يحلل قرارات الفصل الخاصة بالطلاب "محمود الأزهري" -المتحدث الرسمى باسم حركة طلاب ضد الانقلاب جامعة الأزهر- فيقول: كانت قرارات الفصل في الفصل الدراسي الأول أكثر ما فيها مدة عام أو عامين، في حين بدأنا نرى في الفصل الدراسي الثاني قرارات تصل إلى الفصل النهائي وهذا حدث بكثرة؛ ففي قرارين فقط صدر أحدهما بالفصل النهائي ل 27 طالبا، وفي مرة أخرى 25، ثم وصلوا إلى 66 طالبا وطالبة تم فصلهم فصلا نهائيا، ثم فوجئنا مؤخرا بقرار يضم 79 طالبا وطالبة، وبذلك يصل عدد الطلاب المفصولين فصلا نهائيا من جامعة الأزهر 145 طالبا وطالبة أزهريا. يضيف "الأزهري": إن تلك القرارات الأخيرة تأتي قبل امتحانات نهاية الفصل الدراسي بأيام قليلة؛ كذلك تأتي وسط العديد من امتحانات منتصف الفصل الدراسي "mid- term" والتي تجري بالفعل، كما أنه من الملاحظ أن القرارات تتعمد إلحاق الضرر بالطلاب المتفوقين أو في كليات مثل الصيدلة والهندسة، وللأسف فالكثير من قرارات الفصل النهائي جاءت لطلاب في السنة النهائية".
وحول سبل مواجهة تلك القرارات الغاشمة يقول "الأزهري": لدينا بالفعل المسار القانوني وهو مهم ولا بد لنا أن نسلكه رغم يقيننا أن القضاء المصري قد أصبح وسيلة في أيدي الانقلاب يستخدمها ضد الطلاب، ومع ذلك فلا مناص لنا من إثبات حقنا أمام القضاء وبالطرق القانونية لنكون أخذنا بكامل الأسباب، ومن الجدير بالذكر هنا أننا بالفعل كنا قد رفعنا للزملاء المفصولين سابقا قضايا وللأسف تم تأجيلها ل 18 مايو، وهو ما يعني أن فرصة دخولهم لامتحانات نهاية العام سوف تضيع عليهم، ومن جهة أخري سنسعى إلى التقدم بأوراق الزملاء المفصولين في الجامعات خارج القطر المصري لكي يكملوا تعليمهم فيها؛ كل هذا فضلا طبعا عن استمرار احتجاجاتنا وفعالياتنا وتظاهرنا ضد قرارات الفصل تلك".
ويصف "الأزهري" قرارات الفصل تلك ب"الغريبة والمسيسة"؛ ويعلل ذلك بقوله: "إنه لا توجد حيثيات واضحة أو وقائع دالة على تورط هؤلاء الطلاب في أعمال تستوجب مثل تلك القرارات؛ وأعرف طلابا لا يشاركون في التظاهرات أو الفعاليات ومع ذلك تم إدراج أسمائهم في كشوف الفصل، كما أن من بين الطلاب المفصولين، طلابا من الأساس معتقلون، فكيف خرجوا ليمارسوا أعمال الشغب تلك، وأعرف على سبيل التحديد الطالب "كريم المشد" -كلية الهندسة- وهو من الطلاب المفصولين بتهمة إثارة الشغب في القضية المعروفة بأحداث الجراج، ومع أن تلك الواقعة كانت في الفصل الدراسي الثاني، في حين أنه "كريم" رهن الاعتقال قبل بداية الفصل الدراسي الثاني".
ويختتم "الأزهري" بالتأكيد على أن "تلك الإدارة التي تلجأ إلى مثل تلك القرارات التعسفية تريد أن تكسر الطلاب وتهين قدرهم؛ كما أن جامعة الأزهر بالذات تلقى عنتا شديدا من قبل قوات الانقلاب؛ فهي أكثر الجامعات التي ضُربت بالرصاص الحي سواء داخل الحرم الجامعي أو المدينة الجامعية، وقتل بداخلها الطلاب؛ كذلك لديها عدد كبير من الطلاب والطالبات رهن الاعتقال، في حين أن طلاب الأزهر بالذات قد أكدوا أنه لا قتل ولا اعتقال وبالتالي ولا فصل سوف يكسر من إرادتهم أو يلين شوكتهم؛ فسلطات الانقلاب يعلمون جيدا أن الطالب الأزهري لن يصمت على حق الشهداء من الطلاب الذين ارتقوا في مذابح الانقلاب المختلفة خاصة في مذبحة الإبادة في "رابعة"، وبالتالي تلك السلطات الغاشمة تخشى من كلمة الحق التي تعلم جيدا أن الأزهر من أهم المعبرين عنها بعيدا طبعا عن إدارته وشيخه".
مشيرا إلى "أن كل المستبدين عبر العصور قد استماتوا لكي يقف الأزهر بجوارهم، في حين أن الأزهر الآن وطلابه من أهم عناصر الحراك الثوري، وهم في الكثير من الأحيان يقودون الحراك الطلابي الثوري، ولن يتوانوا عن ذلك أو يتراجعوا عنه".
ومن جانبه يقول أحمد غنيم -المتحدث باسم طلاب ضد الانقلاب، وأحد الطلاب المفصولين بجامعة القاهرة-: إنه فيما يخص جامعة القاهرة وحدها وثّقنا حتى الآن 25 حالة فصل تتراوح ما بين شهر إلى الفصل النهائي، كما أن هناك طلابا تم توقيع أكثر من قرار فصل عليهم، حيث وصل عدد القرارات حتى الآن إلى 40 قرارا، مطبقين على 25 طالب. ومثال على ذلك أنّي قد تم توقيع قرارين بالفصل عليّ حتى 2016 فضلا عن خضوعي إلى التحقيق الآن، ما يعني أني معرض للفصل مدة جديدة.
ويرى "غنيم" أن كافة تلك القرارات تعسفية؛ حتى إن الكثير من الطلاب لم يكونوا موجودين في الوقائع المسندة إليهم وموقع عليهم الفصل بسببها. والواقع الذي نعلمه يضيف "غنيم" أن هناك قوائم تأتي من أمن الدولة بأسماء طلاب، ومن ثم يتم توقيع العقوبة عليهم مباشرة.
ويذكر "غنيم" أنه وفي هذه الأيام والتي لا تبعد عن امتحانات نهاية العام سوى بأسبوع واحد، خرج علينا رئيس جامعة القاهرة د.جابر نصار، بتصريح يقول فيه إن إدارة جامعة القاهرة فصلت 173 طالبا، رغم أنه حتى الآن لا توجد أية معلومات عن أسماء هؤلاء الطلاب أو من أي من الكليات بل لم نرصد نحن أن هناك 173 طالبا رهن التحقيق الآن، ولذا فهذا التصريح لا يبعد عن احتمالين الأول أنه تصريح للاستهلاك الإعلامي وهو ما نعتبره تهورا ولعبا بمستقبل الطلاب، ونحن من جانبنا نحذر الجامعة منه، الأمر الثاني أن الجامعة قد تكون فصلت بالفعل هذا العدد دون تحقيقات أو إخطارات وهذا وإن كان صحيحا فلن يصمت عنه الطلاب ولن يمر دون رد فعل مناسب.
ويضيف "غنيم" أن ما يحدث عودة لممارسات أمن الدولة داخل الجامعات المصرية، فإدارات الجامعات أصبحت أدوات في يد سلطات الانقلاب، وحتى القضاء فيتخذ ذريعة التأجيل حتى يضيع فرص الامتحانات على الطلاب. ويصف "غنيم" أن كل ذلك ما هو إلا محاولة لوقف الحراك الطلابي القوي الذي أربك المشهد الانقلابي، وفاجأه بقوة وصمود لم يكن يتخيله أو يتوقعه؛ ولذا فهذا الحراك سيتسمر لن توقفه أو ترهبه كافة تلك المحاولات لقمعه وإخافته، وهو ما تم ويتم بالفعل؛ فلم نرصد أن هناك طالبا بعد فصله جلس خائفا قلقا في بيته، بل الجميع مستمر ومتكاتف حتى إسقاط الانقلاب، والإفراج عن زملائهم المعتقلين والقصاص لكل من استشهدوا في المذابح المختلفة.
ولأن الأزهر كان له النصيب الأكبر في التعنت من قبل سلطات الانقلاب؛ وفيما يخص الطالبات بالذات، تقول آية فتحي -المتحدثة باسم اتحاد طلاب جامعة الأزهر-: إن الاحصاء الأخير قبل قرارات الفصل الجديدة كان بالنسبة للطالبات كالتالي: فصل نهائي بحق 23 طالبة، فصل سنتين 7 طالبات فصل سنة 29 طالبة، فصل ما بين أسبوعين إلى 10 أيام بحق 17 طالبة، هذا بخلاف 5 طالبات لم يصدر بحقهن أية أحكام في حين تم منعهن من دخول امتحانات الفصل الدراسي الأول.
تضيف: من الأهمية ذكر أنه من الطالبات المفصولات عاما وعامين؛ توجد 12 من بني سويف تم صدور قرار من القضاء الإدارى بإلغاء قرار الفصل بحقهن، في حين إدارة الكلية لم تنفذ حكم القضاء، وكذلك 11 طالبة من الزقازيق تم صدور قرار محكمة بإلغاء الفصل ولكن عميدة الكلية لا تزال تضع أسماءهن لدى الأمن لمنع دخولهن إلى الكلية، كذلك فقد شملت القرارات الفصل من المدينة الجامعية بحق 36 طالبة من المدنية بالقاهرة، و 17 أخرى بالمدينة فرع أسيوط.
أما ندى عبد الرحمن -المتحدثة باسم طلاب ضد الانقلاب جامعة الأزهر- فتقول: "كان الحراك الثوري للطلاب قويا منذ البداية، وفي القلب منه كان حراك الطالبات والذي مثل علامة وإشارة على حراك المرأة المصرية ورفضها للانقلاب، وهذا كان له ضريبة كبيرة لا بد من دفعها، ومن بينها تلك الإجراءات الانتقامية بحق طالبات الأزهر والتي تدل على أن طالبات الأزهر أذقن الانقلاب ما لم يكن يتوقعه من صمودهن وصلابتهن وقوة مواقفهن، خاصة أن المشكلة عند الطالبات لم تكن فقط الفصل من الجامعة، بل كذلك حالات فصل كثيرة من المدينة الجامعية وهو ما يعني تشريد طالبات من الصعيد ومن المحافظات المختلفة؛ بحيث بتن لا يعلمن إلى أين يذهبن بعد منع دخولهن المدينة الخاصة بهن، بل وإخراجهن من المدينة عن طريق الأمن، كل ذلك لا لشيء إلا لأنهن يطالبن بحق بلادهن في الحرية والعيش الكريم، والثأر للشهداء وتحرير المعتقلين، فكيف يكون جزاء مثل تلك الفتيات التشريد في الشوارع وهن في غربة بعيدا عن أهلهن. هذا بخلاف الفصل التعليمي من الجامعة وهي القرارات التي تتخذ بعشوائية واضحة، فمثلا هناك طالبات تم فصلهن من كلياتهن مدة عام أو عامين، ثم تفاجأ بقرار فصل نهائي بحقها يصدر من إدارة الجامعة، أي أن الجامعة تفصل طالبات أساسا مفصولات وممنوعات عليهن الدخول إلى الجامعة. فهذه الإجراءات تدل على مدى التخبط من ناحية، وتدل من ناحية أخرى على مدى الضغينة والحقد على طالبات يمثلن مستقبل البلاد.
وتضيف "ندى": إننا سنرد رسالة الانقلاب في وجوههم؛ فإذا كانت إجراءات الفصل تهدف إلى وقف مطالبتنا بحقوق بلادنا وزملائنا؛ فإننا سنتمر في تلك المطالبات المشروعة، ولن نتراجع عنها مهما حدث. فنحن الطالبات الآن نعلم أننا نحجز بمواقفنا أماكننا في مقاعد الشرف، فيما الانقلاب ومن عاونهم حجزوا أماكنهم في مقاعد المذلة والخزي.
وتؤكد "عبد الرحمن" أن الطالبات تستمر في الاتجاهين القانوني والثوري؛ في حين تتساوى مطالبهن تماما بين إلغاء قرارات الفصل، والإفراج عن المعتقلين والقصاص للشهداء، وإسقاط إدارة جامعة الأزهر وشيخه، و كذلك إسقاط النظام الانقلابي برمته؛ فالمطالب جعبة واحدة ولا تراجع عن أي منها؛ بل لا يتقدم فيها طلب عن الآخر.
أما فيما يخص المسار القانوني، ففي القضية الأخيرة التي تنظر حاليا بحق الطالبات المفصولات-تتابع "عبد الرحمن"، حكم القاضي بتغريم جامعة الأزهر 800 جنيه عن كل طالبة مفصولة نظرا للأخطاء الفادحة في اتخاذ قرارات الفصل، وعدم اتباع الإجراءات التي نص عليها القانون قبل الإقدام على هذا القرار، ما يعني وضوح الإدانة للجامعة وجلاء مدى تعنتها وغبنها؛ ومع ذلك تم تأجيل الحكم في القضية، في موعد سوف يتجاوز بدء الامتحانات، مما يضيع على الطالبات فرصة دخول الكثير من الامتحانات. وحول موقف الأهل من قرارات الفصل خاصة بحق الطالبات تقول "عبد الرحمن": "إن تلك القرارات بالفعل موجهة للأهل بالأساس لإخافتهم وإرهابهم، في حين أن نسبة كبيرة من الأهالي تتفهم ما يحدث وموقنين بأن عليهم وأبنائهم وبناتهم أن يتحملوا في سبيل قضية بلادهم الكثير؛ بل إن الفصل من الكليات من أبسط الأمور التي قد يتعرض لها الشباب حاليا، ولكن هذا لا يمنع وجود فئة أخرى من الأهالي يشعرون بأن مستقبل أبنائهم في خطر حقيقي، ومن ثم يبدءون في ممارسة ضغوط عليهم، ولكن من جانبنا نحن الطلاب نؤكد أننا عندما خرجنا في مسارنا الثوري لاسترداد شرعية بلادنا قد خرجنا بكامل إرادتنا وحريتنا ومؤمنين تماما بما نفعل، وعندما نشارك في الفعاليات نكون على يقين من أننا ممن الممكن أن نلقى الله وأن ننال الشهادة أو نتعرض للاعتقال؛ وبالتالي فمن اليسير علينا أن نتعرض لما هو أبسط من ذلك، وهو الفصل، فالطلاب لم يعد يقف في طريق حراكهم شيء؛ فليس بعد ما رأيناه بأعيننا من قتل زملائنا واعتقال وسحل وقنص واعتقال وقتل طالبات، فلا معنى الآن للتراجع بعد كل تلك الجرائم".