مع الارتفاع الجنوني في الأسعار وتراجع دخول المصريين وقدراتهم الشرائية في زمن الانقلاب الدموي، حيث يعيش أكثر من 70 مليون مواطن تحت خط الفقر وفق بيانات البنك الدولي، وبدلا من أن تتجه حكومة الانقلاب إلى ضبط الأسواق والرقابة على الأسعار وتوفير فرص عمل وتحسين الدخول، تحاول خداع المصريين بفتاوى مسيسة يصدرها مطبلاتية العسكر من شيوخ السلطان الذين يعملون من أجل إرضاء السيسي على حساب دينهم، ودون اعتبار لأحكام الإسلام ودون مراعاة للحلال والحرام أو ما يجوز وما لا يجوز، فكل ما يريده السيسي فهو حلال وكل ما يرفضه فهو حرام، وهكذا يشارك علماء السلطان في جرائم الانقلاب ضد الشعب المصري . ومع اقتراب عيد الأضحى فوجئ المصريون بصدور فتاوى تبيح للمسلم أن يضحي بدجاجة أو بطة أو أوزة وهكذا، ورغم أن الأضحية من السنن المؤكدة، وشرعت شكرا لله تعالى، وإحياء لسنة سيدنا إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، وفيها تعظيم لشعائر الله سبحانه، قال تعالى {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}، وقال {لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى} إلا أن الأضحية للمستطيع أما الفقير الذي لم يعد يمتلك قوت يومه في زمن الانقلاب فكيف يضحي ؟ ومن أين يأتي بالمال ليشتري بطة أو دجاجة أو أوزة؟ الأنعام دار الإفتاء كانت قد أكدت في فتوى لها صدرت العام الماضي أن للأضحية ثواب عظيم عند الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سأله أصحابه عن الأضاحي «سُنَّةُ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ، قَالُوا مَا لَنَا مِنْهَا؟ قَالَ بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَسَنَةٌ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَالصُّوفُ؟ قَالَ بِكُلِّ شَعْرَةٍ مِنَ الصُّوفِ حَسَنَةٌ». وأوضحت دار الإفتاء أن للأضحية شروطا يجب أن تتوافر فيها، بعضها يرجع إلى الأضحية ذاتها، وبعضها يرجع إلى المُضَحِّي، مشيرة إلى أن من شروط الأضحية ذاتها أن تكون من الأنعام، أي الإبل والبقر والجواميس والغنم، سواء كانت الغنم ضأنا أو ماعزا، فلا يجزئ غير ذلك من الدواب والطيور؛ لقوله تعالى {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}. مطبلاتي العسكر ورغم هذه الفتوى دعا مطبلاتي العسكر سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، المصريين إلى التضحية بالطيور بدلا من شراء الأضحية بالتقسيط أو الاستدانة، زاعما أنه مع غلاء الأسعار، واتجاه البعض لشراء الأضحية بالتقسيط أو بقرض من البنك فإن الأفضل التضحية بالطيور . كما زعم الهلالي في تصريحات صحفية أن هذا رأي فقهي موجود لبلال بن رباح وابن حزم الظاهري، مشيرا إلى أنه يتحدى أي شخص يقول إن اتباع هذا الرأي باطل وفق تعبيره . وحول تقسيط ثمن الأضحية، قال : إن "أصل الاقتراض مشروع لكن الأمر متعلق بالرشد، لأنه في حكم الأضحية مختلف فيه، مشيرا إلى أن الأضحية سنة تبعا لرؤية بعض المذاهب والبعض الآخر يرى أنها ليست فريضة ولكنها واجبة". تمييع للدين في المقابل قال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر: إن "الأضحية لا تكون إلا من الأنعام قال تعالى : "وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ"، موضحا أن بهيمة الأنعام تشمل الإبل والبقر والجاموس والضأن والماعز فقط". وأوضح كريمة في تصريحات صحفية أن الأنعام هي الذبائح التي تذبح في قربات عبادية من الأضحية والعقيقة والهدي في الحج وتؤكل كلحوم في العادات المعروفة عند المسلمين. وأكد أن القول بذبح الطيور هو أمر يصادم القرآن الكريم، لأن التعبير "بهيمة الأنعام" هو أمر الورود والدلالة لذلك قال الله تعالى : "فصلِ لربك وانحر"، موضحا أن النحر بالبداهة لا يكون للدجاج والأوز والبط، وإنما يكون للبقر والإبل، لأن النحر يكون للأنعام وليس للطيور . وأشار كريمة إلى أن الأمة أجمعت في كل زمان ومكان على أن الأضحية والعقيقة والهدي يكون من الأنعام فقط، أما مسألة الأضحية بالطيور فهذا تمييع للدين ونشر أقوال شاذة تضعف الوازع الديني، منتقدا تداول أمور غربية على المجتمع المسلم تثير بلبلة وتلصق اتهامات للأزهر الشريف في غنى عنها. وقال: إن "الذبائح "الأضحية" تقدم بعد صلاة عيد الأضحى، ناصحا بإراقة الدماء في المجازر الطبية المعتمدة، لأن بها طب بيطري بدلا من ذبحها في الطرقات والشوارع". بهيمة الأنعام وأكد إبراهيم الظافر من علماء الأزهر الشريف أن الأضحية تكون من بهيمة الأنعام وفق ما قرره القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة قال تعالى : "لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ"، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين، موضحا أنه من المعلوم أن بهيمة الأنعام لا تكون ولا يصدق هذا التعبير إلا على الإبل والبقر والغنم. وقال الظافر في تصريحات صحفية : "الطيور ليست من بهيمة الأنعام على أي حال من الأحوال لا لغة ولا شرعا ولا عرفا ولا اصطلاحا، مشددا على أن التضحية بالطيور دون بهيمة الأنعام لا تجوز أضحية باتفاق الفقهاء ". وأشار إلى أن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في الأضاحي في بهيمة الأنعام "البقر والإبل والغنم"، موضحا أن العبرة في الأضحية ليس إهراق الدماء، ولكن لابد أن تكون حلالا ويذكر اسم الله عليها.