رغم الأزمات التي تواجه مصر وتهدد بتجويع المصريين، إلا أن عصابة العسكر بقيادة عبدالفتاح السيسي تلعب على "الشو الإعلامي" فقط وتحاول أن تخدع المواطنين وتزعم أنها تحقق إنجازات ليس لها وجود على أرض الواقع في إطار ما تسميه بالجمهورية الجديدة. في هذا السياق يروج مطبلاتية العسكر للاتفاقيات التي وقعها نظام الانقلاب مع كل من روسياوالصين للتعامل بالروبل واليوان بزعم أن هذه الاتفاقيات تستهدف تخفيف الضغط على الدولار الذي أصبحت البنوك المصرية لا تعرفه في زمن العصابة . الخبراء من جانبهم أكدوا أنه رغم إعلان نظام الانقلاب التعامل بالروبل واليوان مع روسياوالصين في المعاملات التجارية، إلا أنه لا يزال هناك ضغط كبيرعلى الدولار، بالإضافة إلى استمرار ارتفاع سعره في السوق السوداء. وقال الخبراء إن: "سعر الدولار في السوق الموازي وصل لما يقارب ال 40 جنيها، بينما استقر في البنوك عند مستوى 30.95 جنيها منذ 3 أسابيع، مشيرين إلى أن الجنيه خسر 100% من قيمته أمام الدولار، منذ مارس 2022 حتى الآن، بسبب القرارات العشوائية والمتخبطة التي يتخذها نظام الانقلاب وتسببت في انهيار الاقتصاد المصري، بجانب التداعيات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية والتي أثرت بشكل مباشر على سلاسل الإمداد عالميا". وأوضحوا أن التعامل بالروبل واليوان، يعتبر أحد الحلول أمام مصر ومجموعة البريكس التي تتكون من 13 دولة هي، البرازيلوروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، والأرجنتين والجزائر وإيران، وإندونيسيا وتركيا والمملكة العربية السعودية ومصر للتخلي عن سيطرة الدولار في المعاملات التجارية، لكنهم استبعدوا تنفيذ هذه الاتفاقيات. وشدد الخبراء على أن التعامل بالروبل واليوان لن يؤثر على المدى القريب في الأزمات التي تواجهها مصر في زمن العسكر، مؤكدين أن التعامل بين مصر والصين لا يزال بالدولار بخلاف التدهور المستمر في عملة الروبل، بالإضافة إلى أن الإفراج عن البضائع المكدسة بالموانئ لا تزال بالدولار، بجانب خلل الميزان التجاري وارتفاع حجم الديون المتراكمة على مصر والتي تورط فيها السيسي.
كانت كل من روسياوالصين قد أبرمتا اتفاقية أتاحت بنودها لبلديهما فرصا أكبر مما هي عليها كقوتين اقتصاديتين ضاربتين لرفع مستوى المبادلات التجارية، مستخدمتين في ذلك عملتيهما الروبل واليوان، وهو ما اعتبره مراقبون واقتصاديون بمثابة توجيه ضربة قاضية للدولار الأمريكي، لا سيما مع تزايد التكهنات بأن تنضم دول أخرى إلى مجموعة بريكس. وفي نهاية عام 2022، أدرج البنك المركزي الروسي سلة عملاته الرسمية، الأمر الذي يسمح لمصر وروسيا باستخدام الروبل والجنيه في المعاملات التجارية بين البلدين بديلا عن الدولار.
تدهور الروبل
حول أهمية هذه الخطوة التي تتغنى بها أبواق الانقلاب، قال الخبير الاقتصادي هاني توفيق، إن "اعتماد المركزي الروسي للجنيه ضمن سلة عملات يتعامل معها مباشرة، ليس له قيمة اقتصادية كبيرة". وأضاف «توفيق» في تصريحات صحفية، أن ذلك يرجع إلى ضآلة حجم تجارة مصر مع روسيا، بالإضافة إلى خلل الميزان التجاري والتدهور المستمر في قيمة الروبل.
التعاقدات القديمة
وقال أشرف هلال، مستورد من الصين، ورئيس شعبة الأدوات المنزلية والأجهزة الكهربائية بغرفة القاهرة التجارية، إن: "التعامل بين مصر والصين بالروبل لن يلقي ثماره إلا بعد الانتهاء من التعاقدات القديمة؛ لأنه لا يزال يتم التعامل بالدولار حتى الآن". وأضاف «هلال» في تصريحات صحفية هذا بخلاف أن البضائع المكدسة بالموانئ تحتاج دولار للإفراج عنها وأوراقها لدى البنك المركزي بالدولار، لافتا إلى أن 70% من البضائع المكدسة في الموانئ من الصين. وأوضح أنه بعد الانتهاء من التعاقدات القديمة، سيتم الاستيراد باليوان والروبل، مؤكدا أن التعامل بالعملات المحلية بين مصر والصينوروسيا سيقلل الضغط على الدولار. وأشار «هلال» إلى أن خطوة التعامل باليوان والروبل جاءت متأخرة جدا، موضحا أن تطبيقها قد يساعد على حل أزمة الدولار والاستيراد.
اتفاقيات دولية
وأكد الدكتور علي الإدريسي أستاذ الاقتصاد بأكاديمية النقل البحري، "لم يتم التعامل باليوان بين مصر والصين حتى الآن، موضحا أن الأمر لا يزال في اطار اتفاقيات دولية للمستقبل". وأضاف «الإدريسي» في تصريحات صحفية، أما بالنسبة لروسيا فقد تم إدراج الجنيه المصري ضمن سلة عملاتها، ولكن في نفس الوقت المشكلة الأساسية ليس الاستيراد فقط، فهناك التزامات خارجية والتي منها الديون وطرح الصكوك الدولارية بجانب السندات التي تسدد بالدولار لأجل استحقاقها، والبضائع المكدسة بالمواني، مشددا على أن جميعها التزامات بالدولار لا يمكن الهروب منها. وأوضح أن التبادل بين مصر وروسيا قائم على الزيوت والقمح بشكل أساسي، وهذه ليست فقط الفاتورة الاستيرادية لمصر، حيث هناك دول أخرى يتم الاستيراد منها بالدولار، مؤكدا أن حجم التعامل بين البلدين لن يقلل الضغط على الدولار. وأشار«الإدريسي» إلى أن هناك بضائع تبلغ قيمتها نحو 3.9 مليار دولار مكدسة في الموانئ تحتاج إلى دولار، مؤكدا أنه لا يزال في مصر أزمة دولارية، ويجب الاعترف بها للوصول إلى حلول. وكشف أن هناك انخفاضا وتراجعا في مصادر الدولار لمصر، وفي نفس الوقت يرتفع حجم الالتزامات سواء على مستوى الواردات أو التوجيهات الخاصة بالاقتصاد العالمي والاستثمار. ولفت «الإدريسي» إلى أنه على المدى الطويل قد تحقق الاتفاقيات الدولية بين مصر والصين ورسيا ثمارها، وهو الأمر الذي يحسن مصادر الدولار في مصر، متوقعًا حدوث تغيرات في خريطة الاقتصادين المحلي والعالمي في المستقبل. وشدد على ضرورة أن يتجه التفكير الآن إلى توفير مصادر للحصول على الدولار لمواجهة الأزمات التي تعاني منها البلاد وعدم الوقوف أو الاستغراق في مثل هذه الاتفاقات الدولية التي قد تنفذ وقد لا تنفذ في المستقبل .