بدأت جيش الاحتلال، فجر الأربعاء، اقتحام مستشفى الشفاء أكبر مستشفيات غزة، وذلك تتويجا لإرهاب غير مسبوق مارسه ضد آلاف النازحين والمرضى والأطقم الطبية منذ أيام أسفر عن مئات الشهداء وأدى إلى نتائج كارثية غير مسبوقة داخل المستشفى وفي محيطها بعد أن وضعت قوات الاحتلال المستشفى في دائرة الحرب والاستهداف غير عابئة بالاستغاثات العالمية لإنقاذ أهم مستشفيات القطاع من الإبادة بمن فيها من المرضى والنازحين. وأبلغت سلطات الاحتلال، قبل قليل، مسؤولي الصحة في غزة بالاقتحام، فيما امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بالاستغاثات لإنقاذ المستشفى من مجزرة بشعة.
وكان د. أشرف القدرة الناطق باسم وزارة الصحة بغزة أكد قبل الاقتحام بوقت قليل أن الاحتلال ارتكب 1165 مجزرة أسفرت عن ارتقاء 11320 شهيد بينهم أكثر من 4 آلاف طفل و198 من الكوادر الطبية مُنذ بدء العدوان "الإسرائيلي". لافتا إلى أن الطواقم الطبية في مجمع الشفاء تواصل دفن الشهداء في مقابر جماعية داخله. وأوضح أن 25 مستشفى و52 مركزًا صحيًا خرجت عن الخدمة بفعل العدوان، فيما تهدمت 42 ألف وحدة سكنية وتضررت 223 ألف وحدة جزئياً أي 60% من مباني القطاع. وخلال الساعات الماضية وضع الاحتلال "الإسرائيلي" كل المتواجدين في مجمع الشفاء الطبي في دائرة الموت بعد تطويقه من كل الجهات وتواصل القصف العنيف وإطلاق النار الكثيف. وأشار القدرة إلى استعداد الوزارة لاستقبال المؤسسات الأممية كافلة في مجمع الشفاء للتأكد من طبيعة عمله الطبية. وأوضح، في تصريحات لقناة الجزيرة مساء الثلاثاء، أن الآليات العسكرية الإسرائيلية ملتصقة بجدار مجمع الشفاء، والدبابات الإسرائيلية موجودة على أبواب مجمع الشفاء الطبي.
وأشادت منظمة الصحة العالمية يوم الثلاثاء "بالجهود البطولية" للعاملين في مستشفى الشفاء المحاصر في مدينة غزة وأعربت عن قلقها بشأن مئات الآلاف من النازحين في القطاع حيث تسببت الأمطار الغزيرة في حدوث فيضانات وتفاقم الأزمة الصحية الرهيبة بالفعل. وقالت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية مارجريت هاريس للصحفيين في جنيف إن "الأمطار ستزيد من معاناة" الناس في القطاع، في وقت تسببت فيه الاضطرابات في ضخ مياه الصرف الصحي ونقص المياه في ارتفاع الأمراض المنقولة بالمياه والالتهابات البكتيرية. وحذرت منظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضي من أنه منذ منتصف أكتوبر، تم الإبلاغ عن أكثر من 33,500 حالة إسهال، معظمها بين الأطفال دون سن الخامسة، أي حوالي 16 ضعف المتوسط الشهري. إن المرافق التي تديرها وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، حيث لجأ أكثر من 580,000 نازح في جنوبغزة بسبب الهجوم الإسرائيلي ردا على هجمات حماس المميتة في 7 أكتوبر، تجاوزت طاقتها الاستيعابية بأكثر من تسعة أضعاف، ويشكل الاكتظاظ المزيد من المخاطر الصحية.
العاملون الصحيون "يفعلون كل ما في وسعهم" ووصفت الدكتورة هاريس من منظمة الصحة العالمية بالتفصيل الوضع المزري في مستشفى الشفاء، الذي هو محور عمليات قوات الاحتلال الإسرائيلية التي تدعي أن حماس أنشأت مركز قيادة تحت المستشفى – وهو ادعاء نفاه الطاقم الطبي. وفي معرض حديثه عن العاملين الصحيين "الأبطال"، قالت الدكتورة هاريس إنهم "يبذلون كل ما في وسعهم للاستمرار" في حين أن المرفق بدون كهرباء منذ 11 نوفمبر ولم يكن هناك ما يكفي من الغذاء والمياه النظيفة. ولا يزال حوالي 700 مريض موجودين في الموقع وأكثر من 400 موظف صحي، بالإضافة إلى حوالي 3,000 نازح لجأوا إلى هناك. وقالت هاريس إنه تم الإبلاغ عن 20 حالة وفاة للمرضى خلال ال 48 الساعة الماضية. وفي الوقت نفسه، أشارت تقارير إخبارية صباح الثلاثاء إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي عرض توفير حاضنات لمستشفى الشفاء، حيث يحتاج 36 طفلا خديجا إلى رعاية مستمرة. وأفيد بأن ما يصل إلى ستة أطفال مبتسرين لقوا حتفهم خلال الأيام الثلاثة الماضية لأن حاضناتهم لم تكن قادرة على العمل بسبب نقص الكهرباء.
الإخلاء "صعب للغاية" وردا على سؤال حول إمكانية إجلاء المرضى، أوضحت هاريس أن جميع أولئك الذين بقوا في مستشفى الشفاء يحتاجون إلى دعم حاسم للبقاء على قيد الحياة. مضيفة أن نقلهم "سيكون أمرا صعبا للغاية في أفضل الظروف" ، ناهيك عن وسط القصف والاشتباكات المسلحة ونقص الوقود لسيارات الإسعاف. وأصرت على أن "أفضل طريقة هي وقف الأعمال العدائية في الوقت الحالي والتركيز على إنقاذ الأرواح وليس إزهاق الأرواح".
عدد قياسي من الهجمات وقد تم توثيق حوالي 135 هجوما على المرافق الصحية في غزة خلال الشهر الماضي، وقالت هاريس من منظمة الصحة العالمية إن هذا هو أعلى رقم يسجل في مثل هذا الوقت القصير. وقالت: "آمل أن يكون هذا هو أسوأ ما نراه على الإطلاق". وأشار المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية إلى "اتجاه متزايد" للهجمات على الرعاية الصحية، والذي شوهد أيضا في النزاعات الأخرى الجارية في السودان وأوكرانيا. وقالت للصحفيين: "يبدو أن فهم أن المستشفى يجب أن يكون ملاذا آمنا ، مكانا يأتي إليه الناس للعلاج عندما يكونون في حاجة ، قد تم نسيانه".