أثارت رسوم الرسوب التى فرضتها حكومة الانقلاب انتقادات بين الطلاب وأولياء الأمور وخبراء التربية والتعليم، وأكدوا أن هذه الرسوم تمثل خطوة فى اتجاه إلغاء مجانية التعليم فى الجامعات، ولخصوا اعتراضهم على هذه الرسوم فى عبارة «الضرب فى الميت حرام». وقالوا إن هذه الرسوم لا تستطيع أغلب الأسر المصرية دفعها فى الوقت الحاضر فى ظل تزايد أعداد الفقراء وتراجع الدخول وغلاء الأسعار؛ وهو ما سيؤدى فى النهاية إلى حرمان الكثيرين من التعليم. وكان مجلس وزراء الانقلاب قد وافق على مشروع قانون لتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 بفرض رسوم لقاء الخدمات التعليمية على دخول الامتحانات بالنسبة للطلبة الباقين للإعادة أو الباقين بذات المستوى من الطلبة الملتحقين بنظام الساعات أو النقاط المعتمدة، والطلبة المتقدمين للامتحانات من الخارج، وتقرر العمل بالقرار بدءًا من العام الدراسي الحالى 2020 – 2021م. وبحسب نص مشروع القانون يحدد مجلس الجامعة قيمة الرسوم سنويًا مع مراعاة عدد مرات رسوب الطالب، على أن يتم تحصيلها في بداية العام الدراسي. وزعم مجلس وزراء الانقلاب أن الرسوم التي يتم جمعها من الطلبة الراسبين، تخصص لتحسين الخدمات التعليمية بالجامعة. وحدد الحد الأدنى والأقصى لرسم الرسوب كالآتي: -من 6 ل 12 ألف جنيه لكليات الطب البشري وطب الأسنان. -من 5 ل 10 آلاف جنيه، لكليات الهندسة والحاسبات والمعلومات والذكاء الاصطناعي والصيدلة والعلاج الطبيعي. -من 4 ل 8 آلاف جنيه لكليات الطب البيطري والزراعة والعلوم والتمريض. -من 3 ل 6 آلاف جنيه للكليات والمعاهد الأخرى. قرار ظالم حول رد فعل الطلاب إزاء هذه الرسوم قالت (أسماء. م) طالبة بكلية التربية الرياضية جامعة أسيوط : حسبنا الله ونعم الوكيل حرام اللي بيحصل ده، يعني مش كفاية الطالب هيكون راسب كمان هيزودوا همه بدفع رسوم رسوب! ووصفت القرار بأنه ظالم ومن شأنه أن يؤدي إلى عزوف الطلبة عن التعليم الجامعي. وأضافت: بعد كده ما حدش هيدخل كليات، خوفًا من إنه يحصل ظرف يتسبب في رسوبه فيلاقي نفسه متدبس في ألوفات يدفعها. وأكدت أسماء أن القرار مجحف، لأن الرسوب في الكثير من الحالات لا يرجع إلى تكاسل الطالب عن المذاكرة "اللي بيسقط مش لازم يكون ما ذاكرش، أغلب الأحيان الظروف بتحكم"، وطالبت بإلغائه لأنه عبء على أولياء الأمور. وقال (محمود أحمد- اسم مستعار) طالب بكلية الحقوق: أهالينا هيلاقوها منين ولا منين!". وأشار إلى أن الطالب يتحمل مصاريف السنة الدراسية الزائدة مع كل رسوب، "يعني اللي يسقط في حقوق هيلبس في 3 أو 6 آلاف جنيه! اللي هو سقوط وخراب بيوت". واعتبرت (مها أحمد – اسم مستعار) طالبة بكلية الطب البيطري أن القرار "مصيبة سودة على دماغ أولياء الأمور اللي هيدفعوا المصاريف وفوقها غرامة الرسوب". وأكدت مها أن القرار لا يعاقب الطالب بل يعاقب الأهالي موضحة أن " أولياء الأمور بعد كدا مش هيدخلوا عيالهم جامعات تاني، ونرجع بالزمن لورا". الطرف الأضعف وحول رأى أعضاء هيئات التدريس بالجامعات فى رسوم الرسوب، قال الدكتور وائل كامل، الأستاذ بكلية التربية الموسيقية جامعة حلوان، إن تطبيق رسوم بآلاف الجنيهات على الراسب بمثابة تحميل أخطاء التعليم على الطرف الأضعف في المنظومة. وأضاف كامل فى تصريحات صحفية: لا أدافع عن الطالب المستهتر لكن يجب التفريق بين المستهتر والآخر الذي قادته الظروف للرسوب، لاسيما وأن هناك أسباب عديدة للرسوب لابد من معالجتها قبل محاسبة الراسب. وأكد أن الأزمة تبدأ من مكتب التنسيق والإجبار على دراسة تخصص مخالف لأحلام الطالب وطموحاته بسبب نصف درجة أو بضع درجات يتغير مساره تمامًا، الأمر الذي حول عملية التعلم من غاية إلى وسيلة أي الحصول على شهادة. وأشار كامل إلى أنه قد يكون سبب الرسوب طريقة التدريس أو حشو المناهج أو بسبب حالة نفسية أو اجتماعية أو اقتصادية وغيرها، متوقعا أن يتعاطف أعضاء هيئة التدريس مع الطلاب بعد هذا القرار من خلال وضع امتحانات أقل صعوبة مما قد يؤثر على مستوى الخريجين. وأكد أن التفكير في قانون فرض رسوم على الراسبين ليس وليد اللحظة وأنه مُثار منذ أكثر من 20 عامًا، وما كان يمنعه هو دستور ما قبل 2014م لأن مادة مجانية التعليم كانت قاطعة ومانعة ولا تحتمل التأويل أو التغيير، لكن الدستور الانقلابى الحالي أُضيفت جملة لم تكن موجودة بالدستور السابق وهي "وفقًا للقانون"، وهو ما فتح المجال لإقرار قانون فرض رسوم رسوب على الطلبة. وكشف كامل أن توصيات البنك الدولي بالكتيب الذي صدر عام 2010، المعنون ب"مراجعات لسياسات التعليم العالي بمصر"، أشارت إلى ضرورة تقاسم تكاليف التعليم بين الطالب والدولة، وطالبت بالتوسع في إنشاء الجامعات الخاصة واستنكرت مجانية التعليم بالجامعات الحكومية. وأوضح أن رسوم الرسوب التي تم تحديدها لا تساوي التكلفة الحقيقية لتعليم الطالب لكن مع الوضع الاقتصادي الراهن وزيادة معدلات الفقر تعد أرقاما مبالغا فيها وحملا زائدا على أولياء الأمور. وحذر كامل من أن تتسبب هذه الرسوم في عزوف الراسب عن استكمال تعليمه ليصبح قنبلة موقوتة في وجه المجتمع، خاصة وأن دولة العسكر لم توفر مسارات تعليمية بديلة ولم توفر فرص عمل ليصبح مصير الراسب إما الانحراف أو الجلوس على المقاهي. عواقب وخيمة وطالب الدكتور طه أبو حسين، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، المجلس الأعلى للجامعات قبل تطبيق رسوم الرسوب بأن يُراعي أمورًا عدة، محذرا من أن تطبيقها في المطلق دون ضوابط تحكمها ستكون له عواقب وخيمة. وشدد أبوحسين فى تصريحات صحفية، على ضرورة مراعاة ظروف الطلبة، لاسيما أنه ليس كل الراسبين رسبوا لتقصير منهم، موضحا أن بعض الطلبة بيكون عندها عذر مرضي، وفيه طلبة كتير بيفوتها القطار في حالة كان من محافظة تانية. وأضاف: ما ينفعش يكون الطالب حصل له ظرف أو مرض وأجي أعاقبه تاني برسوم رسوب! مؤكدا أن هذا القانون لا يعاقب الطالب فقط، بل ولي أمره أيضا، الذي يعيش مصيبة رسوب ابنه، ثم نكمل عليه برسوم رسوب تُثقل كاهله.