"قضاء عادل امام".. ذلك الوصف هو ما يمكن أن توصف به محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بالتجمع الخامس، برئاسة المستشار ياسر الرفاعى، بعدما قضت ببراءة أحد أعمدة فساد المخلوع مبارك، وهو وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي، والتي أعادت عصابة الانقلاب إجراءات محاكمته في القضية المعروفة إعلاميًا ب"اللوحات المعدنية". وبعد ثورة 25 يناير أسندت النيابة العامة ل"غالي" أنه في الفترة من 2004 وحتى 2011 أصدر قرارا وزاريا حمل رقم 165 لسنة 2005 والذي تم بموجبه تجميع نوعيات معينة من السيارات المنتقاة المتحفظ عليها على ذمة مالكيها لدى مصلحة الجمارك فى داخل ساحة جمركية ملحقة بوزارة المالية وتصرف في هذه السيارات دون موافقة مالكيها بتخصيص 6 منها لموكبه الشخصى و96 سيارة لجهات أخرى. بعد 11 سنة ..! وتثير توقيت براءة "غالي" تعجب المراقبين حيث انه يأتي عشية دعوا النزول يوم الجمعة 11 نوفمب في مظاهرات إسقاط السفاح السيسي، وسبق أن عرض غالي، التصالح في عنصر واحد من عناصر ثروته، التي حصل عليها بطريق غير مشروع، بأن يرد 4 ملايين و600 ألف جنيه وغرامة مماثلة بإجمالي 9 ملايين و200 ألف جنيه، إلا أن غالي كان مطالباً بسداد أكثر من مليار جنيه، وبناء عليه رفض الطلب وأخطر بذلك، فقام بالهرب الى بريطانيا التي يحمل جنسيتها. وكان "غالي" وزيرا للمالية في حكومة أحمد نظيف قبل سقوطها، هو ابن شقيق بطرس بطرس غالي الأمين العام السابق للأمم المتحدة. ولد يوسف بطرس غالي في 20 أغسطس 1952 بالقاهرة، وفي سنة 1974 حصل على بكالوريوس كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، في عام 1981 نال دكتوراه في الاقتصاد من معهد ماساتشوستس للتقنية بالولايات المتحدةالأمريكية. تولى الدكتور يوسف بطرس غالى منصب وزير المالية منذ يوليو 2004، قبلها تولى منصب وزير التجارة الخارجية منذ نوفمبر 2001 وحتى يوليو 2004، وشغل منصب وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية منذ أكتوبر 1999. وفي الفترة من يوليه 1997 إلى سبتمبر 1999 شغل منصب وزير الاقتصاد، وفى الفترة من يناير 1996 إلى يونيه 1997 كان وزيرا للدولة للشئون الاقتصادية. وفى الفترة من أبريل 1993 إلى ديسمبر 1995 كان وزيرا للدولة للتعاون الدولي ووزير الدولة لشئون مجلس الوزراء. وخلال الفترة من 1986 إلى 1993 عمل مستشارا اقتصاديا لكل من رئيس مجلس الوزراء ومحافظ البنك المركزي المصري. وقبل أن يتولى هذه المناصب عمل خبيرا اقتصاديا لمدة ست سنوات في صندوق النقد الدولي في الفترة من 1981 إلى 1986. وقبل الدخول في مجال الفساد السياسي ضمن عصابة المخلوع مبارك، كان يشغل منصبا أكاديميا متميزاً فهو حاصل على درجة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة القاهرة وفى عام 1981 حصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من معهد ماساتشوستس للتقنية. فى 23 مارس 2011، أعلن النائب العام السابق عبدالمجيد محمود، إحالة يوسف بطرس غالي وزير المالية الأسبق إلى محكمة جنايات القاهرة بتهمة الإضرار العمدي بالمال العام، حيث إن تحقيقات النيابة العامة كشفت أن وزير الإعلام السابق طلب مبلغ 36 مليون جنيه من وزارة المالية للاتفاق على التغطية الإعلامية لانتخابات مجلسي الشعب والشورى وتمويل الحملة الإعلامية الخاصة بتغطية الأحداث السياسية الهامة والإنجازات التي تحققت خلال الفترة من عام 1981 إلى 2010 التي تولى فيها النظام الحاكم السابق إدارة البلاد. كومبو البراءة يقول الخبير الإقتصادي الدكتور محمد غنيم :" بالنسبة ليوسف بطرس غالى كان الصحيح أن يُحاكم على أمرين: ضم أموال التأمينات إلى وزارة المالية مما أدى إلى فقدان معظمها". مضيفاً :" ثانياً إلغاء الضريبة على الأرباح الرأسمالية الذى أضاع على الدولة المصرية المليارات عندما بيعت شركات الأسمنت وموبينيل وخلافه من خلال البورصة بأرباح طائلة دون تسديد ما هو مستحق لمصر". وفي 12 يوليو 2011 أصدرت المحكمة حكما غيابيا ضد غالى بالسجن 10سنوات ، كما قضت بمعاقبة أحمد نظيف، رئيس الوزراء الأسبق، بالحبس لمدة عام واحد مع إيقاف التنفيذ، والسجن لمدة 5 سنوات للواء حبيب العادلي، وزير الداخلية الأسبق، وبالحبس لمدة عام مع وقف التنفيذ غيابيًا للمتهم الألمانى هيلموت جينجبلث، الممثل القانونى لشركة (أوتش) الألمانية، وطعن "نظيف" و"العادلى" على الحكم وتمت إعادة محاكمتهما وحصلا على البراءة، كما تمت إعادة محاكمة المتهم الرابع "جينجلث" وقضت المحكمة ببراءته في 2017. وأسقط السفاح السيسي بلاغات وجهت ليوسف بطرس غالى بالاستيلاء على مبلغ 435 مليار جنيه من أموال المعاشات لسد عجز الموازنة العامة ودعم البورصة، كما أنه أخذ مبلغ 200 مليون جنيه من أموال التأمينات الاجتماعية فى بنك الاستثمار القومى، ومبلغ 300 مليون جنيه أخرى من صناديق تأمينات القطاع الخاص، والمضاربة بها فى البورصة، مما أسفر عن وقوع خسائر فادحة بتلك الأموال بلغت 60% من أصولها، الأمر جعله يتحايل على هذا العجز باقتراح رفع سن التقاعد إلى 65 بدلا من 60 عاما. وأعلنت لجنة الخدمات المالية لشركة "بريتيش فيرجين أيلاند" فى عام 2011، عقب ثورة 25 يناير، تجميد أموال عدد من شخصيات عصابة المخلوع مبارك، وبعض أفراد أسرته، بموجب قرار الإتحاد الأوروبى فى مارس 2011 بعد الإطاحة بمبارك وأعوانه، ورغم ذلك لم تذكر أى جهه طريقة إخفاء هؤلاء الرموز لأموالهم وإخراجها من مصر.. إلي أن جائت "بنما" وكشفت الستار عن فساد "مبارك" ورموز نظامه من خلال وثيقة تم تسريبها ضمن أكثر من مليون وثيقة تكشف فساد حكام العرب. بينت الوثيقة أسباب تجميد أصول وحسابات عدد كبير من رموز عصابة المخلوع مبارك، وذلك بعد إتهامهم فى قضايا فساد واختلاس من الميزانية العامة للدولة، مما عرقل مسيرة الديمقراطية وجرد الشعب المصرى من فوائد التنمية، وأصدرت شركة "بريتيش فيرجين أيلاند" قائمة الأسماء فى أكتوبر 2011، بعد تفعيل قرار التجميد فى يوليو من نفس العام، مرفقة بقرار الإتحاد الأوروبى، حينذاك، وتصدرت قائمة الأسماء التي إشتملتها الوثيقة، أسرة المخلوع مبارك.