فرضت وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب حالة الطوارئ القصوى على جميع مديريات الأمن والمراكز والأقسام بجميع المحافظات خوفا من المظاهرات المحتملة يوم الجمعة المقبل (11 نوفمبر 2022) بالتزامن مع انعقاد قمة المناخ (كوب 27) بشرم الشيخ تحت رعاية الأممالمتحدة بمشاركة عشرات الرؤساء والزعماء من جميع أنحاء العالم. ورغم غموض الدعوة لهذه المظاهرات وغموض الداعين إليها إلا أن نظام السيسي يعاني من حالة رغب حقيقية وأصيب بحالة هوس غير مسبوقة في ظل تردي الأوضاع على نحو مخيف. وقد اتخذ وزير الداخلية بحكومة الانقلاب اللواء محمود توفيق عدة قرارات: * إلغاء جميع الإجازات لضباط وأمناء وأفراد الشرطة اعتباراً من الاثنين 07 نوفمبر، وحتى انتهاء مؤتمر المناخ في 18 نوفمبر الحالي. * تكثيف الوجود الأمني في جميع الشوارع والميادين الرئيسية، وفي محيط المنشآت المهمة والحيوية، لا سيما في محافظاتالقاهرة الكبرى (القاهرة والجيزة والقليوبية) والإسكندرية. ونشر الكمائن الأمنية على الطرق الرئيسية والمحاور والميادين، وتم توقيف مئات المارة وتفتيش هوياتهم وهواتفهم المحمولة لمعرفة محتوى منشوراتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتنسيق مع الأمن الوطني بهذا الشأن. * غلق المقاهي والمحال التجارية الواقعة في نطاق وسط القاهرة، اعتباراً من الساعة الثالثة من عصر يوم الجمعة المقبل (11/11)، وإلغاء أي فعاليات جماهيرية كانت مقررة في اليوم نفسه، سواء رياضية أو فنية، مع التنبيه على الأندية ومراكز الشباب في جميع المحافظات بغلق أبوابها في السابعة مساءً. وقد تلقى أصحاب المقاهي تعليمات أمنية بعدم فتح المقهى في 11 نوفمبر، وهي التعليمات التي تم نقلها لجميع المقاهي في القاهرة، مع التشديد على الالتزام بها، وتعرض المخالفين لعقوبات تصل إلى حد إلغاء التراخيص وغلق المقهى نهائياً. * تكثف مدرعات الشرطة من وجودها بالقرب من ميادين عبد المنعم رياض والتحرير وطلعت حرب وباب اللوق، وسط العاصمة، وأمام نقابتي الصحفيين والمحامين بشارعي عبد الخالق ثروت ورمسيس، وأيضاً في بعض مناطق شرق القاهرة، مثل ميادين المطرية، وحلمية الزيتون، والألف مسكن، والنعام، في حي عين شمس، لما لهذه المناطق من سوابق في الخروج بتظاهرات مناوئة للسيسي قبل نحو 3 سنوات. وعلى المستوى الرياضي اتخذ الوزير أشرف صبحي مجموعة من القرارات: * إلغاء وتأجيل كل الأنشطة الرياضية المقررة في 11 نوفمبر، وذلك لمنع أي تجمعات قد تتحول لاحقاً إلى شرارة تظاهرات. * قرار رابطة الأندية المصرية، الخاص بتأجيل الجولتين القادمتين من الدوري المصري الممتاز لكرة القدم، في ظل وجود مباريات كانت محددة في 11 من الشهر الحالي، وهو الأمر الذي يمثل تهديداً كبيراً للأمن، في ظل السماح في الوقت الراهن بدخول آلاف المشجعين في كل مباراة، وهو عدد كفيل بتفجير تظاهرات ضخمة. * أخطر الاتحاد المصري للكرة الطائرة ناديي الأهلي والزمالك بإقامة مباراة قمة السيدات في الدوري، المقرر أن تجرى على صالة نادي الأهلي بالجزيرة، الجمعة المقبل، من دون حضور جماهيري. وعلى المستوى الفني، فقد أجّل المطرب محمد منير حفله الذي كان مقرراً في مدينة الإسكندرية مساء الخميس 10 نوفمبر، ليصبح في 2 ديسمبر المقبل. وقالت الشركة المنظمة للحفل، في بيان، إنه "حرصاً وحفاظاً على أمن وسلامة جمهورنا، وبناءً على رغبة الجميع أن يكون يوم الحفل يوم الجمعة، وحرصاً منا على إقامة حفل تاريخي أسطوري آخر للكينغ (محمد منير) بالإسكندرية، قررنا تغيير موعد الحفل ليقام يوم الجمعة 2 ديسمبر 2022". وعلى المستوى التعليمي، فالجمعة يوم إجازة من المدارس، لكن وزارة الداخلية هددت أصحاب السناتر والمدرسين باعتقالهم إذا لم يتم إلغاء الدروس والمحاضرات التي يحضرها مئات الطلاب خوفا من أي حشود جماهيرية. مع التشديد على إلغاء أي مواعيد دراسية بتلك "السناتر"، للمرحلة الثانوية. وعلى المستوى السياسي والتنظيمي، هناك تكليفات صدرت لأعضاء مجلسي نواب وشيوخ الانقلاب المنتمين إلى "تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين"، بضرورة عقد مؤتمرات جماهيرية والنزول للدوائر، ولقاء المواطنين، وبث رسائل طمأنة لهم بشأن المرحلة المقبلة، وحثهم على عدم التجاوب مع أي دعوات للتظاهر، والترويج لخطط حكومية قادمة بشأن قرارات للتخفيف من حدة الأزمات الاقتصادية، وموجات غلاء الأسعار، التي تتسبب في حالة احتقان في الشارع المصري. وشهدت الأيام الماضية اجتماعات ضمت مسؤولين أمنيين مع قيادات شعبية في مختلف المحافظات، بحضور نواب، لضمان التأكيد على دور الجهات التنفيذية والقيادات المحلية في وأد أي دعوات للتظاهر في مهدها، خوفاً من أن تأتي شرارة التظاهرات هذه المرة من المراكز، وليس من الميادين الكبرى، كما حدث خلال أحداث ثورة 25 يناير2011.
اعتقالات مسعورة من ناحية أخرى، رصدت صفحة المحامي محمد أحمد 357 متهمًا ظهروا أمام نيابة أمن الدولة في الفترة من 3 أكتوبر الماضي وحتى 7 نوفمبر الجاري، وذلك بعد أن رصد عدد من المنظمات الحقوقية والمحامين، ومنهم المحامية هدى عبد الوهاب، تزايد عدد المقبوض عليهم المعروضين على نيابة أمن الدولة، إلى 165 شخصًا خلال الأسبوعين الماضيين. وبحسب حصر المحامين والمنظمات الحقوقية، أُدرجت غالبية المقبوض عليهم على ذمة القضية رقم 1893 لسنة 2022 المعروفة ب«ثورة المناخ»، وقضية أخرى برقم 1691 لسنة 2022، وتنوعت أسباب القبض عليهم بين قيامهم بتسجيل رسائل صوتية أو مقاطع فيديو تتناول انتقاد السيسي وسياساته، وموضوعات من بينها غلاء الأسعار والظروف الاقتصادية الحالية، أو دعوة المواطنين للمشاركة في تظاهرات 11 نوفمبر، بالإضافة إلى مشاركة آخرين مقاطع مصورة مع الإعلامي حسام الغمري، يعبرون فيها عن رغبتهم في التظاهر في 11 نوفمبر. وبخلاف المعروضين على نيابة أمن الدولة، قال المحامون إن هناك مئات المتهمين الذين قُبض عليهم من الشوارع ومن منازلهم ومقار عملهم، محتجزون بمعسكرات الأمن المركزي بالمحافظات، ويتم عرضهم على النيابات العادية، وتقوم الأخيرة بحبسهم، ويكون لها خلال التحقيق جميع صلاحيات نيابة أمن الدولة، وتوجه لهم نفس التهم. وينقل موقع "مدى مصر" عن المحامي محمد رمضان أن النيابات العادية في الإسكندرية متكدسة بسبب عرض المقبوض عليهم بسبب دعوات التظاهر، حيث تم اعتقال العشرات من منازلهم أو مقار عملهم، كما رصدت منظمات حقوقية حملات أمنية موسعة، قُبض خلالها على عشرات المواطنين في محافظاتالشرقيةوالسويس. فبحسب الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، ألقت قوات الأمن القبض على ما لا يقل عن 25 شخصًا في محافظة الشرقية، فيما حققت النيابات مع 11 شخصًا منهم فقط، بحسب بيان للجبهة الجمعة الماضي، ووجهت لهم نفس التهم، وقررت حبسهم وإيداعهم سجون وادي النطرون وبرج العرب وجمصة. من جانبه، أدان مركز الشهاب لحقوق الإنسان «القبض التعسفي» على 42 شخصًا بمحافظة الإسكندرية، وحبسهم على ذمة قضية برقم 12608 إداري ثان منتزه، بسبب دعوات التظاهر. وفي السويس، قالت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان إن شوارع المحافظة شهدت منذ أسبوعين حملة أمنية، اعتُقل على أثرها مئات المواطنين، بعضهم معتقلون سابقون، وعدد من أهالي النشطاء السياسيين، وعدد آخر من المعتقلين لأول مرة، عُرض منهم أكثر من 200 متهم حتى أمس على النيابات بالسويس، وما زال الكثيرون ينتظرون العرض داخل مقار معسكر قوات الأمن بالسلام، ومعسكر الأمن المركزي بشارع ناصر، ومبنى الأمن الوطني بجوار مجمع المحاكم.