حذر خبراء اقتصاد من اشتعال حرب بين روسياوأوكرانيا وتداعياتها السلبية على مصر، مؤكدين أن تلك الحرب قد تتسبب في توقف صادرات القمح، مما يهدد المصريين بالحرمان من رغيف الخبز الذي تعتمد عليه الأسر المصرية في وجباتها اليومية . وقالوا إن "الصراع الروسي الأوكراني يأتي في وقت شهدت فيه أسعار القمح العالمية قفزة كبيرة، بعدما سجل مؤشر "فاو" ارتفاعا حادا في يناير الماضي للشهر الثامن على التوالي". وانتقد الخبراء رفض حكومة الانقلاب تنويع مصادر استيراد القمح و الاعتماد على 3 دول فقط ، هي روسياوأوكرانياوالولاياتالمتحدة، مؤكدين أن هناك دولا يمكن الحصول منها على قمح أجود وبأسعار أرخص، منها الهند وأوزبكستان لكن يبدو أن عصابة العسكر لها مصالح خاصة مع الدول التي تستورد منها القمح .
أكبر مستورد يشار إلى أن مصر تعتبر أكبر مستورد للقمح من بين دول العالم بنحو 13.6 مليون طن سنويا، لتسد فجوة استهلاكية بين الاستهلاك الذي يقترب من 20 مليون طن سنويا وبين الإنتاج المحلي الذي لا يتخطى 8 ملايين طن. وحجم استهلاك المصريين من القمح مرشح للزيادة العام الحالي ليصل إلى 23 مليون طن سنويا، مع تزايد عدد السكان إلى 102.2 مليون نسمة وفقا لتقرير لوزارة الزراعة الأمريكية. وتؤكد حسابات الحرب الروسية – الأوكرانية أن فاتورة الحرب ستجعل خبز المصريين تحت رحمة القمح الروسي والأوكراني. في ظل عدم سعي نظام الانقلاب الدموي إلى تنويع مصادر الاستيراد واعتماد العصابة على منافع خاصة للاستيراد من دول بعينها، فيما شهدت أسعار القمح العالمية قفزة كبيرة خلال العام الماضي، بعدما سجل مؤشر منظمة الأغذية والزراعة بالأمم المتحدة "فاو" ارتفاعا حادا في ينايرالماضي، للشهر الثامن على التوالي وبأعلى معدل شهري منذ يوليو 2014، إذ سجلت الأسعار زيادات كبرى خلال الشهر الماضي بنحو 6.8 في المئة . وأرجعت المنظمة الأميركية ذلك إلى ارتفاع الطلب العالمي والتوقعات بانخفاض المبيعات من جانب الاتحاد الروسي اعتبارا من مارس المقبل، عندما ستبلغ الرسوم الجمركية بالنسبة إلى صادرات القمح الضعف. ويتداول القمح الأميركي في الوقت الحالي عند 387 و346 دولارا للطن لنوعية "Hard" و"Soft" وفقا لآخر بيانات المجلس العالمي للحبوب.
ارتفاع الأسعار من جانبها أكدت وكالة "بلومبيرج" أن الصراع الروسي الغربي في أوكرانيا سيؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية مع تضاعف مشاكل العرض، ويمكن أن تؤدي العقوبات المتوقعة التي قد يفرضها الغرب على روسيا إلى نقص في الغذاء والطاقة، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار كليهما. وقالت "بلومبيرج" في تقرير لها إن "التأثير الأكبر لهذه الأزمة قد يطاول أسعار الغذاء، مؤكدة إن أوكرانياوروسيا معا، هما الأثقل وزنا في سوق القمح العالمية والذرة وزيت عباد الشمس، وهو ما يجعل المشتريين في كل من آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط عرضة لتكاليف أكثر غلاء للخبز واللحوم في حال تضررت الإمدادات". ولفتت إلى أن هذا من شأنه أن يضيف إلى تكاليف السلع الغذائية التي ترتفع بالفعل عند أعلى مستوى منذ سنوات بفعل جائحة فيروس كورونا، ما دفع أسعار القمح إلى أعلى مستوى لها خلال الشهرين الماضيين، بسبب العلاقات المتوترة بين الولاياتالمتحدةوروسيا بشأن أوكرانيا، وأوضحت أن الدولتين تمثلان نحو ثلث شحنات القمح والشعير العالمية.
طن القمح وكشف حسين بودي رئيس شعبة المطاحن، باتحاد الغرف التجارية ، أن أسعار الدقيق ارتفعت خلال الفترة الماضية بمتوسط 300 جنيه للطن بالأسواق. وقال بودي في تصريحات صحفية إن "متوسط سعر طن القمح يتداول حاليا بسعر سبعة آلاف جنيه مقابل 6700 جنيه ، قبل الزيادة وأرجع ذلك إلى ارتفاع أسعار القمح عالميا وتراجع الإنتاج المحلي" .
أسواق بديلة وقال أحمد الباشا رئيس شعبة الحاصلات الزراعية بغرفة القاهرة التجارية إن "حكومة الانقلاب تستورد 97 في المئة من حاجتها من القمح من موسكو وكييف". وأضاف الباشا في تصريحات صحفية، أن أسعار القمح كانت قبل الأزمة الحالية بين روسياوأوكرانيا على المستوى العالمي في زيادة منذ عام 2020 بفعل جائحة فيروس كورونا، مشيرا إلى أن أسعار القمح ارتفعت بنحو 45 في المئة على أقل تقدير في عام 2021. وتوقع أن تواصل أسعار القمح الارتفاع بسبب المناوشات العسكرية بين أكبر دولتين تستورد مصر منهما القمح، مطالبا حكومة الانقلاب بالبحث عن أسواق بديلة لاستيراد القمح وتدعيم خطط تحقيق الاكتفاء الذاتي.
مسار خاطئ وطالب حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين وزارة زراعة الانقلاب بدعم المزارعين وتحفيزهم، من أجل التوسع في زراعة القمح محليا لتقليل حجم الفجوة الاستهلاكية بين الإنتاج والاستهلاك . وأكد أبو صدام في تصريحات صحفية أن بداية تصحيح المسار الخاطئ، هو الإعلان عن سعر عادل لإردب القمح يرضي المزارعين، ما يحفزهم لزيادة المساحات المنزرعة بمحصول القمح. وأشار إلى أن المصريين يستهلكون نحو 20 مليون طن قمح سنويا، بينما ينتجون أقل من ثمانية ملايين طن قمح. وأكد أن حكومة الانقلاب تشتري فدان القمح من المزارعين بأقل من 14 ألف جنيه ، إذ يصل سعر إردب القمح نحو 820 جنيها في المقابل، تتخطى تكلفة إنتاج فدان القمح 13.5 ألف جنيه ما يجعل هامش الربح الذي يحصل عليه المزارع ضئيلا للغاية ومثبطا للهمة.