أصدرت حكومة الانقلاب قانونًا يقضي بتحصين صندوق مصر السيادي الذي يمنح عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري صلاحيات واسعة في نقل أصول الدولة وبيعها دون طعن أو اعتراض المواطنين. فقد وافق مجلس وزراء الانقلاب على مشروع قانون بتعديل بعض مواد قانون 177 لسنة 2018، واشتمل التعديل على إضافة للمادة السادسة من القانون تمنع المواطنين من الطعن على نقل ملكية الأصول من جهات الدولة إلى الصندوق أو الطعن على عقود الصندوق مع الأطراف الأخرى. ويقتصر حق الطعن بحسب مشروع القانون على الجهة المالكة للأصل أو الصندوق ولا يحق رفع الدعاوي ببطلان العقود أو التصرفات التي يتخذها لتحقيق أهدافه إلا من أطراف التعاقد. وتنص المادة السادسة مكرر على أنه مع عدم الإخلال بحق التقاضي يكون الطعن في قرار رئيس الجمهورية في نقل ملكية الأصول ولا ترفع الدعاوى ببطلان العقود التي يبرمها الصندوق. وكان السيسي قد قال في نهاية أكتوبر الماضي إن “الصندوق السيادي المصري هيبقى حجم أرقامه هتشوفها وهتشوفوها وتسمعوها، مش أرقام جاية مش من فراغ ولكن من قدرات الدولة المصرية وأصولها واقتصادها ويمكن يكون أكثر من عدة تريليونات جنيه للصندوق كلها أصول مصرية لصالح مصر وشعبها واقتصادها”. فكرة مريبة وقال الخبير الاقتصادي محمد كمال العقدة: إنه من العجيب أن تدعي دولة مثل مصر ديونها الخارجية تتعدى 108 مليارات دولار والداخلية تخطت 4 تريليونات جنيه أن لديها صندوقا سياديا؛ لأن ذلك مخالف لكل الأعراف الاقتصادية والاستثمارية؛ لأنه ينبغي أولا سداد الديون قبل الحديث عن الصندوق السيادي. وأضاف العقدة، في مداخلة هاتفية لبرنامج “المسائية” على قناة “الجزيرة”، أن ديون مصر الداخلية فوائدها تتخطى نسبة 18% والخارجي يصل أحيانا إلى 10% وخصوصا سندات الخزانة الدولارية والتي تصل إلى 6% ولا بد من دفع هذه الديون أولا قبل الاستثمار في ما يسمى الصندوق السيادي. وأوضح أن الصندوق السيادي في الدول الأخرى مثل النرويج وسنغافورة والإمارات يكون عبارة عن الفائض من الميزانية، ويتم استثماره لصالح الأجيال القادمة، لكن مصر لا يوجد لديها أي فائض في الميزانية، بل على العكس هناك عجز في الميزانية يتعدى 10% عامًا بعد الآخر، ولا تستطيع حكومة الانقلاب تغطية هذا العجز بسبب تراجع الاستثمارات والتحصيلات الضريبية وزيادة فوائد الديون. وأكد العقدة أن فكرة الصندوق السيادي مريبة، وأرى أنه أحد المحاولات المستمرة لنظام الانقلاب لتحصيل والاستحواذ على مؤسسات الدولية وشركاتها وأصولها، سواء لصالح أفراد من المؤسسة العسكرية أو لصالح جهات أجنبية وليس لصالح الشعب المصري، خاصة في ظل غياب الشفافية والمحاسبة لتعاقدات الصندوق. خداع استراتيجي بدوره قال الدكتور عصام عبدالشافي، أستاذ العلوم السياسية، يرى أن ما يسعى السيسي لإنشائه ليس صندوقًا سياديًّا بالمطلق وفق ما أكده الدكتور عبد الخالق فاروق الخبير الاقتصادي؛ لأن أي صندوق سيادي لابد أن تكون هناك فوائد مالية حقيقية لإدارتها ومصر لا تمتلك فوائد مالية بل وصل الدين الخارجي 110 مليار دولار وتخطى الدين الداخلي حاجز 4 تريليونات جنيه. وأضاف عبدالشافي أن الأصول التي تمتلكها الدولة المصرية مثل الأراضي والشركات العامة والمرافق العامة أصول للإنتاج والخدمات وليست فوائض مالية وليس هناك مجال للشك أن الشعب المصري بصدد أكبر عملية خداع استراتيجي للشعب المصري تحت مسمى الصندوق السيادي. وأوضح أن الهدف الأكبر من الصندوق السيادي التخلص من ممتلكات الدولة دون رقابة أو محاسبة، تحت مظلة الخصصة والصندوق السيادي، والتحصين الآن هو لحماية المسئولين عن عمليات البيع الممنهج لمقدرات الدولة. وأشار عبدالشافي إلى أن هناك إشكالية حقيقية وهي أن الصناديق السيادية في جميع دول العالم تدار من خلال منظومات دولية كبرى ولديها من الخبراء والمستشارين والمتخصصين ما يحافظ على ثروات هذه الصناديق.