يعيش الرئيس الروسى فلاديمير بوتين حالة توتر وقلق شديدين بعد تراكم الملفات الشائكة أمامه؛ وأهمها تصاعد حركات الاحتجاج والتظاهرات ضد سياسته وبداية تشكيل شبكة معارضة مناهضة له ولوصوله للكرملين بعد اتهامه بتزوير الانتخابات البرلمانية وبعدها الرئاسية. وهو ما دفع "القيصر" لخوض حرب تكسير عظام لهذه المعارضة مستخدما قوة القانون الروسى -الذى أشرف على صياغته. ومنذ أيام أقر بوتين قانونا يصنف المنظمات غير الحكومية المدعومة بتمويل أجنبى على أنها "عميلة للخارج" ويجب فرض رقابة شديدة عليها، ويقضى القانون الذى سبق أن أقره مجلس النواب فى 13 يوليو الحالى ومجلس الاتحاد (الشيوخ) فى 18 من الشهر نفسه بتسجيل منفصل للمنظمات التى تتلقى تمويلا أجنبيا والتى تمارس "نشاطا سياسيا" على الأراضى الروسية. وبحسب القانون الجديد، فإنه سيكون على هذه المنظمات تقديم نفسها على أنها "عميلة للخارج" فى أى بيان أو نشاط عام وأن تخضع لمراقبة مالية شديدة الصرامة، ويعاقب على انتهاك هذا القانون بغرامة قد تصل إلى 300 ألف روبل (7500 يورو) والسجن لمدة قد تصل إلى عامين. وفى مطلع الأسبوع الجارى دخل حيز التنفيذ قانون مثير للجدل حول (لوائح سوداء) لمواقع إنترنت، وجاء فى مسودة القانون أنه يهدف إلى حماية القاصرين من المعلومات الخطيرة، لكن عددا من المراقبين يتوقع أن يكون هدف القانون فرض رقابة على الشبكة العنكبوتية خوفا من ربيع روسى على غرار الربيع العربى. وينص القانون -الذى وقعه بوتين السبت الماضى قبل نشره الاثنين فى الصحيفة الرسمية- على إنشاء سجل فيدرالى ينظم نشاطات مواقع الإنترنت التى تحوى معلومات محظورة قانونا، ويجبر مالكيها أو مزودى الخدمات على إغلاقها. ووصفت حركات المعارضة فى الداخل الروسى -والتى يسعى بوتين لإضعافها- هذه القوانين وما سبقها بأنها وسيلة قمع يستخدمها بوتين للقضاء على المعارضة وإحكام سيطرته على الشارع الروسى، مشيرين إلى وجود ما أسموه "ترزية" قوانين حول الرئيس يصيغون له ما يساعده على قمع المعارضة، معتبرين هذه القوانين خطوة استباقية لصد أى محاولة خروج على بوتين ونظامه أو مطالبته بالرحيل. وأصدر بوتين خلال الأسبوع الجارى أيضا قانونا ينص على تعريض "الكاذبين" الذين يتهمون الآخرين بارتكاب جرائم من دون مبرر، للمسئولية الجنائية. ونقلت وكالة أنباء "نوفوستى" الروسية عن بيان أصدره الكرملين بأن عقوبة الشخص الذى يطلق "الأكاذيب التى تتهم الآخرين بارتكاب جريمة خطيرة" يمكن أن تكون على صورة غرامة مالية تبلغ 5 ملايين روبل (135 ألف دولار) أو حبس من يطلق أكاذيب من هذا النوع مدة تصل إلى 480 ساعة للقيام بأعمال يحددها القاضى. وهو ما اعتبره البعض "تحايلا" على الألفاظ؛ بمعنى أن كل من يوجه انتقادا للسلطة دون مستندات يطبق عليه هذا القانون، وهو ما يتطلب من المعارضة تقديم الأدلة والمستندات قبل الانتقاد، وهو ما يصعب على المعارضة فى دول بوليسية مخابراتية مثل روسيا. هذه السلسلة من القوانين المقيدة تهدف فى المقام الأول إلى تهميش حركات المعارضة الروسية القديمة أو الوليدة ومحاولة إبعاد فكرة "الربيع الروسى".