قبل أيام، بشر إعلاميو الانقلاب وصحفيون مقربون من الأجهزة الأمنية، بأن مصر وخزانتها على موعد مع دخول نحو 22 مليار دولار، وقيل في رواية أخرى 42، دعما للبنك المركزي الذي يواجه شحا ماليا كبيرا من العملات الأجنبية، على خلفية الأزمة الاقتصادية التي تضرب مصر منذ فترة. الإعلاميون استندوا إلى مصادر سيادية مطلعة، دون الكشف عنها، وهو ما ردده مصطفى بكري وخالد أبو بكر وعدد من الإعلاميين، وهوالأمر الذي أثار حفيطة الإعلامي السعودي المصري عمرو أديب، وطالبهم بالامتناع عن ترويج مسكنات قد تصدم المصريين. إلا أنه عادي، أمس، ليردد نفس المعلومات! وخلال الساعات القليلة الماضية، كشفت وسائل إعلامية عديدة، عن أنباء تؤكد استحواذ إماراتيين على منتجعات كبرى في الساحل الشمالي تحديدا "مدينة رأس الحكمة"، مقابل 22 مليار دولار. ورأس الحكمة، منطقة تابعة لمحافظة مرسى مطروح، وتضم عدة فنادق تابعة لرجال أعمال وشركات كبرى في مصر منها مشروعات لشركات شهيرة قيد التنفيذ. ويحاول نظام السيسي زيادة احتياطاته من العملات الأجنبية وجمع أكبر مبلغ ممكن من العملة الصعبة للوفاء بالتزاماته.
وتجلى ذلك في المعروض الأخير للأراضي التي يشترط دفع قيمتها بالدولار، في ظل انهيار الجنيه والوصول إلى أدنى مستوى لقيمته. ورغم الرسالة المتداولة للإعلامي سيد علي إلى الخبير الاقتصادي هاني توفيق، يسأله عن المشروع الذي وقعت أوراقه مؤخرا مع رجال أعمال إماراتيين بقيمة 22 مليار دولار، لإقامة مشاريع سياحية وفندقية بمنطقة رأس الحكمة بالساحل الشمالي، إلا أن وسائل إعلام مصرية نقلت عن مصادر حكومية تأكيدات بأنه لا يوجد أي اتفاقات في الوقت الحالي تم إبرامها مع رجال أعمال إماراتيين لتخصيص أراض بمنطقة رأس الحكمة في الساحل الشمالي. وقالت هذه المصادر أيضا: إن "منطقة رأس الحكمة بمنطقة الساحل الشمالي، ما زالت قيد التخطيط ولا يوجد أي اتفاقات أو تعاقدات عليها في الوقت الحالي يتم إبرامها مع رجال أعمال إماراتيين". ويتناقض ذلك مع تصريحات مصادر مسؤولة أخرى لقناة "القاهرة الإخبارية" التابعة للنظام، والذي تحدث عن شراكة مصرية مع كيانات عالمية لوضع مخطط تنمية "مدينة رأس الحكمة" بالساحل الشمالي.
هذا التضارب بالتصريحات يدل على أمر مريب يحدث، بحسب وصف نشطاء لم يستبعدوا أنباء بيع السيسي "رأس الحكمة" للإمارات بالفعل، حيث يسعى للحصول على الدولار بأي طريقة ومن أي مكان. فيما حذر المهندس ممدوح حمزة، من أن شواطئ رأس الحكمة بطول 85 كم، الأولى أن يطورها مطورون مصريون، لأن العائد سيظل داخل البلاد، أما المطور الأجنبي سيحول أرباح أضعاف ثمن الأرض خارج البلاد بالعملة الأجنبية. وفي سياق التفاعل مع الأنباء التي لم يتم تأكيدها، علق الصحفي سامي كمال الدين في تغريدة على حسابه في موقع إكس "الإشاعة تقول إن السيسي باع مدينة رأس الحكمة للإمارات مقابل 22 مليار دولار". الإشاعة تقول: إن "السيسي باع مدينة رأس الحكمة للإمارات مقابل 22 مليار دولار، لكن المعلومات المؤكدة أن المشروع فيه دولة الإمارات يمثلها رجال أعمال من الإمارات، وليس كله للإمارات، مثل العبار وإعمار وخلف الحبتور، ولديهم مشروعات على أكثر من 25 ألف فدان".
بيع بيع بينما يشير خبراء ومراقبون إلى أن بيع المنطقة بات مؤكدا، في ظل رغبة السيسي لجمع أكبر قدر من المليارات من الدولارات، وكانت السعودية والإمارات قد سبق وأن أكدا أنهما لن يضخا أموالا في مصر كقروض أو مساعدات، وإنما سيقتصر الأمر على مشروعات واستثمارات فقط، بعد اتهامهم السيسي بإهدار الملؤارات في مشاريع وهمية لا فائدة منها. وفي نبأ عاجل لها، الخميس، قالت قناة "القاهرة الإخبارية" إنه جارٍ التفاوض مع عدد من الشركات وصناديق الاستثمار العالمية الكبرى للوصول إلى اتفاق يتم إعلانه قريبا عن بدء تنمية مدينة رأس الحكمة.
ووفق شهود عييان، أكدوا أن السيسي ومحمد بن زايد كانا في رأس الحكمة قبل مسرحية الانتخابات الرئاسية بأسبوع تقريبا، فيما تتعدد الروايات حول أن سكان المنطقة معظمهم خرج من رأس الحكمة، بمقابل مادي وإن المفاوضات معهم بدأت من سنتين وإن أعمال المسح لازالت مستمرة.
وأوضحت المصادر أن المخطط الجديد يتضمن أن تكون المنطقة مقصدا سياحيا عالميا، يتماشى مع الرؤية القومية والإقليمية لمنطقة الساحل الشمالي الغربي، وهو ما سينعكس على تحقيق مجموعة من الأهداف والغايات، ومنها إنشاء مدينة سياحية بيئية مستدامة على البحر المتوسط تنافس مثيلاتها على المستوى العالمي، مع تحقيق مجتمع حضري مستدام يتناغم مع طبيعة وخصائص الموقع، وتوفير الأنشطة الاقتصادية الملائمة لخصائص المجتمع المحلي. وأشارت المصادر إلى أن منطقة رأس الحكمة تمتد شواطئها من منطقة الضبعة في الكيلو 170 بطريق الساحل الشمالي الغربي وحتى الكيلو 220 بمدينة مطروح التي تبعد عنها 85 كم. وأوضحت أن المخطط الجديد المنطقة الواعدة سيتم تنفيذها على مساحة إجمالية تقدر بحوالي 199،7 كليو متر، وبحلول عام 2045 سيتم الانتهاء من تنفيذ وتنمية حوالي 142،9 كيلو متر من المساحة الإجمالية للمنطقة. وأكدت أن الدولة خصصت 5،4 كيلو متر من المساحة الكلية لرأس الحكمة لتكون منطقة مباني متعددة الاستخدمات والارتفاعات، فضلا عن إنشاء حوالي 10652 وحدة سكنية بالاضافة إلى تنفيذ 50 فندق سياحي، بالاضافة الي تخصيص 7،3 كليو متر لإنشاء مجتمعات عمرانية متنوعة الأنشطة، يمكن طرحها على القطاع الخاص للتنفيذ.
وتوجد بالمنطقة عدة فنادق تابعة لرجال أعمال وشركات كبرى في مصر منها مشروعات لشركات شهيرة قيد التنفيذ. وعلى أية حال، فإن سوابق نظام الانقلاب تؤكد عدم مبالاة السيسي بأي قيم أو أهداف قومية تتعلق ببيع الأراضي المصرية، وهو ما سبق وأن تم في تيران وصنافير ومساحات بحرية واسعة في البحر المتوسط لصالح اليونان وقبرص، كما يتوسع السيسي في بيع المصانع والشركات والأراضي، لسد عجزه المالي والاقتصادي غير المسبوق والناجم عن سياساته الرعناء في إقامة مشاريع غير ذات أولوية في العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين والجلالة وأبراج أيقونية وناطحات سحاب بكل مشاريعه الاستثمارية التي يقترض من أجلها، ويورط المصريين في السداد، سواء بفرض ضرائب جديدة ورسوم عليهم أو تخييرهم بين مصير لبنان أو الصومال وغزة وغيرها من البلاد المأزومة.