أكد العديد من خبراء الاقتصاد أن رفع الدعم عن الكهرباء والبنزين في هذا التوقيت سيخلق مشكلات جمّة وخطوة خطيرة ولن يلقى تأييدا شعبيا، خاصة مع وصول معدلات الفقر إلى 40% وارتفاع نسبة البطالة إلى 20%، إلى جانب انخفاض معدلات النمو، مشددين على أنها ستنعكس على باقي القطاعات الإنتاجية. وأشاروا إلى أن عدم توضيح حكومة الانقلاب الآلية التي سيتم بها تطبيق رفع الدعم عن الكهرباء يثير الكثير من الشكوك حول ما سيتم فعله، مشيرين إلى أن مثل هذه القرارات ما هي إلا قياس لنبض الشارع لمعرفة مدى تقبلها، مؤكدين أن الحل الوحيد هو عمل قاعدة بيانات بمستحقي الدعم واستبعاد الأغنياء والوسطاء وتطبيقها بعيدا عن الفاسدين.
كانت حكومة الانقلاب قد أعلنت في الآونة الأخيرة عن عزمها زيادة أسعار الكهرباء ورفع الدعم عن شريحة الأغنياء حددت نسبتها ب 20% قبل مسرحية الانتخابات الرئاسية، معللة ذلك بأن هدفها الأساسي هو رعاية محدودي الدخل والأكثر احتياجا؛ لكي يصل الدعم إلى مستحقيه. أثارت تلك التصريحات جدلا واسعا بين المواطنين وهو ما دفع المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء السفير حسام جاويش عن التصريح يوم الخميس بأن الحكومة لا تزال تدرس رفع الدعم عن الكهرباء جزئيا لبعض الشرائح الاجتماعية خلال الأشهر المقبلة، موضحا أن منظومة دعم الكهرباء والوقود تعاني من خلل كبير ولا بد من إعادة هيكلته.
قياس النبض يرى د. عادل حميد -أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر- أن الأخبار المتداولة عن رفع الدعم للطاقة والكهرباء ما هي إلا قياس نبض حكومة الانقلاب للشعب لمعرفة هل سيتقبلها أم لا، قائلا "قبل اتخاذ قرار برفع الدعم من عدمه ينبغي النظر إليه ليس فقط من الناحية الاقتصادية بل من الناحية الاجتماعية وفي إطار الأمن القومي المصري".
عادل حميد: قرارات رفع الدعم ما هي إلا قياس نبض الشارع لمعرفة مدى تقبله لها لا يعقل أن يُرفع الدعم في ظل المؤشرات الاقتصادية الصعبة التي وصل إليها الاقتصاد ويضيف "لا يعقل بأي حال من الأحوال أن يتم رفع الدعم في ظل المؤشرات الاقتصادية الصعبة التي وصل إليها الاقتصاد في مصر"، موضحا أن نسبة الفقر في مصر تصل إلى 40%، وفي القرى تصل نحو 65%، في حين تعدت البطالة نسبة 20%.
ويتابع حميد قائلا "ناهيك عن توقف الكثير من قطاعات الإنتاج مثل قطاع السياحة والصناعة وغيرها من القطاعات الأخرى نتيجة للظروف السياسية والأمنية"، مشيرا إلى أن التفكير في رفع الدعم أمر خطير وغير مجدٍ ولا يمكن أن تلقي هذه القرارات تأييدا شعبيا. ويوضح أن الاقتصاد ما هو إلا منظومة متكاملة وإذا حدث خلل في أحد عناصرها يحدث خلل بها بالتبعية يحدث فيها خلل، مشيرا إلى أن حدوث أزمة في الكهرباء لا يعني رفع الدعم إذ إن المواطن لن يقبل هذا حيث تواجهه الكثير من المشكلات.
ويؤكد أستاذ الاقتصاد أن رفع الدعم عن الكهرباء سيؤثر بالطبع على القطاعات الإنتاجية، خاصة التي لا تستطيع أن تنتج أو تصدر للخارج لا يمكنها تحمل الارتفاع في أسعار الطاقة.
ويشير إلى أن اختيار التوقيت لرفع الدعم سواء كان كليا أو جزئيا هام جدا، قائلا "ألف باء اقتصاد تقول إن رفع الدعم لا يجب أن يتم إلا في حالة تحسن الاقتصاد، بالإضافة إلى أنه ينبغي أن يتم بشكل تدريجي وليس بصدمات حتى لا يؤدي إلى نتائج عكسية أكثر مما يجنيه من إيجابيات، لافتا إلى أن الدول التي قامت برفع الدعم فجأة اضطرت إلى الرجوع إليه ثانية.
الدائرة المفرغة ومن جانبه يقول عبد الحافظ الصاوي -الخبير الاقتصادي-: "نتفق على أن الدعم يمثل مشكلة كبيرة للموازنة العامة للدولة نتيجة وليس سببا"، موضحا أن السبب الرئيسي معدلات النمو تتراوح ما بين 2-2.1 % وهي ضعيفة مقارنة بزيادة معدلات السكان، بالإضافة إلى الجهاز المحلي الإداري الذي يعتمد على المصادر الريعية وليست المصادر الإنتاجية وبالتالي تظل المشكلة قائمة. ويضيف "إلى جانب ضعف النمو الاقتصادي وجهاز المحلي الإداري هناك فقر وبطالة، هنا لا بد أن نحافظ على الدعم بأي ثمن حيث يذهب جزء كبير منه للأغنياء والوسطاء وإلى غير مستحقيه".
عبد الحافظ الصاوي: حل مشكلة الدعم تكمن في تطبيق الاقتصاد والدعم بشكل صحيح إعداد قاعدة معلومات لمستحقي الدعم واستبعاد الفاسدين والوسطاء الحل الأمثل لمشكلة الدعم ويتابع الصاوي قائلا "مشكلة الدعم تبقى قائمة أمام أي حكومة لا يحلها ويواجهها مجرد قرار وزاري، إذ إن القضية لا بد أن تأخذ بعدا استراتيجيا؛ بمعنى أن يتم تطبيقه بعيدا عن الفاسدين واستبعاد التجار الوسطاء ووضع قاعدة معلومات لمعرفة عدد المستحقين".
ويشير إلى أنه يمكن حل مشكلة الدعم إذا تم تطبيق الاقتصاد بشكل صحيح وكذا تطبيق الدعم بشكل سليم، مؤكدا أنه فيما عدا ذلك ندور في حلقة مفرغة حيث يزيد الدعم وبالتالي يزيد الدَيْن المحلي ومن ثَم يزيد العجز في الموازنة. ويوضح الخبير الاقتصادي أن عدم ذكر وزارة الكهرباء الآلية حول رفع الدعم عن 20% من شريحة الأغنياء هل سيكون على المنتجعات السياحية والفنادق والمصانع بشكل عام يفتح المجال إلى توقع حدوث أي شي، مشددا على أن ما يحدث ليست طريقة صحيحة.