قالت قراءة تحليلية نشرها المعهد المصري للدراسات، وأعدها د. أنور الغربي بعنوان “ملاحظات على هامش التطبيع السوداني الصهيوني”، إن أخطر ما جاء في تصريحات القادة السودانيين الموالين لنهج التطبيع، ومنهم عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني الانتقالي، هو التعاطي مع ملف حساس وخطير بمنطق الربح والخسارة، دون الأخذ في الاعتبار مقررات الأممالمتحدة والقانون الدولي والعدالة. وفرَّق الغربي في تحليله بين عبارتين قالهما البرهان وهما: “علاقة حسن النوايا مع العالم” و”لا فرق بين سويسرا وإسرائيل”، معتبرا أن هناك خلطًا وتجنيًا واضحًا على سويسرا ومؤسساتها وتاريخها وشعبها، وفيه محاولة لتبرئة إسرائيل من جرائم فظيعة ارتكبتها بحق الفلسطينيين والعرب. وأشار في ذلك إلى أن من تلك الجرائم: الاحتلال والتهجير القسري والقتل والتمييز على أساس الدين والأصول والعصف بالقانون الدولي، في حين أن “سويسرا بلد القانون لكل السكان وليس لشريحة دون غيرها”. مسارعة وتوريط وأشار إلى أن توقيت اللقاء، ومسارعة نتنياهو بالإعلان بأنّه اتفق والبرهان "على التعاون وصولا للتطبيع الكامل”، فيه دعم مباشر لبنيامين نتنياهو في حملته الانتخابية، وأيضًا لاستباق ما أعلنه الاتحاد الإفريقي عبر مطالبته برفع العقوبات عن السودان. وأضاف أن أكثر من 6 آلاف سوداني دخلوا الأراضي المحتلة عبر مصر، وغلاة اليمين في تل أبيب يسعون لإرجاعهم، موضحا أن حديث نتنياهو عن خط جوي فيه إشارة واضحة لهذه الشريحة من المتطرفين الرافضين لتواجد غير اليهود في الكيان، وأن الخطوة ترضي الإنجيليين الأمريكيين الذين ينظرون إلى السودان منذ عقود على أنه نقطة محورية في الصراع. ومن جهة ثانية، رأى أن إقدام الصهاينة على نشر صورة تجمع بين الرئيس الراحل جعفر النميري وآرييل شارون، أثناء توريط الأوّل للسودان وتحويله إلى ممر لهجرة الفلاشا من إثيوبيا إلى الأراضي المحتلة بعد ساعاتٍ معدودةٍ من لقاء البرهان ونتنياهو، هي رسالة واضحة للقيادة العسكرية في السودان، وهي السعي للعمل مع القادة العسكريين على حساب ممثلي الشعب من المدنيين، وهو ما سعى إليه الاحتلال دومًا. تقوية وإضعاف واعتبر المحلل أن النتيجة الفورية والمباشرة لهذه الخطوات هي تقوية المؤسسة العسكرية على حساب السلطة التنفيذية الهشة؛ فالحكومة السودانية ووزارة الخارجية لم تشارك في الترتيبات ولم تُدع لمرافقة عبد الفتاح البرهان في زيارته لواشنطن. واستغرب “الغربي” مما دفع قيادة شعب قام بتصحيح مسار وثورة على الظلم وغياب العدالة، ويحترم أشواق الشعب الفلسطيني في الحرية والكرامة والعدل، إلى القفز في المجهول والدخول لمنعرج خطير يصعب الخروج منه. خمس ملاحظات وأشار إلى عدة ملاحظات، أولها أن التطبيع إيذاء وإهانة للفلسطينيين وداعميهم من الثائرين والمصرّين على الثوابت، ومنهم السودانيون أنفسهم؛ لأن الفلسطينيين لا يقاتلون فقط من أجل فلسطين. وأضاف ثانيا أن إشارة البرهان لتطبيع السلطة الفلسطينية مع الصهاينة هو تذكير للانقسام الحاصل داخل الصف الفلسطيني، ودور القائد العربي هو دعم الوحدة الفلسطينية وليس التجريم أو تغليب طرف وتأليبه على طرف آخر، والحال أن الكل مجمع على مقاومة الاحتلال عبر الأشكال المختلفة. واعتبر أن تصريحات البرهان بأن القرب من الصهاينة قد يكون مفيدًا في مساعدة الفلسطينيين على حلّ مشاكلهم، هو زعم فيه تجن على الفلسطينيين والمدافعين عن الحقوق الفلسطينية، حيث لم يفوض الفلسطينيون أحدا أو يطلبوا وصاية، فهم أعلم بإدارة شئونهم والتعاطي مع الاحتلال وآليات المقاومة. وأوضح أن الإشارة للدول العربية التي لها علاقات واتفاقات مع الصهاينة أو من يسعون لإقامة علاقات معها، فإن ذلك يعزز من عزل قادة هذه الدول أمام شعوبها، ويعتبر ضربًا للمعاهدات والاتفاقات، لا سيما بعد رفض جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي خطة ترامب. أما الجزئية الخاصة بتبرير البرهان التطبيع بوضع السودان على القائمة الأمريكية للدول الداعمة للإرهاب، فقال: “لا مبرر له خاصة أنه لا توجد أي علاقة لفلسطين والفلسطينيين بهذا الملف، وأن ما تتخذه الإدارات الأمريكية من تبريرات لم يعد خافيا على أحد بعد مجيء دونالد ترامب للسلطة”، موضحا أنه يبتز العرب لمزيد من الأموال، وأنه لن يكون بمقدور السودان الخروج من هذه القوائم إلا بعد دفع التعويضات إما مباشرة أو عبر دول خليجية غنية. تعكر الاستقرار وعن مزاجية الصهاينة، أشار إلى أن بنيامين نتنياهو صرح في بداية جلسة الحكومة الإسرائيلية في 16 يناير 2011، أي بعد 48 ساعة من نجاح الشعب التونسي في إسقاط زين العابدين بن علي، واضطراره للفرار لجدة في السعودية، بأن الثورة التونسية تعكر "الاستقرار في المنطقة". وأشار إلى تعليقات المتابعين بأنه يقصد الاستقرار الذي يحافظ على أنظمة الاستبداد والفساد في الدول العربية الخاضعة للأجندة الصهيونية-الأميركية في المنطقة. وقال: “السيناريو الأسوأ لإسرائيل هو قيام نظم عربية ديمقراطية”. مضيفا أن “الشعوب العربية معادون للصهيونية ولسياستها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، فإنها ترى أن النظم الديمقراطية ستكون معبرة عن موقف شعوبها من إسرائيل.