المادة 116 مكرر (ج) استبعد التعديل المقترح التجريم في حالة الإخلال العمدي بتنفيذ كل أو بعض الالتزامات التي يفرضها تعاقد أو التزام مع جهات وأجهزة الدولة، وقصره على حالة ارتكاب الغش في التعاقدات المذكورة فقط، بالرغم من أن هذه التعاقدات تبرمها الدولة نيابة عن الشعب على مال عام يلزمها الدستور الحفاظ عليه وتشديد إجراءات وقواعد حفظه. وأوضح التقرير أن التعديل على المادة 118 مكرر (أ)، ألغى العقوبات التبعية وهي العقوبات الصادرة بجانب العقوبة الأصلية كعزل الجاني من الوظيفة أو الحكم بالغرامة أو رد المال المعتدى عليه، واستبدل التعديل المقترح لهذه العقوبات بالنص على منح المحكمة سلطة القضاء ببعض التدابير بدلًا من العقوبات الأصلية للجرائم. وفي جرائم الاختلاس والاستيلاء على المال العام من قبل الموظف العام، جاء التعديل بعقوبة الحبس فقط، بعد أن كانت العقوبة السابقة تصل إلى 5 سنوات، والنزول بالعقوبة في جرائم الاختلاس أو الاستيلاء بغير نية التملك إلى الغرامة فقط من 500 جنيه إلى 10 آلاف جنيه، بعد أن كانت العقوبة حبس عامين وغرامة 200 جنيه. وأضاف التقرير أنه في حالات التربح المذكورة في المادة 115، جاء التعديل بعقوبة لا تتجاوز 7 سنوات بعد أن كانت السجن المشدد 15 عامًا، وقصر نطاق الجريمة في حالة وجود سلطة رقابة أو إدارة المال للموظف، بعد أن كان حكم المادة عاما. وفي توصيف المال العام في المادة 119، حذف البند (ز)، الخاص بالجرائم الواقعة على أموال الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها الدولة ووحداتها المحلية والهيئات العامة والمؤسسات العامة، ووحدات القطاع العام، والنقابات، والاتحادات، والمؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام، والجمعيات التعاونية. وحذرت المفوضية من تمرير هذه التشريعات، بزعم أن النصوص الحالية تنفر الاستثمار، مؤكدة أن الحكومات المتعاقبة لم تتخذ إجراءات جادة في ظل التشريعات الحالية لمواجهة فساد ما قبل 25 يناير 2011 سواء لمحاسبة الفاسدين من المسؤولين الحكوميين أو المستثمرين، أو محاولة استرداد الثروات المنهوبة، وكان مجلس الوزراء فى حكومة الإنقلاب أحال 7 مواد بقوانين تتعلق بجرائم الاختلاس والتربح والاستيلاء على المال العام إلى لجنة الإصلاح التشريعي لإصدارها، ومن بينها مادة تقول: "لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق في جرائم إخلال موظف عام عمدا بواجبات وظيفته بقصد الإضرار بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل بها أو أموال الغير أو مصالحهم المعهود بها لتلك الجهة إلا بطلب من رئيس مجلس الوزراء أو من يفوضه".