أدانت المفوضية المصرية للحقوق والحريات ما ورد في المشروع المقترح لتعديل بعض مواد قانون العقوبات الخاصة بالاعتداء على المال العام، حيث إن التعديل (في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات) يقصد منه غل يد النيابة والقضاء فى مباشرة الدعوى الجنائية أو حتى اتخاذ إجراء من إجراءات التحقيق، كما أنه يحصر ويقلل صفة المال العام ويخفف العقوبات في جرائم التربح واختلاس المال العام والإضرار العمدي وغير العمدي للمال العام، ويزيد التعديل المقترح من صعوبة محاسبة المعتدين على المال العام ويزيد من فرص الاستيلاء عليه. ويأتي تعليق المفوضية المصرية للحقوق والحريات على مشروع التعديلات في إطار حملتها القانونية لمكافحة الفساد واسترداد الثروات المنهوبة حيث تعتمد الحملة فى مطالبها الجنائية ضد مسئولين حكوميين ورجال أعمال على المواد المستهدف تعديلها، وتؤكد المفوضية عن مواجهتها لمثل هذا التعديل المقترح فى حال إصداره سواء بإجراءات الطعن عليه فى إطار الحملة أو مطالبة الحكومة ومجلس النواب حال انتخابه بمراجعة هذه التعديلات. وجاء مقترح تعديل المادة 116 مكرر من قانون العقوبات ليغل يد النيابة والقضاء عن رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق فى جرائم الإضرار العمدي والإضرار بالخطأ للمال العام المنصوص عليهم فى المادتين 116 مكرر، و116 مكرر إلا بطلب من رئيس مجلس الوزراء أو من يفوضه، وهو ما يمثل تدخلا من السلطة التنفيذية فى شئون القضاء ويخل بمبدأ استقلال السلطة القضائية فى الدستور، ويمنح رئيس الوزراء أو من يفوضه سلطات غير السلطات الممنوحه له وفقا للدستور ويهدر اختصاصًا أصيلاً للنيابة العامة بتحريك ومباشرة الدعوى الجنائية وفقًا لنص المادة 189 من الدستور. كما جاء تعديل المادة 116 مكرر (أ) لتنزل بعقوبة الإضرار العمدي للمال العام – والتي كان منصوص عليها بالمادة 116مكرر – ليكون حدها الأقصى السجن سبع سنوات، بعد أن كانت السجن المشدد والذي قد تصل مدته خمس عشر عامًا، وفى المادة 116 مكرر (ج) استبعد التعديل المقترح التجريم فى حالة الإخلال العمدي بتنفيذ كل أو بعض الالتزامات التي يفرضها تعاقد أو التزام مع جهات وأجهزة الدولة وقصره على حالة ارتكاب الغش في التعاقدات المذكورة فقط بالرغم من أن هذه التعاقدات تبرمها الدولة نيابة عن الشعب على مال عام يلزمها الدستور الحفاظ عليه وتشديد إجراءات وقواعد حفظه. وفى المادة 118 مكرر (أ) يلغى التعديل المقترح ما تنص عليه المادة من عقوبات تبعية – عقوبات تصدر بجانب العقوبة الأصلية - تصدرها المحكمة فى الجرائم فى الباب الرابع من الكتاب الثاني والخاصة بالمال العام كعزل الجاني من الوظيفة أو الحكم بالغرامة ورد المال المعتدى عليه، واستبدل التعديل المقترح هذه العقوبات بالنص على منح المحكمة سلطة القضاء ببعض التدابير بدلا من العقوبات الأصلية للجرائم. وفى جرائم اختلاس واستيلاء المال العام من موظف عام أو تسهيله لغير المنصوص عليهما فى المادة 113 مكرر نزل التعديل المقترح بالعقوبة من السجن الذى تصل مدته لخمس سنوات إلى عقوبة الحبس فقط، والنزول بالعقوبة إذا كان الاختلاس أو الاستيلاء بغير نية التملك إلى الغرامة فقط من 500 جنيه إلى 10 آلاف جنيه بعد أن كانت العقوبة فى هذه الحالة الحبس مدة لا تزيد على سنتين والغرامة التى قد تصل إلى مائتى جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين. وفى جريمة التربح فى المادة 115 نزل التعديل بالعقوبة إلى السجن لمدة لا تجاوز سبع سنوات بعد أن كان السجن المشدد الذي قد تصل مدة خمسة عشر عامًا، كما قصر التعديل المقترح نطاق الجريمة فى حالة أن يكون الموظف سلطة رقابة أو إدارة المال بعد أن كان حكم المادة عامًا. وفي توصيف المال العام في المادة 119 تم حذف البند (ز) والخاصة بالجرائم الواقعة على أموال الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها الدولة و وحداتها المحلية والهيئات العامة والمؤسسات العامة و وحدات القطاع العام والنقابات والاتحادات والمؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام والجمعيات التعاونية. كما حذرت المفوضية المصرية للحقوق والحريات من تمرير مثل هذه التشريعات بزعم تنفير النصوص الحالية للاستثمار، في حين أن الحكومات المتعاقبة لم تتخذ إجراءات جادة في ظل التشريعات الحالية لمواجهة فساد ما قبل 25 يناير 2011 سواء لمحاسبة الفاسدين من المسئولين الحكوميين أو المستثمرين، أو محاولة استرداد الثروات المنهوبة. وأعربت المفوضية المصرية للحقوق والحريات عن قلقها بشأن تسرع الحكومة فى إصدار العديد من التشريعات فى غيبة مجلس النواب ومنها مثلا قانون تحصين عقود الدولة وتعديل قانون ضمانات وحوافز الاستثمار وقانون الكيانات الإرهابية وقانون التظاهر وقانون تسليم الأجانب.