يشهد القطاع العقاري حالة من التذبذب وعدم الاستقرار تهدد بتوقفه وتسريح ملايين العاملين فيه بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء بصورة جنونية من جانب عصابة العسكر ، بالإضافة إلى التداعيات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية وجائحة فيروس كورونا والتضخم ورفع أسعار الفائدة وتراجع قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية . هذه العوامل تسببت في ارتفاع سعر طن حديد التسليح والأسمنت في غضون أيام بنحو 50% على الأقل وأسرع وتيرة تحدث منذ فترة طويلة، حيث قفز طن الحديد من 13 ألف جنيه للمستهلك النهائي في يناير الماضي إلى نحو 20 ألف جنيه. أزمة حقيقية من جانبه أكد المهندس أحمد الزيات، عضو لجنة التشييد بجمعية رجال الأعمال، أن قطاع التشييد والبناء والمطورين العقاريين يواجهون أزمة حقيقية في التمويل والسيولة النقدية مع تباطؤ سلاسل الإمداد وتراجع الإنتاج وارتفاعات كبيرة في أسعار مواد البناء المختلفة ، فضلا عن تأثيرات تطبيق قانون البناء الموحد بالمحافظات. وكشف الزيات في تصريحات صحفية أن تطبيق قانون البناء الموحد خفض الطلب على الاستثمار العقاري من قبل المستثمرين في المحافظات، وأدى إلى زيادة أسعار الوحدات مع عدم توافرها بجانب الركود في حركة البيع وتراجع إعداد العمالة. وشدد على أهمية العمل على عدد من المقترحات لتفادي مشاكل تطبيق قانون البناء بالمحافظات، منها السماح لكل محافظة بتحديد آليات تنفيذ القانون وفقا للكثافة السكانية والظهير الصحراوي، وإعادة تخطيط المناطق التجارية داخل المدن وتقنين الإجراءات القانونية، وتوفير طرح أراضٍ سكنية من قبل المحافظات وكذلك أجهزة دولة العسكر بجانب أراضى الأوقاف غير المستغلة وإعادة تخطيطها وطرحها على المستثمرين وفقا لاشتراطات مدن الجيل الرابع، بالإضافة إلى إنشاء مخطط أراضي لكل مدينة خارج حدودها لإنشاء المناطق الصناعية والخدمية والتجارية. وأشار الزيات إلي أن صعوبة إجراء التمويل العقاري وخفض التدفقات النقدية من بين أهم التحديات التي تواجه المطورين بالعاصمة الإدارية الجديدة، بجانب عدم وجود ضوابط لمبيعات القطاع العقاري، وارتفاع تكاليف التنفيذ سواء فيما يتعلق بمواد البناء أو العمالة، بالإضافة إلى ركود في مبيعات الوحدات السكنية والخدمية. واقترح عددا من الحلول للتغلب على التحديات التي تواجه شركات التطوير العقاري المستثمرة في العاصمة الإدارية منها إعادة جدولة أقساط الأراضي من قبل شركة العاصمة الإدارية الجديدة، وخفض قيود التمويل العقاري للشركات والأفراد ومبادرة البنك المركزي المصري، والرقابة على تنفيذ المشروعات العقارية وفقا للجدول الزمني المحدد مع العميل، وإنشاء شركة قابضة للمساهمة في تنفيذ المشروعات المتعثرة، وإنشاء مكتب استشاري وبيت خبرة هندسي للإشراف على تنفيذ المشروعات وفق الاشتراطات المحددة، بالإضافة إلى مشاركة الشركات بيت خبرة في مشروعات مجالات توطين التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي ورفع كفاءة الشركات المنفذة.
سعر الصرف
وقال الدكتور أحمد الشناوي، عضو لجنة التشييد بجمعية رجال الأعمال المصريين، إن "السوق العقارية تشهد حاليا حالة من عدم الاستقرار متأثرة بالأزمة الروسية الأوكرانية وارتفاع سعر الصرف للدولار ، ما ترتب عليه ارتفاع كبير في أسعار مواد البناء وجميع مدخلات صناعة العقار والتطوير العقاري". وأضاف الشناوي في تصريحات صحفية أن الشهادات البنكية بفائدة 18% تعتبر تحديا جديدا أمام القطاع العقاري إلا أن العقار دائما قادر على مواجهة التحديات التي توثر على الاستثمار في المجالات الأخرى. وأكد أنه خلال الربع الأول من العام الجاري شهدت السوق العقارية زيادة في الأسعار تراوحت ما بين 15% إلى 20%، مطالبا شركات التطوير العقاري بالتخلي عن أي زيادات سعرية غير منطقية عن هذه النسبة المذكورة حتى يستطيع القطاع العقاري مواجهة التحديات الراهنة وأيضا انتعاش حركة المبيعات . وطالب الشناوي جميع المطورين بالعمل على مواجهة أية محاولات لاحتكار مواد البناء ، موضحا أنه في ظل التحديات العالمية والمحلية الجديدة التي أثرت على القطاع العقاري يجب على حكومة الانقلاب مد الإطار الزمني لتنفيذ المشروعات لمدد من 6 شهور إلى 12 شهرا . وشدد على ضرورة دعم المطورين الجادين عن طريق إتاحة الفرص بشكل أكبر في المشاركة مع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة في مشروعات التطوير والتنمية العمرانية وأيضا زيادة فترات التقسيط في حالة شراء الأرض إلى 7 سنوات وتقديم التسهيلات للحصول على القروض البنكية، بالإضافة إلى وضع آليات وضوابط تنظيمية على شركات التطوير العقاري وعلى شركات التسويق العقاري وتمويل الوحدات تحت الإنشاء وعمل عقد ثلاثي بين المطور والبنك والعميل وفتح حساب مشترك لضمان توجيه التدفقات النقدية في ذات المشروع. وأشار إلى ضرورة أن يعمل نظام الانقلاب على عودة الإسكان الاجتماعي بحيث تناسب أسعاره ومساحاته الشباب والظروف الاقتصادية العالمية من خلال مشاركة القطاع الخاص.
انفلات الأسعار
وقال المهندس داكر عبد اللاه، عضو شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العالم للغرف التجارية، إن "الأزمة الحالية التي يعيشها العالم بصفة عامة وتشهدها مصر نتيجة تداعيات الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا والتي أدت إلى ارتفاع الأسعار العالمية بصورة حادة ولاسيما أسعار النفط والغاز الطبيعي أثرت على كافة الصناعات، حيث شهدت كافة المواد ارتفاعا غير مسبوق في الأسعار على جميع الأصعدة نتيجة تلك الأحداث. وتوقع عبد اللاه، في تصريحات صحفية حدوث تباطؤ كبير في نشاط القطاع العقاري والمقاولات خلال الفترة القادمة نتيجة للارتفاعات الجنونية لأسعار الحديد والأسمنت التي تضاعفت في أيام قليلة، مؤكدا أن القطاع العقاري والإنشائي مهدد بالتوقف وتجميد النشاط الذي يمثل معادلة كبيرة في الموازنة العامة لدولة العسكر لما يحققه من تدفقات نقدية واستثمارية. وأضاف، أن وجود حالة كبيرة من الانفلات في أسعار مواد البناء خاصة الحديد والأسمنت نتيجة للحرب الروسية الأوكرانية وكذلك حالة التضخم التي يعاني منها العالم كله من غير المنطقي أن تكون هي السبب في يوم وليلة ولكن جشع البعض في منظومة مواد البناء والمغالاة سريعا بهدف جني أرباح سهلة هو السبب وهذا سيعود بالسلب على المنظومة كلها بداية من العامل في أي موقع وصولا إلى الصانع والتاجر مع العزوف عن شراء العقار في ظل ارتفاع أسعاره المتوقعة وكذلك توقف الطلب على مواد البناء بالتبعية. وأكد عبد اللاه، أن منظومة ضبط سوق مواد البناء يجب أن تكون مسئوليتنا جميعا لأن الضرر سيطال الكل وعلى حكومة الانقلاب أن تفعل دور الأجهزة الرقابية بشكل أقوى وأكبر للسيطرة على انفلات الأسعار.