أعلنت سلطات الانقلاب حظر تصدير القمح والدقيق والأرز والمكرونة والزيوت والفاصوليا لمدة ثلاثة أشهر، بدعوى احتواء تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا. وتمثل الحرب الدائرة بين روسياوأوكرانيا، أكبر مصدري القمح في العالم، تهديدا للأمن الغذائي في العديد من البلدان، خاصة في المنطقة العربية. وتستورد مصر التي تعد أكبر مستورد للقمح في العالم، 50 في المائة من حاجتها من القمح من روسيا، إذ تستورد ما بين 10 ملايين و 12 مليون طن من القمح سنويا من روسيا، وفي الوقت نفسه، تستورد مصر 30 في المائة من احتياجاتها من القمح من أوكرانيا، وتقدر كمية القمح التي يستهلكها المصريون سنويا بحوالي 20 مليون طن، وفقا لبيانات وزارة الزراعة المصرية. وقالت الوزارة في تقرير نشر في 12 مارس إن "مصر تخطط لزيادة المساحات المزروعة بالقمح في أنحاء البلاد، والتي بلغت 360 مليون فدان هذا العام، وذلك بهدف إنتاج 10 ملايين طن من القمح هذا العام محليا". في ضوء الحرب الروسية المستمرة على أوكرانيا وما تلا ذلك من ارتفاع في أسعار القمح العالمية، حظرت وزارة التجارة والصناعة في حكومة الانقلاب منذ ثلاثة أشهر تصدير بعض السلع الأساسية بدعوى ضمان الأمن الغذائي وحماية احتياطيات القمح المحلية، وجاء قرار المنع الذي استمر ثلاثة أشهر في قرارين منفصلين صدرا في 10 و 12 مارس. وتشمل المنتجات المتضررة الفاصوليا والعدس والمكرونة والقمح والدقيق بأنواعه وزيوت الطعام بكافة أنواعها والفريك (نوع من القمح الأخضر) والذرة، وفقا لبيان رسمي نشر على صفحة مجلس وزراء الانقلاب على فيسبوك. وقال نيفين جامع وزير التجارة والصناعة بكومة السيسي، في بيان، إن "قرار الحظر جاء بالتنسيق الكامل مع وزارة التموين والتجارة الداخلية كجزء من خطة الدولة لتأمين السلع الأساسية". وكشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في تقرير له عن يوم الغذاء العالمي الموافق 16 أكتوبر 2021، أن إنتاج الحبوب في مصر بلغ 21.9 مليون طن في 2019/2020، منها 9.1 مليون طن قمح تم إنتاجها في مصر خلال نفس الفترة و 4.8 مليون طن أرز، كما أشار التقرير إلى أن إنتاج البقوليات في مصر بلغ 20.9 مليون طن في 2019/2020 وأن إنتاج الفواكه بلغ 11.6 مليون طن في الفترة نفسها. وكشفت أحدث البيانات الصادرة عن الجهاز القيمة الإجمالية للصادرات المصرية في نوفمبر 2021. فصادرات فول الصويا مثلا بلغت 19.217 مليون دولار، بينما بلغت صادرات المكرونة 6.515 مليون دولار. ونشر مجلس وزراء الانقلاب على صفحته الرسمية على موقع فيسبوك في 14 مارس تقريرا يبين معدلات الاكتفاء الذاتي لمختلف السلع الغذائية الأساسية. وأشار التقرير إلى أن نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح بلغت 65 في المائة بعد بدء عملية الحصاد في شهر أبريل، وأن المخزون الإستراتيجي بلغ عاما واحدا؛ تصل نسبة الزيوت إلى 30٪ لخمسة أشهر؛ مع 100٪ للأرز لمدة 6. 5 أشهر؛ 100٪ من الباستا لمدة خمسة أشهر؛ 87٪ سكر لمدة 4. 5 أشهر؛ 30٪ من الفاصوليا لمدة ثلاثة أشهر؛ 57٪ للحوم لمدة 9. 5 أشهر؛ و 97٪ للدواجن لمدة 6. 5 أشهر. وعن توقيت قرار حظر تصدير القمح مع العلم بأن مصر هي أكبر مستورد للقمح في العالم، قال رشاد عبده، الخبير الاقتصادي "قبل صدور الحظر، لم تكن هناك إجراءات أو قوانين تمنع فرض حظر على تصدير القمح المحلي لتحقيق الاكتفاء الذاتي، ولهذا السبب قامت العديد من الشركات المصرية الخاصة بتصدير القمح إلى الخارج". وأضاف "في مرحلة ما، كانت مصر تستورد القمح بأسعار أقل من سعره المحلي" وأضاف أن هذا الأمر دفع بالحكومة إلى استيراد معظم حاجاتها، والسماح للتجار الكبار من القطاع الخاص بتصدير الإنتاج المحلي، والآن سوف تشتري الدولة كل الإنتاج المحلي من القمح لتلبية احتياجاتها. وأضاف عبده أن حكومة السيسي طلبت مؤخرا من المزارعين الالتزام ببيع القمح للحكومة مع فرض غرامات على المخالفين. مضيفا "أن روسياوأوكرانيا من أكبر الدول المصدرة للقمح إلى مصر، ولا أحد يعرف إلى متى أو مدى الحرب الدائرة بينهما، فمصر تتجه حاليا إلى إنتاجها المحلي من القمح كملاذ آمن في هذه الظروف الصعبة. كما أشار تقرير مجلس وزراء الانقلاب الصادر في 14 مارس إلى أنه من المتوقع أن يصل إنتاج القمح في مصر هذا العام إلى 10 ملايين طن مقارنة ب 9 ملايين طن في العام الماضي؛ بزيادة قدرها 11.1 في المائة، كما أشار إلى أن الحكومة تسعى لزيادة المساحات المزروعة بالقمح بنسبة 7.4 في المائة، من 3.4 مليون فدان عام 2021 إلى 3.65 مليون فدان عام 2022. ويصل استهلاك مصر من القمح إلى 18 مليون طن، وهو رقم مرشح للارتفاع نظرا للزيادة السكانية السنوية وفقا للتقرير، ففي العام الماضي، كان نحو 50٪ من واردات مصر من القمح يأتي من روسيا و 30٪ من أوكرانيا. وقال وزير الري السابق محمد نصر الدين علام للمونيتور" إن قرار الحظر يكفي لتوفير الاحتياجات المصرية من القمح في ظل الأزمة العالمية الحالية الناتجة عن الحرب الروسية". إلا أنه أكد أن حظر تصدير القمح لا يعني أن مصر تمتلك فائضا من القمح ليتم تصديره، قائلا إن "مصر تستورد حوالي 60 في المائة من احتياجاتها من القمح، وأضاف أن قرار الحظر يهدف إلى منع أي محاولات من القطاع الخاص لتصدير القمح المصري إلى الخارج بأي طريقة ممكنة، حفاظا على الإنتاج المحلي وعدم التلاعب بالأسعار". وفي 24 مارس، أعلن وزير التموين والتجارة الداخلية في حكومة السيسي، علي المصيلحي في مؤتمر صحفي أن مصر تجري حاليا محادثات مع فرنسا والأرجنتين والهند والولايات المتحدة لاستيراد القمح في المستقبل. وفي الوقت نفسه، أعلن مجلس وزراء الانقلاب في 16 مارس عن زيادة أسعار القمح بواقع 65 جنيها 3.57 دولار أميركي للأردب الواحد 150 كيلوغراما، ليبلغ السعر الإجمالي لأردب واحد من القمح 865 جنيها 47.4 دولار، وتأتي هذه الخطوة كجزء من حوافز إضافية لتشجيع المزارعين المحليين على بيع القمح للدولة. وفي هذا السياق، قال علام إن "حكومة السيسي بحاجة إلى شراء القمح من المزارعين المصريين بسعر عادل من أجل التوسع في زراعة القمح وتحقيق الاكتفاء الذاتي، ينبغي ألا يقتصر الحظر على ثلاثة أشهر، يجب على الحكومة منع تصدير أي سلعة أساسية بشكل دائم، وألا تسمح بذلك إلا بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي. يجب تصدير الفائض فقط". ووفقا لإحصائيات صدرت في 25 فبراير عن الجمعية، بلغت واردات مصر من القمح 2.4 مليار دولار خلال الأشهر ال 11 الأولى من عام 2021، بمعدل 6.1 مليون طن. وتصدرت روسيا قائمة البلدان العشرة التي استوردت منها مصر القمح خلال الأشهر ال 11 الأولى من عام 2021، حيث استوردت مصر 4.2 مليون طن من القمح بقيمة 1.2 مليار دولار من موسكو، وهو ما يمثل 69.4 في المائة من إجمالي القمح المستورد من مصر، وجاءت أوكرانيا في المرتبة الثانية بنحو 651400 طن، بقيمة 649. 4 مليون دولار، تمثل 10. 7٪ من إجمالي الواردات. وقال ابراهيم عشماوي، مساعد وزير التموين، في تصريحات متلفزة في 13 مارس إن "المواطنين المصريين يستهلكون سنويا ما يعادل 182.5 كيلوغراما من القمح، وينقسم إلى خمسة أرغفة في اليوم، وأن ربع مليار شريحة خبز تنتج يوميا". وفي 30 مارس ، أعلنت نيفين جامع عن قرار جديد يحظر تصدير بعض أنواع الخردة الحديد والزنك والصلب الذي لا يصدأ والنحاس بكافة أشكاله، والمواد الخام ولب الورق لفترة ستة أشهر. وأوضح مساعد وزير الشؤون الاقتصادية إبراهيم السيجيني في بيان له أن القرار جاء استجابة لطلبات غرفة الصناعات الهندسية وغرفة الصناعات المعدنية بشأن الخسائر التي تكبدتها الشركات العاملة في هذا المجال بسبب نقص الخردة وارتفاع الأسعار محليا. وأشار إلى أهمية الخردة المعدنية في تحقيق التنمية الصناعية والاقتصادية كونها إحدى المواد الخام البديلة للمواد الأولية الأساسية.