محرك يتحكم فى المركب بكامله، يدير دفته، يتربع على عرش الخزائن، يتصرف فى أموال الناس، دون رقيب أو حسيب، أول من ارتدى السترة، ونجا بنفسه عند أول طوفان يطيح بالنظام فى 25 يناير 2011، المسمى الوظيفى «وزير مالية مبارك»، والاسم المعروف به «يوسف بطرس غالى»، والتاريخ يمتد ليصل بين الحفيد الأصغر، الذى لمع نجمه فى أواخر القرن العشرين، حين عرف الطريق لقلب الجهاز الإدارى للدولة ممثلاً فى حكومتها، وبين الجد الأكبر، الذى خبا نجمه فى مطلع القرن العشرين، حين أقدم أحدهم على قتله عقاباً له على توقيعه ل«اتفاقية السودان»، وما بين الحفيد «يوسف بطرس»، والجد «بطرس غالى» يمتد الخيط رفيعاً طويلاً لا سبيل لقطعه أو التخلص منه. اعتبر البعض أن «غالى» هو أحد الأسباب الرئيسية وراء ثورة يناير، منذ توليه حقيبة وزارة المالية يوليو 2004 فى حكومة رئيس الوزراء الأسبق، أحمد نظيف، وذلك نتيجة القرارات الاقتصادية التى أقرت فى عهده، ضد طبقة محدودى الدخل، مثل تعديل قانون الضريبة على الدخل والعقارات. «غالى» الذى يواجه أحكاماً بالسجن على ذمة عدة قضايا فى مصر، استطاع للمرة الثانية الهروب من القبض عليه، حينما أعلن الإنتربول إلقاء القبض عليه مساء أمس الأول فى مطار شارل ديجول، على خلفية اتهامه فى عدة قضايا من الفساد المالى والإدارى منذ عام 2011، وظل الخبر عنوان الصحف، حتى خرج يوسف بطرس غالى بنفسه فى مكالمة هاتفية لإحدى الصحف المصرية، قائلاً إن خبر إلقاء القبض عليه «عار تماماً عن الصحة»، محتمياً بذلك من خلال حصوله على حق اللجوء السياسى من بريطانيا. ظل «غالى» طوال فترة توليه حقيبة وزارة المالية خلال حكم «مبارك»، يمثل أحد المدافعين عن النظام وقراراته، كان يرى أنه لا يجوز الاقتراب من الموازنة العامة للدولة، لتوفير أى زيادة فى احتياجات المواطن، فلا يوجد بديل يمكن الاقتراب منه إلا أموال الدعم، حتى إنه اشتهر أثناء الحوارات الصحفية معه، أو استجوابه فى جلسات مجلس الشعب وزيراً للمالية عن الموازنة العامة، وكيفية مواجهة الأعباء المالية للدولة، بقوله: «اطبخى يا جارية كلف يا سيدى». كان أول ظهور ليوسف بطرس غالى بعد هروبه من مصر، فى مقطع فيديو انتشر على شبكة الإنترنت، يوضح مطاردة شاب مصرى له أثناء سيره فى أحد شوارع لندن، ظل الشاب يطارد الوزير الهارب، ويتهمه بسرقة أموال الشعب المصرى، فيرد «غالى»: «أنا هطلب لك البوليس، إحنا فى دولة فيها قانون». «غالى» الذى ولد فى 20 أغسطس 1952 بالقاهرة، حصل على بكالوريوس فى الاقتصاد من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، ونال درجة الدكتوراه فى الاقتصاد من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدةالأمريكية عام 1981، وتدرج فى الوظائف الحكومية، إلى أن تركها هارباً إلى لندن.