ما يحدث في مصر على مدار الشهورالأخيرة ، لا يوصف إلا ب " المسخرة " على كافة الأصعدة ، بل أن الأمر وصل إلى مرحلة يصعب الصمت حيالها. وإذا كان البعض على مدار الشهور الماضية ، قد ثار وهاج وماج ومستنكرا من أن شيئا لم يحدث منذ إندلاع الثورة ، وأن مصر لم تتغير ، ولكن يمكن القول الأن بثقة وبلا تردد أن مصر تتغير ولكن للأسوء بكل أسف ، حتى أن البعض يلعن الثورة ومن قاموا بها ويحملها كل الأوزار التي تشهدها البلاد حاليا ، بصرف النظر عن أن الثورة بريئة مما يحدث وليست مسؤولة عما وصلت إليه مصر بعد مرور عام وأكثر على الثورة المصرية. المسخرة ، في أن يظل إتحاد الكرة يفكر ويفكر ثم يفكر ، في أزمة بورسعيد التي صعبها على نفسه بسبب التأخر في إصدار القرار منذ البداية ، حتى وصل الأمر لطريق مسدود ، والغريب أن الإتحاد ينتظر الأن الحل الذي سيأتيه من خارجه ، وأستطيع أن أؤكد أن القائمين على إدارة الجبلاية أضعف بكثير من إتخاذ قرار الأن . المسخرة ، أن تظل جماهير الأهلي وجماهير بورسعيد تناطح بعضها البعض ، وأظهار كل طرف تحديه للطرف الأخر، وأن القرار لابد وأن يخرج لصالح طرف على حساب الأخر ، وتخرج مسيرات الجماهير لتجوب الشوارع للمطالبة بحق أصبح الأن في يد القضاء بعد صدور قرار الإحالة لمحكمة الجنايات ، وكأن مصر تدار من خلال الجماهير وليس من خلال القانون الذي تم تغيبه تماما بفعل فاعل . ولما لا تستغل الجماهير حالة المسخرة التي تعيشها البلد لتحقيق أهدافها وتحتكر لنفسها الحقيقة والحق في كل شيء ، بعد أن سبقهم مجلس الشعب في ذلك ، بعد أن إستأثر تيار الإسلام السياسي بكل شيء تحت قبة المجلس ، وأبعد كل التيارات السياسية الأخرى بداعي الأغلبية ، رغم أن الأغلبية تعني بالدرجة الأولى حماية حقوق الأقلية ، وكان أخرها إختيار نصف أعضاء اللجنة التأسيسية للدستور الجديد منهم ، رغم مخالفة ذلك لكل الأعراف. المسخرة ، أن يجتمع رئيس الوزراء د . كمال الجنزوري ، برئيس النادي الأهلي ، وقبله مع أعضاء مجلس الشعب عن بورسعيد ، لمحاولة الوصول لقرار توافقي بشأن أحداث المدينة الباسلة ، وكأن مصطلح " التوافقي " هو موضة فترة ما بعد الثورة ، رغم أن أي قرار سيصدر لن يرض أي طرف من الطرفين – جماهير الأهلي وجماهير المصري – بعد أن ماعت القضية وتناثرت شظاياها في وجه الجميع ، ولا أعرف لماذا إجتمع رئيس الوزراء مع رئيس النادي الأهلي ، رغم علم الجميع بأن حسن حمدي ليس له وصاية على جماهيلا الألتراس ، ولا يستطيع التأثير عليهم. المسخرة، أن تظل بعض وسائل الإعلام مستمرة على نفس منهجها التأمري وإثارة الجماهير في القاهرة وبورسعيد ، في محاولة لمكسب رخيص وسريع ، دون رقيب أوحسيب ، ومازال عدد من مقدمي البرامج الرياضية يقدم نفسه على إنه المصلح الإجتماعي والباحث عن الصالح العام ، رغم أن هؤلاء ما هم إلا باحثين عن مصالحهم الشخصية الفجة ، وكأنهم لم يشبعوا طوال السنوات الماضية من مائدة المصالح الذاتية. المسخرة ، أن يلعب فريقي الأهلي والزمالك مباريات ودية سرية إستعدادا لمباريات دوري أبطال أفريقيا ، دون إبلاغ جهات الأمن بتلك المباريات ، بعد أن سبق رفضت وزارة الداخلية إقامة أي مباريات للفريقين ولو بدون جمهور بداعي أزمة الداخلية ، ولم يجد الفريقين الكبيرين سوى اللعب " سرقة " ، لمواجهة الأزمة . المسخرة ، أن يلعب المنتخب الأولمبي مع الفريق الإحتياطي لفريق بازل السويسري ، ثم يخرج الجهاز الفني لفريق ليتحدث في وسائل الإعلام المصرية بعد اللقاء عن الفوز على الفريق الذي كان يلعب في بطولة دوري أبطال أوربا قبل يومين ، وكأنهم كذبوا الكذبة وصدقوا أنفسهم ، وعليهم تدارك الأمر مع اللاعببن ويؤكدوا لهم أن الفريق الذي فازوا عليه ليس هو الفريق الذي شارك في بطولة أوربا . المسخرة الحقيقة لم تحدث في مصر والمساخر القادمة أكثر سخونة وأشد وطأة ، فمصر بلد بلا " كتالوج " ومن يدعي غير ذلك فهو كاذب.