مجلس أمناء الحوار الوطني يتابع تنفيذ الحكومة الجديدة لتوصياته    مدرب البنك الأهلي: لن أخوض مباراة زد قبل مواجهة سموحة    بسمة وهبة تتنقد تقصير شركة شحن تأخرت في إرسال أشعة ابنها لطبيبه بألمانيا    برواتب تصل ل11 ألف.. 34 صورة ترصد 3162 فُرصة عمل جديدة ب12 محافظة    ملفات شائكة يطالب السياسيون بسرعة إنجازها ضمن مخرجات الحوار الوطني    بنها الأهلية تعلن نتيجة المرحلة الأولى للتقديم المبكر للالتحاق بالكليات    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الإثنين 1 يوليو 2024    13 فئة لها دعم نقدي من الحكومة ..تعرف على التفاصيل    برلماني يُطالب بإعادة النظر في قانون سوق رأس المال    مع بداية يوليو 2024.. سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم    التطبيق من 6:00 الصبح .. المواعيد الجديدة ل غلق وفتح المطاعم والكافيهات ب القليوبية    اتحاد العمال المصريين في إيطاليا يكرم منتخب الجالية المصرية في موندياليتو روما 2024    4 جنيهات ارتفاعًا في سعر جبنة لافاش كيري بالأسواق    رئيس هيئة نظافة وتجميل القاهرة يبحث مع العاملين مستوى النظافة بالعاصمة    بدء محادثات الأمم المتحدة المغلقة بشأن أفغانستان بمشاركة طالبان    الرئيس الكيني يدافع عن تعامله مع الاحتجاجات الدموية في بلاده    رودرى أفضل لاعب فى مباراة إسبانيا ضد جورجيا فى يورو 2024    زيلينسكي يحث داعمي بلاده الغربيين على منح أوكرانيا الحرية لضرب روسيا    انتخابات بريطانيا 2024.. كيف سيعيد ستارمر التفاؤل للبلاد؟    بحضور 6 أساقفة.. سيامة 3 رهبان جدد لدير الشهيد مار مينا بمريوط    يورو 2024 – برونو فيرنانديز: الأمور ستختلف في الأدوار الإقصائية    رابطة الأندية تقرر استكمال مباراة سموحة ضد بيراميدز بنفس ظروفها    موعد مباراة إسبانيا وألمانيا في ربع نهائي يورو 2024    عاجل.. زيزو يكشف كواليس عرض بورتو البرتغالي    بسيوني حكما لمباراة طلائع الجيش ضد الأهلي    بسبب محمد الحنفي.. المقاولون ينوي التصعيد ضد اتحاد الكرة    من هي ملكة الجمال التي أثارت الجدل في يورو 2024؟ (35 صورة)    امتحانات الثانوية العامة.. 42 صفحة لأقوى مراجعة لمادة اللغة الانجليزية (صور)    حرب شوارع على "علبة عصير".. ليلة مقتل "أبو سليم" بسبب بنات عمه في المناشي    مصرع 10 أشخاص وإصابة 22 فى تصادم ميكروباصين بطريق وادى تال أبو زنيمة    صور.. ضبط 2.3 طن دقيق مدعم مهربة للسوق السوداء في الفيوم    إصابة 4 أشخاص جراء خروج قطار عن القضبان بالإسماعيلية    شديد الحرارة والعظمى في العاصمة 37.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم    بالصور والأرقام | خبير: امتحان الفيزياء 2024 من أسئلة امتحانات الأعوام السابقة    التحفظ على قائد سيارة صدم 5 أشخاص على الدائري بالهرم    تحالف الأحزاب المصرية: كلنا خلف الرئيس السيسي.. وثورة 30 يونيو بداية لانطلاقة نحو الجمهورية الجديدة    بالصور.. أحدث ظهور للإعلامي توفيق عكاشة وزوجته حياة الدرديري    ربنا أعطى للمصريين فرصة.. عمرو أديب عن 30 يونيو: هدفها بناء الإنسان والتنمية في مصر    عمرو أديب في ذكرى 30 يونيو: لولا تدخل الرئيس السيسي كان زمنا لاجئين    «ملوك الشهر».. 5 أبراج محظوظة في يوليو 2024 (تعرف عليهم)    محمد الباز يقدم " الحياة اليوم "بداية من الأربعاء القادم    في أول أعمال ألبومه الجديد.. أحمد بتشان يطرح «مش سوا» | فيديو    مدير دار إقامة كبار الفنانين ينفي انتقال عواطف حلمي للإقامة بالدار    من هنا جاءت فكرة صناعة سجادة الصلاة.. عالم أزهرى يوضح بقناة الناس    تعاون بين الصحة العالمية واليابان لدعم علاج مصابي غزة بالمستشفيات المصرية    علاج ضربة الشمس، وأسبابها وأعراضها وطرق الوقاية منها    ذكرى رأس السنة الهجرية 1446ه.. تعرف على ترتيب الأشهر    تيديسكو مدرب بلجيكا: سنقدم ما بوسعنا أمام فرنسا    وزير الري: الزيادة السكانية وتغير المناخ أبرز التحديات أمام قطاع المياه بمصر    رئيس الوزراء: توقيع 29 اتفاقية مع الجانب الأوروبي بقيمة 49 مليار يورو    أمين الفتوى: التحايل على التأمين الصحي حرام وأكل مال بالباطل    هل تعاني من عاصفة الغدة الدرقية؟.. أسباب واعراض المرض    فيديو.. حكم نزول دم بعد انتهاء الحيض؟.. عضو بالعالمى للفتوى تجيب    اعرف الإجازات الرسمية خلال شهر يوليو 2024    جامعة القاهرة تهنئ الرئيس والشعب المصري بثورة 30 يونيو    أبوالغيط يبحث مع وزير خارجية الصومال الأوضاع في بلاده    محافظ الإسكندرية يطلق حملة "من بدري أمان" للكشف المبكر وعلاج الأورام السرطانية    هل الصلاة في المساجد التي بها أضرحة حلال أو حرام؟..الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. رفيق حبيب :الانقلاب يقوى البنية التحتية لجماعة الإخوان !

• أصبح الانقلاب العسكري حكم السلاح المجرد لا تتوفر له قاعدة شعبية تثبت حكمه
• أصبحنا أمام بؤرة جاذبة تحمل روح الثورة والتحرر والهوية الإسلامية
أعدها للنشر: الحرية والعدالة
خلص المفكر والباحث السياسي د. رفيق حبيب إلى أنه بعد الانقلاب العسكري، أصبح الحراك الثوري يمثل تحريكا لكتلة السواد الأعظم، التي تنتمي للموروث الحضاري الحي، والتي تطالب بالحرية والنهوض. وأصبح التحدي الأكبر أمام الحراك الثوري، هو أن يستوعب كل كتل السواد الأعظم، ويوسع من دائرة المنتمين لهذا السواد الأعظم. وكلما كان كل المنتمين للسواد الأعظم، أي المنتمين للموروث الحضاري الناهض، جزءا من الحراك الثوري، أو مؤيدين له حتى إن لم يشاركوا فيه، يتمكن الحراك الثوري من إكمال تشكله التاريخي، الذي يمهد لانتصاره.

• كلما كان المنتمون للسواد الأعظم جزءا من الحراك الثوري أو مؤيدين له كلما تمكن من الانتصار
وكلما ساد بين المنخرطين في الحراك الثوري وعي ظاهر وعميق بالقيم الثقافية المشتركة بينهم، والتي تمثل الموروث الثقافي والحضاري السائد، أصبح الحراك الثوري يحمل بعدا ثقافيا قويا، يمثل عاملا مهما لتحقيق انتصاره.
حركة اجتماعية ثورية
وأضاف في دراسة جديدة له عنوانها "شعبان وثورة.. استعادة السواد الأعظم" أنه كلما تعمق الأساس الاجتماعي للحراك الثوري، وأصبح يشمل السواد الأعظم بكل تنوعه الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي، تشكلت حركة اجتماعية ثورية، تجعل للثورة مضمونا، وتجعل لها قاعدة اجتماعية قادرة على حماية الثورة. فجزء من أسباب انتكاسة ثورة يناير، أنه لم يتوفر لها أساس ثقافي واجتماعي، وجزء من أسباب الانقلاب العسكري، أنه استفاد من حالة التفكك الاجتماعي والثقافي في المجتمع، فأصبح إعادة بناء القاعدة الاجتماعية والثقافية للمجتمع، هو أساس مهم لبناء قاعدة الحراك الثوري، القادر على إسقاط الانقلاب العسكري.
انقسام مجتمعي عميق

• الحراك الثوري يمثل تحريكا لكتلة السواد الأعظم المنتمية للموروث الحضاري الحي
ورصد "حبيب" أن الانقلاب العسكري حتى يوفر لنفسه غطاءً شعبيا، عمق الانقسام السياسي، وحوله لنزاع أهلي، مما نتج عنه انقسام عميق في المجتمع، بين كتلة الثورة وكتلة الانقلاب، وأصبح النزاع الأهلي، عاملا أساسيا في تحديد مسار الثورة، ومصير الانقلاب العسكري. وقبل الانقلاب، كان الانقسام السياسي حاضرا، وعبر عن نفسه في الاستحقاقات الانتخابية، ولكنه ظل انقساما سياسيا، ولكن بعد الانقلاب العسكري، أصبح الانقسام مجتمعيا، بين كتلة تناضل من أجل التحرر، وكتلة توفر غطاءً للحكم العسكري، فلم يعد الخلاف بين قوى سياسية متنافسة، بل أصبح بين التحرر والاستبداد.
محللا أن مشهد ثورة يناير جمع العديد من الكتل المؤيدة للثورة، وتوارت الكتل الرافضة للثورة مؤقتا، ولكن بعد الانقلاب العسكري، انقسمت كتل الثورة بين مؤيد للثورة ومؤيد للانقلاب، وظهرت الكتل المؤيدة للاستبداد مرة أخرى، وتحالفت مع الكتل التي تركت طريق الثورة.
ويعد إصرار البعض على اعتبار ما حدث ليس انقلابا بل ثورة، يجعل المجتمع منقسما لكتلتين، كتلة ترى أن الثورة تنهي الحكم العسكري، وكتلة أخرى ترى أن الثورة تأتي بحكم العسكر. فإذا كنا بصدد ثورتين، فثورة منهما هي ثورة شعبية، والثانية عسكرية.
وحذر "حبيب" من أنه بعد الانقلاب العسكري، ضاعت فرصة تحويل كل الخلافات داخل الوطن إلى خلاف سياسي يدار بآلية الديمقراطية، وأصبح الخلاف يدار بأدوات الثورة والثورة المضادة لها. فلم يعد الخلاف جزءا من التنوع داخل المجتمع، بل أصبح تنوعا يقسم المجتمع ويفككه، أي أصبح تنوعا لا يمكن أن يستمر، وإلا انهار المجتمع. فهل أصبح في مصر شعبان؟ إذا كنا بصدد ثورتين، فقد أنقسم المجتمع إلى مجتمعين، وإذا كنا بصدد ثورة وثورة مضادة، فقد أنقسم المجتمع أيضا إلى مجتمعين. ففي كل الحالات، أدى الانقلاب العسكري، إلى فرز المجتمع إلى كتلتين، كل منهما يريد مصيرا غير الآخر. وعندما لا يكون المصير في المجتمع الواحد مشتركا، يصبح المجتمع منقسما بالفعل.
الثورة المضادة تفكك المجتمع

• التحدي الأكبر أمام الحراك الثوري استيعاب كل كتل السواد الأعظم وتوسيعه من دائرة المنتمين لهذا السواد
ونبه "حبيب" إلى أن قوى الثورة المضادة استخدمت التنوع المجتمعي كوسيلة لعرقلة التحول الديمقراطي، ثم كأداة لنشر حالة من الفوضى والعنف، حتى أصبح التنوع المجتمع، هو أداة نشر حالة من الكراهية الأهلية، مهدت وساعدت على تحقيق الانقلاب العسكري. وتحول التنوع المجتمعي لأداة لإجهاض الثورة، وعودة الحكم العسكري، يدل على وجود خلل مجتمعي واضح، فمن الطبيعي أن ينقسم المجتمع سياسيا، ولكن ليس من الطبيعي أن ينقسم المجتمع حول الحرية، حيث يفترض أن الحرية، تمثل قيمة تجمع كل المختلفين. وعندما يختلف المجتمع حول الحرية، ويرى البعض أن اختيار الحكم العسكري، هو نوع من ممارسة الحرية، يظهر لنا بوضوح المشكلة العميقة الموجودة في المجتمع، والتي استخدمها الانقلاب العسكري، حتى يجهض الثورة ويعيد الحكم العسكري مرة أخرى.
الفرز التاريخي
وتحت عنوان "الفرز التاريخي" قال حبيب إن المجتمع انقسم رأسيا بعد الانقلاب العسكري، وبدأت عملية فرز عميقة في المجتمع. فمنذ اللحظة الأولى، انحازت كتلة للثورة، وانحازت كتلة أخرى للانقلاب العسكري، ثم بدأت عملية فرز مستمرة، أظهرت من هم مع الحكم العسكري، أيا كان هذا الحكم، ومن هم مع الحرية.
وأظهر انقسام المجتمع، الخلاف الثقافي بين ثقافة الحرية وثقافة الاستبداد، فانحازت الكتل التي تشربت من ثقافة الاستبداد، إلى الانقلاب العسكري. وكأن الانقلاب العسكري، قد فرز كل الكتل المتأثرة بنظام الحكم المستبد، فأصبحت معادية لثورة الحرية، ومؤيدة لانقلاب العسكر ضد الحرية. والباحثون عن الطريق الثالث، بين الانقلاب والحراك الثوري لتحالف دعم الشرعية، أصبحوا أقلية نسبيا، مما يعني أن الفرز التاريخي الحادث بعد الانقلاب العسكري، هو فرز ثنائي بالضرورة، ولا مكان فيه لطرف ثالث، يكون له دور مؤثر.
والانقسام الثنائي الكامل للمجتمع، يؤكد أن ما يحدث بعد الانقلاب العسكري، ليس انقساما سياسيا، كالذي يحدث في الممارسة السياسية الديمقراطية، ولكنه فرز تاريخي بين مكونات المجتمع المختلفة. فعملية الفرز بعد الانقلاب، لها أبعاد اجتماعية وسياسية وثقافية وحضارية، أي أنه فرز شامل.
الثقافة والحضارة الإسلامية

• ثورة يناير بعد الانقلاب العسكري أصبح لها أساس اجتماعي وأصبحت ثورة السواد الأعظم
فحالة الفرز بعد الانقلاب العسكري، هي واقعيا فرز بين العناصر المتنحية والعناصر السائدة في الثقافة والحضارة الإسلامية، وهي أيضا عملية فرز بين الوافد والموروث الحضاري، مما جعل الفرز يتم بين العناصر المتنحية والدخيلة على الحضارة الإسلامية، وبين العناصر السائدة فيها. فعملية الفرز بعد الانقلاب، ليست فقط بين الحرية والاستبداد، بل بين كل العناصر التي أدت إلى تنحية الثقافة والحضارة الإسلامية، وكل العناصر التي أدت إلى التراجع الحضاري، وبين كل العناصر التي تؤدي إلى التحرر والنهوض الحضاري.
لهذا، فالفرز التاريخي الحادث بعد الانقلاب الحضاري، وصل لدرجة من العمق، حتى أصبح فرزا للموروث الثقافي نفسه، يعزل كل العناصر المتنحية منه، وكل العناصر التي تؤدي للتراجع الحضاري، وكل العناصر التي تؤدي إلى التفريط في الحرية، وكل ثقافة الاستسلام للاستبداد في الموروث الثقافي.
فرز الإخوان
وتحت عنوان "فرز الإخوان" قال "حبيب" داخل الثورة والثورة المضادة، تتم عملية فرز عميقة، هي واقعيا أداة الانقلاب العسكري حتى يوفر لنفسه غطاءً شعبيا، ولكنها تاريخيا، هي أهم أداة لإسقاط الانقلاب العسكري. فالحكم العسكري، يعمل على تشكيل قاعدة مؤيدة له، وهو في نفس الوقت، ينقي القاعدة الرافضة له، من أي عنصر دخيل. والانقلاب العسكري، عمل على فرز جماعة الإخوان المسلمين، خارج إطار الوطن والمجتمع، ليجعل منها فئة شاذة وغريبة، ولكن لكل عملية فرز عملية فرز مضادة لها، كما أن لكل ثورة، ثورة مضادة لها. ومن قام بالثورة المضادة، هو من بدأ عملية الفرز، فأصبح من يلتزم بمسار الثورة، يقوم بعملية فرز مضادة.
الحكم العسكري هو الخاسر
مضيفا ولأن الانقلاب العسكري حاول عزل جماعة الإخوان المسلمين، فقد عزل معها كل من يؤيدها ويناصرها، وهي كتلة كبيرة. ولأن الحكم العسكري استخدم أدوات القمع الشاملة، فقد عزل أيضا العديد من القوى الإسلامية، الرافضة للحكم العسكري. فأصبحت كل جماهير التيار الإسلامي الرافضة للحكم العسكري، تمثل نواة عملية الفرز المضاد للانقلاب العسكري. كلما حاول الحكم العسكري حصر المشكلة في جماعة الإخوان المسلمين، يجد أنه واقعيا يواجه قطاع عريض من المجتمع يتوسع كل يوم، من خلال عملية فرز مستمرة لا تتوقف، فمع الحراك الثوري المستمر، لم تتوقف عملية الفرز المجتمعي، وكان الحكم العسكري هو الخاسر، حيث أنه يفقد قطاعات تؤيده، في حين أن الحراك الثوري يكسب بعض تلك القطاعات، ولا يخسر أيا من مؤيديه.

• الثورة معركة بين السواد الأعظم ضد كل ما هو متنحٍ ودخيل ويدفع للتأخر ويقبل بالاستبداد
ورصد "حبيب" أن عملية عزل جماعة الإخوان المسلمين من قبل الحكم العسكري، جعلت الجماعة فعليا نواة صلبة للكيان المجتمعي الذي تنتمي له وتعبر عنه، مما أدى عمليا لربط الجماعة عضويا بكتلة الحراك الثوري، التي تنتمي للموروث الثقافي السائد. مما يساعد على تحديد كل القوى التي تعبر عن الموروث الحضاري السائد، ويربطها بالكتل المؤيدة لها.
فعملية الفرز التي استخدمها الانقلاب العسكري، لقسمة المجتمع إلى شعبين، أدت عمليا إلى تشكل جديد للمجتمع، فأصبح المجتمع يعاد بناءه على قاعدة الموروث الثقافي السائد والمشترك بين عامة الناس، في مواجهة الكتل المتأثرة بسمات الموروث المتنحية وعوامل التردي والعناصر الدخيلة.
قاعدة صلبة مترابطة
وبحسب "حبيب" لأن الانقلاب العسكري لم يتمكن من عزل جماعة الإخوان المسلمين، دون أن يعزل عمليا أغلب جماهير التيار الإسلامي، لذا فإن خطة عزل الإخوان، أدت عمليا لربط الجماعة بالحاضنة الطبيعة لها، ارتباط مصير، مما جعل المعركة مع الإخوان، تقوي البنية التحتية للحركات الإسلامية، خاصة جماعة الإخوان المسلمين.

• مع الحراك الثوري المستمر، لم تتوقف عملية الفرز المجتمعي لصالحه وكان الحكم العسكري هو الخاسر
ومن آثار عملية الفرز المضادة برأي "حبيب" أنها تشكل قاعدة صلبة مترابطة، كما أنها قاعدة تتوسع مع الوقت، وأيضا هي قاعدة لديها مشروع للتحرر، وتناضل من أجل الحرية الكاملة، وتدفع ثمن الحرية. فأصبح المجتمع مقسما بين كتلة تدفع ثمن الحرية، وكتلة تتنازل عن الحرية، وأصبحت جماعة الإخوان المسلمين، في طليعة الكتلة التي تدفع ثمن تحرر الوطن، بل وثمن تحرر الأمة كلها. تلك التحولات التي تنتج من عملية الفرز والفرز المضاد، تجعل جماعة الإخوان المسلمين تتجذر أكثر في البنية التحتية للمجتمع، في حين أن قاعدة الانقلاب العسكري، تصبح أقل تجذرا، لدرجة تجعلها ليست قاعدة شعبية مساندة للحكم العسكري، قدر ما تمثل الكتل التي تكيفت مع الحكم العسكري.
ومع مرور الوقت، تصبح الكتلة المؤيدة للانقلاب العسكري، لا تقدر على تثبيت حكمه، وتظل مجرد غطاء غير مفيد له، ولا يغنيه عن الاستخدام المفرط للسلاح، فيصبح الانقلاب العسكري، هو حكم السلاح المجرد، الذي لا تتوفر له قاعدة شعبية فاعلة، يمكن أن تساعده على تثبيت حكمه.
الاستقطاب العميق
وأشار "حبيب" إلى أن الفجوة المتزايدة بين الكتل المؤيدة للثورة وتلك المؤيدة للانقلاب العسكري، تتزايد مع الوقت ولا تقل. وتلك الفجوة، تشكل فجوة مجتمعية أساسية، تفصل بين الخيارات الرئيسة للمجتمع، وتفصل أيضا بين الرؤى المختلفة حول مستقبل ومصير المجتمع داخل إطار العملية الديمقراطية السابقة على الانقلاب العسكري، كان من الممكن معالجة الفجوة السياسية داخل إطار التفاعل السياسي الحر، ولكن بعد الانقلاب العسكري، أصبحت الفجوة المجتمعية هي أداة الحفاظ على الانقلاب العسكري، لذا أصبحت فجوة عميقة بين كتلتين ليس بينهما أي تفاعل حر. معنى هذا، أن المجتمع انقسم من حيث خياراته المستقبلية بين كتلتين، ولن يتمكن من حسم هذا الخلاف بالتفاعل أو التنافس السياسي، بل أصبح حسم الخلاف، مرتبطا بحسم المعركة بين الثورة والانقلاب العسكري، مما يعني أن سقوط الانقلاب العسكري، يحسم خيارات المستقبل لصالح خيارات كتلة التحرر.
الفجوة العميقة
لافتا إلى أن كتلة الحكم العسكري، بما تشمله من كتل ثقافة الاستبداد والخيار العلماني، يسقط خيارها مع سقوط الانقلاب العسكري، بعد أن أصبح الرابط بين كل الكتل المؤيدة للانقلاب العسكري، هو اختيارها للحكم العسكري، ورفضها للحكم الديمقراطي المدني الحر.
وبسبب الفجوة العميقة، تشكلت بؤر مجتمعية جاذبة، لكل منها القدرة على جذب من تعبر عنه ومن تمثله، وأصبحنا أمام بؤرة جاذبة تحمل روح الثورة والتحرر والهوية الإسلامية، وبؤرة جاذبة أخرى، تحمل خيار الحكم العسكري والعلمنة وثقافة الاستبداد. وجاذبية تلك البؤر، توسع الفجوة بينها، وتجعلها خيارات لا رابط بينها.

• معركة الانقلاب مع الإخوان تقوّي البنية التحتية للحركات الإسلامية خاصة جماعة الإخوان المسلمين
وأكد "حبيب" أنه بسبب النزاع الأهلي الحاد، أصبح بين كتلة حكم العسكر وكتلة التحرر جدار يصعب تجاوزه، مما يجعل الاستقطاب العميق، يتحول عمليا إلى تفكيك المجتمع إلى مجتمعين، كل مجتمع منهما يقوم على ثقافة مختلفة، وله أهداف وتفضيلات مختلفة، وكل منهما يريد مستقبل مختلف. والاختلاف على المستقبل والمصير، يفكك فكرة المصير المشترك للمجتمع الواحد، واختلاف المصير بين كتل في المجتمع، يفكك رابطة المجتمع بينهما، مما يجعل المجتمع أمام اختيار بين مصيرين، إذا نجح أحدهما فشل الآخر.
فإذا أنتصر خيار الانقلاب العسكري، وتحقق المصير الذي يستهدفه، غاب خيار الحراك الثوري، والمصير الذي يستهدفه. معنى هذا، أن المجتمع أصبح منقسما بين كتلتين، لكل منهما مصير مناقض للكتلة الأخرى، وانتصار خيار هو هزيمة للخيار الآخر، والحسم النهائي، يحدد الاختيار الذي سوف يسود في المستقبل.
الأساس المجتمعي للثورة
وذكر "حبيب" أن خلاصة الانقسام المجتمعي، الذي تحول إلى نزاع أهلي بسبب الانقلاب العسكري، أنه أدى إلى تشكل أساس اجتماعي للثورة، وأساس اجتماعي مناقض له للانقلاب العسكري. وثورة يناير كانت حركة شعبية عامة، ولم يكن لها أساس مجتمعي محدد، بل كانت بلا ملامح ثقافية أو اجتماعية محددة، ولكن الحراك الثوري بعد الانقلاب العسكري، أصبح له أساس اجتماعي ظاهر. وعادة ما تكون الثورات لها أساس اجتماعي وثقافي، سواء كان أساسا طبقيا أو قوميا أو ثقافيا، وثورة يناير برأيه في تحولاتها بعد الانقلاب العسكري، أصبحت ثورة لها أساس اجتماعي، فقد أصبحت ثورة السواد الأعظم. والسواد الأعظم تاريخيا، هو الكتلة الشائعة والغالبة والسائدة، والتي تحمل المشترك الثقافي السائد والشائع، والتي تمثل الأغلبية، وتمثل الموروث الثقافي، وتمثل كل ما هو ممتد عبر التاريخ، وتمثل ثوابت الموروث الثقافي والحضاري.
السواد الأعظم

• الثورة المضادة استخدمت التنوع المجتمعي لعرقلة التحول الديمقراطي ثم كأداة لنشر الفوضى والعنف
وبين "حبيب" أن السواد الأعظم، هو ما غلب وساد عبر التاريخ، وعبر الحاضر، وسوف يكون سائدا وغالبا وشائعا في المستقبل أيضا. والحراك الثوري بعد الانقلاب، أصبح تلقائيا يضم ما هو سائد وغالب، ولا يضم كل ما هو غير سائد ومتنحٍ، حتى ولو عارض الانقلاب العسكري.
وأوضح "حبيب" أنه كل من بحث عن طريق ثالث، هو واقعيا لا يحمل جينات السائد والشائع، لذا انحاز للانقلاب العسكري أولا، وعندما تركه، لم يلتحق بثورة السواد الأعظم، لأنه لم يجد نفسه جزءا منها. وكل من أيد الانقلاب، ثم تركه، وكان حاملا لجينات السواد الأعظم، عاد لصف الحراك الثوري.
الكتلة الحية
ولأن جماعة الإخوان المسلمين، كانت في طليعة الحراك الثوري منذ اللحظة الأولى، لذا تأكد أنها تنتمي لبنية السواد الأعظم، وتمثل النواة الصلبة للسواد الأعظم. وكل القوى والحركات الإسلامية، التي انحازت للحراك الثوري، أثبتت أنها جزء من السواد الأعظم وبنيته الأساسية.
والسواد الأعظم تاريخيا، لا يشمل طبقة بعينها، بل يضم كل الطبقات، ويضم الفئات التعليمية المختلفة، ويضم المهن المختلفة، فهو بطبيعة تركيبته التاريخية، بناء رأسي في المجتمع، يضم مساحة واسعة من التنوع بداخله، ولكن يغلب عليه التمسك بما هو شائع وسائد وثابت في جينات الموروث الحضاري.

• الانقلاب جعل التنوع أداة لتقسيم المجتمع وتفكيكه ولا يمكن أن يستمر، وإلا انهار المجتمع
مشيرا إلى أن السواد الأعظم، لا يمثل أصحاب مشروع إسلامي بعينه فقط، بل ولا يمثل المنتمين للفصائل الإسلامية فقط، بل يمثل كل المنتمين للموروث الحضاري الحي الناهض، أي كل من ينتمي للهوية السائدة، ويطلب التحرر والنهوض. وكل من ينتمي ظاهريا للموروث الحضاري، ولكنه يقبل بالاستبداد والحكم العسكري، ويضحي بالحرية، هو واقعيا ينتمي للاتجاهات المتنحية والسلبية في الموروث الحضاري، والتي تتسبب في التراجع الحضاري. فثقافة الاستبداد، وإن خرجت من داخل الموروث الحضاري، إلا أنها تدمره، لذا فهي ليست جزءا من حراك السواد الأعظم.
السواد الأعظم إذن، هو الكتلة الحية التي تنتمي للموروث الحضاري، بكل تنوعها الداخلي، وهي الكتلة التي تعمل من أجل الحرية والنهوض، وهي كتلة الحراك الثوري. فقد أصبحت الثورة، معركة بين السواد الأعظم، ضد كل ما هو متنحي ودخيل ويدفع للتأخر ويقبل بالاستبداد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.