أثار لجوء نظام الانقلاب إلى مجلس الأمن عقب فشل مفاوضات سد النهضة مع إثيوبيا الكثير من التساؤلات والانتقادات بين الخبراء العسكريين وخبراء الموارد المائية لأن "هل هذه الخطوة توحي بأن وقت "الحل الدبلوماسي" لأزمة السد الإثيوبي قد انتهى مشيرين إلى مقولة السيسي إن "مفاوضات سد النهضة تحتاج إلى صبر وتأن"، وفي نفس الوقت يزعم أنه لا توجد دولة تستطيع المساس بنقطة مياه من حقوق مصر التاريخية في النيل". وأعربوا عن "اندهاشهم من بيان الحكومة السودانية التي قالت فيه إنها "قادرة على إرغام إثيوبيا على عدم المُضِي قُدما في الملء الثاني من دون اتفاق". مؤكدين أن "تحذيرات السودان ونظام الانقلاب من فرض سياسة الأمر الواقع من جانب إثيوبيا لا قيمة لها، وأنه لم يتبقَ أمام مصر والسودان من خيارات بعد فشل المفاوضات إلا توجيه ضربة عسكرية لسد النهضة". وشددوا على أن :"النبرة الإثيوبية تبدو متحدية للبلدين، إذ أكدت أديس أبابا مرارا مُضيها قُدما في الملء الثاني للسد بحلول موسم الفيضان المتوقع في يوليو المقبل، بصرف النظر عن التوصل لاتفاق مع مصر والسودان من عدمه". كان رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد قد أعلن في نهاية مايو الماضي عن خطة لبناء 100 سد صغير ومتوسط في مناطق مختلفة من إثيوبيا خلال السنة المالية المقبلة، وهذه التصريحات تكشف مجددا عن سوء نية إثيوبيا، وتعاملها مع نهر النيل وغيره من الأنهار الدولية التي تتشاركها مع دول الجوار، وكأنها أنهار داخلية تخضع لسيادتها ومُسَخّرة لخدمة مصالحها".
الحل العسكري من جانبه استبعد بدر شافعي، الباحث المتخصص في الشؤون الإفريقية "لجوء نظام الانقلاب للحل العسكري لأسباب عدة منها عدم وجود حدود مباشرة بين مصر وإثيوبيا وبعد المسافة بينهما، وعدم امتلاك مصر طائرات قاذفات قنابل بعيدة المدى، بي 52، قادرة على تدمير جسم السد". وقال شافعي في تصريحات صحفية إن "إثيوبيا تمتلك منظومة دفاع جوي وأجهزة رادار قوية اشترتها من إسرائيل، مُحذرا من أن تدمير السد قد يُغرق السودان". وأشار إلى أنه "يوجد الآن هناك خلف السد الإثيوبي نحو 5 مليارات متر مكعب من المياه، وأن أي ضربة للسد ستدفع بهذه المياه إلى السودان، الذي ليست لديه سعة تخزينية سوى 5 مليارات متر مكعب خلف سدوده. أي أن السودان بحاجة إلى إفراغ مخزونه من المياه أولا، قبل أي ضربة عسكرية لسد النهضة وهذا أمر مستحيل". وأوضح شافعي أن "من بين السيناريوهات التي يمكن اللجوء إليها في مثل تلك الأزمات التوجه إلى التحكيم الدولي، عبر تشكيل محكمة دولية خاصة بموافقة طرفي النزاع، كما حدث بين مصر وإسرائيل في قضية جيب طابا الحدودي، أو عبر اللجوء لمحكمة العدل الدولية، ويستلزم ذلك موافقة الطرفين أيضا، ومن ثَمَّ التزامهما طوعا بما يصدر عن المحكمة". وأكد أن "هذا السيناريو مستبعد تماما؛ لأن إثيوبيا ترفضه، بل إنها حتى ترفض وساطة رباعية دولية تضم الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى جانب الاتحاد الإفريقي، وتتمسك فقط برعاية الاتحاد الإفريقي للمفاوضات". وشدد شافعي على أنه: "ليس أمام مصر من خيار سوى الانسحاب أو التهديد بالانسحاب من اتفاق إعلان المبادئ المتعلق بسد النهضة، والذي وقعه المنقلب السيسي مع السودان وإثيوبيا في الخرطوم في مارس عام 2015". وقال: "ربما تكون هذه خطوة رمزية مهمة تُعرّي السد من الشرعية مؤكدا أنها لن تكون كافية وحدها لكنها ربما تؤثر ضمن إجراءات أخرى". موقف حاسم واعتبر الدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، :"التطورات الأخيرة في أزمة سد النهضة بمثابة كارثة لدبلوماسية لمصر". لافتا، في تصريحات صحفية، إلى أنه "نظرا لعدم وجود ما يشير إلى أن الحكومة الإثيوبية تراجعت عن مواقفها المتعنتة، فلن تنجح أي مفاوضات في إنهاء هذه الأزمة". وحذر دولتي المصب من الموافقة على الدخول في أي مفاوضات تدعو إليها إثيوبيا دون وضع شروط قبل الدخول في هذه المفاوضات". وطالب "بضرورة تبني دولتي المصب موقفا حاسما من الأزمة قبل يوليو المقبل موعد الملء الثاني الذي أعلنت عنه إثيوبيا، مشددا على ضرورة منع إثيوبيا من هذا الملء حتى ولو تم اللجوء إلى القوة العسكرية".
المجتمع الدولي وأكد الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الري والموارد المائية الأسبق، أنه :"ليس متفائلا بما يشهده ملف سد النهضة من تطورات وآخرها اللجوء إلى مجلس الأمن، مشيرا إلى أن مصر ذهبت قبل ذلك إلى مجلس الأمن ولم يكن هناك دعم كاف من المجتمع الدولي خاصة من الدول الكبرى". وقال علام في تصريحات صحفية إن :"الأمور من وجهة نظره تسير في اتجاه المواجهة، لافتا إلى أن إثيوبيا دولة كاذبة تمارس العربدة، وتحاول كسب الوقت من أجل استكمال مشروعها على حساب دولتي المصب". وأشار إلى أن "عدم اعتراف إثيوبيا بحقوق مصر التاريخية في مياه النيل لا يهم؛ لأن القانون الدولي يعترف بهذه الحقوق لكنه يكشف أحد أبعاد المخطط الإثيوبي الذي يتحتم علينا مواجهته بكل الوسائل".