في مقابل الترميم الذي حدث سابقا للمعابد اليهودية في مصر، والذي كلف الدولة مليارات الجنيهات، بالإضافة إلى إعطاء تراخيص بناء كنائس جديدة، وتقنيين المخالف منها، يجري هدم عشرات المساجد بدعوى مخالفتها وإقامتها على أراضي الدولة، والآن يتم هدم آثار إسلامية لا تعوَّض، منها "مقابر الغفير" وما بها من اجساد الموتى الذين يملكون تلك الأماكن والمقابر، دون توفير بديل، عبر إخطار الاهالي بسرعة توفير بديل للجثامين خلال 48 ساعة فقط، وهو أمر غير معقول بالمرة، ويثير موجة غضب شديدة بمصر إثر بدء لوادر الانقلاب اليوم الاثنين في هدم مناطق "مقابر المماليك" الممتدة على طريق صلاح سالم بالقاهرة. وتضم المنطقة العديد من المقابر التاريخية والآثار الإسلامية التي يعود تاريخها لنحو خمسة قرون، ويتم الهدم بدعوى تطوير المنطقة وإنشاء ما يعرف ب"محور الفردوس". يشار إلى أن تلك المقابر مصنفة كتراث عالمي من منظمة اليونسكو. وهو ما يعد جريمة بحق التراث المصري والمعماري وتعدٍ على ملكية ورثة المقابر. وقال مواطنون غاضبون إن سلطات الانقلاب أخطرت الملاك بالهدم ليفاجأوا بالتنفيذ قبل محاولات التوصل إلى حلول أو الاستماع لهم. ويرى مراقبون أن هدم الآثار الإسلامية من أجل إقامة محور أو طريق يعني هدم حضارة معمارية من أجل القبح، ووصفوا ذلك بأنه "هدم مقصود للهوية". ويأتي هذ الهدم في إطار ما يعرف بخطة الدولة لتطوير العشوائيات، حيث شرعت السلطات في هدم الكثير من المنازل في محافظات مصر عدة بدعوى بنائها بدون ترخيص أو تعديها على الملك العام. جريمة حضارية ويعد هدم المقابر التاريخية، بمثابة جريمة حضارية، وقمة العبث الحاصل في مصر، وهو ما يتوازى مع مشروع تطوير القاهرة الفاطمية والذي يتضمن هدم مبانٍ تاريخية واثرية. على الرغم من أن القاهرة الفاطمية من أجمل وأعرق مناطق القاهرة. ولعل الجريمة التي يقترفها السيسي، وتمر وسط تطبيل إعلامي من أذرع الانقلاب التي سارعت على الفور باستضافة خبراء السبوبة لتحليل الجريمة، بالقول إن المقابر غير ممسجلة بالتراث العالمي، بالمخالفة لليونسكو. وبدلا من أن تطالب وزارة الآثار بوقف الجريمة ، تؤكد أن المقابر غير تاريخية. وقال الدكتور أسامة طلعت رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، إن محور الفردوس بعيد عن الآثار الإسلامية المسجلة بقرافة المماليك. وأضاف في بيان اليوم الاثنين: "لم يتم هدم أي أثر، مؤكدًا أن المقابر الموجودة بالصور المنشورة هي مبانٍ غير مسجلة في عداد الآثار الإسلامية والقبطية وأنها مقابر حديثة وخاصة بأفراد". وفي تناقض فاضح، قال طلعت: "على الرغم من أن هذه المقابر غير مسجلة كأثر، فإن الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار وجه بتشكيل لجنة علمية فنية لمعاينة الشواهد والأحجار التي تشتمل على نقوش زخرفية أو كتابية ليتم دراستها وبحث إمكانية عرضها جزء منها ببعض المتاحف كجزء من تراث مصر المتميز". طعنة للتراث الإسلامي وعلى النقيض من تساهل مسئولي الآثار، المفترض فيهم الدفاع عن الآثار .. يقول المؤرخ محمد الهامى عبر فيسبوك: "إذا رأيت صورة الجرافات التي تهدم آثار مصر الإسلامية شعرت بها في قلبي حقيقة لا مجازا.."، مضيفا: "إنها كالمذبحة التي تقتل البشر، كالجرافات التي اقتحمت ميدان رابعة العدوية ودهست جثامين الشهداء.. هكذا أراها وهكذا أشعر بها..". .."هذا "……" الذي تسلط على مصر يمسح عنها وجهها الإسلامي بأفظع وأشنع مما فعله عبد الناصر ومبارك.. بل حتى ما فعله الطاغية الجبار محمد علي باشا. وهو في ذات الوقت يرمم الآثار اليهودية ويجدد بناءها ولا يأبه أن تستهلك الملايين، مع أن خبر اقتراضه أموالا من الخارج هو خبر ثابت أسبوعيا. ومشاريع تطويره لا تدهس ولا تهدم إلا المساجد، ولا تمر أبدا على كنائس.. بل إن السيسي شرعن وقنن أوضاع آلاف الكنائس المبنية بخلاف القانون والتي لم يقننها مبارك ولا طنطاوي!!! "يجدد معابد اليهود، ويحفظ معابد الفراعنة وكنائس النصارى ولا يستبيح إلا مساجد المسلمين وآثار العصر الذهبي العظيم الذي كانت فيه مصر مقر الخلافة الإسلامية وعاصمة المسلمين وحامية الحرمين والأقصى والقوى العظمى في المشرق وإحدى القوى الكبرى العالمية!! ويضيف: "السيسي أفتك في البلد ومستقبلها من السرطان والأوبئة والقوانين.. لعنه الله وسلط عليه من ينتقم منه ويشفي منه الصدور..".. دير الريان ولعل الهدم العشوائي بالقوة الغاشمة الذي يمارسه السيسي ضد الإسلام ومعالمه وآثاره ومساجده في مصر، ينفضح تماما ويؤكد ولاءه لغير المسلمين، حيث الحنان والعقلانية والتريث، الذي بدا واضحا طوال سنوات 2015 حتى 2017 مع الرهبان بدير وادي الريان.. ومثل دير القديس مكاريوس السكندرى، فى المحمية الطبيعية في وادي الريان فى الفيوم، أزمة تحدت الدولة المصرية بعهد السيسي. ففي أغسطس 2015، وعندما ذهبت إلى هناك إحدى الشركات العاملة على مشروع إنشاء طريق يربط الفيوم بالواحات، تجمهر عدد من رهبان الدير أمام المعدات رفضًا لهدم جزء من سور الدير، للعمل داخل قطعة الأرض التى خصصتها الكنيسة ليمر منها الطريق. ومنذ أكتوبر 2014 تطالب الحكومة من الكنيسة أن تتنازل عن قطعة أرض من الدير لتكون ضمن مشروع إنشاء الطريق الجديد، وقتها رفض رهبان الدير ومعهم الراهب إليشع المقارى الذى كان مسؤولًا عنهم وقتها. رفض الرهبان بعد رفض الرهبان إقامة المشروع وموافقة البابا تواضروس على اقتطاع قطعة أرض من مساحة الدير، شكل البابا لجنة من 3 أساقفة هم الأنبا إبرأم أسقف الفيوم، والأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا وأبو قرقاص، والأنبا إرميا الأسقف العام للإشراف على الدير وحل الأمر مع الرهبان. ودير وادى الريان اعترف به البابا تواضروس بعد نحو 18 يومًا من تجليسه على كرسى القديس مرقس فى 18 نوفمبر 2012، وأصدر قرارًا يحمل توقيعه بتاريخ 6 ديسمبر من نفس العام يعترف فيه بدير القديس مكاريوس السكندرى بوادى الريان، وقال قرار البابا إنه "تم تجديد وتعمير الدير عام 1960"، وتم اختيار الأنبا ميخائيل مطران أسيوط وقتها ليكون مشرفًا على الدير، ويكون مسؤول الدير الرسمى فى التعامل مع الدولة هو الراهب إليشع المقارى. بعد الأزمة فى أكتوبر 2014 اجتمعت لجنتا شؤون الرهبنة والأديرة وسكرتارية المجمع المقدس فى 26 أكتوبر 2014 لبحث مشكلة دير وادى الريان بصحراء الفيوم، وانتهت اللجنتان إلى عدة قرارات وهى "إعفاء الراهب إليشع المقارى من مسؤولياته بالمنطقة، مع التاكيد على الحفاظ على المقدسات والمغائر الأثرية. ثم بدا لاحقا اعتصام الرهبان أمام معدات العمل لمنع الشركة من البدء فى هدم جزء من سور الدير والعمل فى قطعة الأرض التابعة للدير التى ستكمل الطريق. وجرى تغيير مسار الطريق بعيدا عن مباني الدير، ليكلف الدولة ملايين الجنيهات، في سبيل حماية مباني جرى الاستيلاء عليها من قبل الرهبان، من أراضي الدولة.. إلا أن الامر مر على السيسي ببرد وسلام. ودير وادى الريان يقع على مساحة كبيرة من الأفدنة فى محمية وادى الريان بالفيوم. ومساحته 13 ألف فدان غير مستغل منها إلا فدادين قليلة، وبحسب تقديرات هندسية، فإن إنشاء الطريق لن يؤثر على كنائس أو القلالى أو المبانى، ورغم ذلك جرى الانحراف بلطريق من اجل الدير المخالف!! وهنا يطرح تساؤل، لماذا لم يمر محور الفردوس المزعوم بعيدا عن مقابر المسلمين وآثار مصر الإسلامية.. أهو رسالة للغرب بكفران السيسي بكل ما هو إسلامي؟ أم استهانة بمشاعر نحو 70 مليون مصري؟!!