وصل الفساد ذروته في الوسط الرياضي على مدار السنوات الماضية ، مثله مثل الفساد الذي انتشر في ربوع مصر بدعم من النظام المصري السابق الذي حبس أغلب أفراده تقريبا. النظام السابق كان يتبنى منهج الفساد، ليسيطر على زمام الأمور متصورا أنه بذلك يستطيع تغييب المجتمع المصري بأكمله ويستطيع الاستمرار في حكم البلاد إلى ما لا نهاية، مصدرا أنواعا مختلفة من الفزاعات التي اخترعها. أولى الفزاعات التي ابتدعها النظام السابق هى فزاعة الإخوان المسلمين التي بدأ تصديرها للخارج ليضمن مساندة القوى الخارجية لبقائه، وهو تصور أثبت فشله مع ثورة الشباب ، بعد أن تخلت عنه القوى الخارجية، وليتأكد أي نظام قادم لمصر أن ضمان استمراره هو رضا الداخل وليس الخارج، وأن رضا الشعب من رضا الرب. ثم عاد النظام السابق لاختراع فزاعة جديدة خلال الثورة محاولا إستنعادة الزمام ، وهى تخيير الشعب ما بين البقاء أو الفوضى وتخويف الشارع من البلطجة التي ستسيطر على المجتمع ، إلا أنه فشل أيضا في ذلك لأن المجتمع المصري اكتوى بنار النظام بما فيه الكفاية، وستنتهي تلك الحالة قريبا بمرور الوقت واستعادة الاستقرار. نعود لحالة الفساد المستشري في الوسط الرياضي الذي اكتوى به الجميع ، ودفعت الرياضة المصرية ثمنه غاليا ، بعيدا عن البطولات التي تحققت بالصدفة وليس بالتخطيط. ولاشك أن رئيس المجلس القومي للرياضة حسن صقر يتحمل جزءا غير قليل من هذا الفساد، لأنه كان يعمل في إطار منظومة فاسدة، مثله مثل كل القيادات التي تولت المسؤولية في سنوات حكم النظام السابق. وتصور صقر – كما تصور غيره من المسؤولين في كافة المجالات – أن حالة الفساد هى الشرع والقانون، وأنه نظام لن ينته، ولا يخلق من عدم، فعمل بكل جهده من إطار هذه المنظومة الفاسدة ، حتى انقلب عليه الوسط الرياضي من غير المستفيدين وطالبوا برحيله لأنه كان يعمل في ظل نظام سقط ورحل، وكان على صقر أن يرحل من تلقاء نفسه، بدلا من الانتظار لصدور قرار يجبره على الرحيل غير المشرف. انتقلت المظاهرات من ميدان التحرير بوسط العاصمة في الأيام الماضية قبل توقفها إلى حي ميت عقبة محل إقامة حسن صقر في المجلس القومي للرياضة تطالب برحيله، إلا أن صقر تمسك بمنصبه كما حاول النظام السابق التمسك ببقائه ، ولكنه فشل أمام الثورة العارمة التي طردته من الحكم. وكان على رئيس المجلس القومي للرياضة أن يعي الدرس مبكرا ، ويعلم أن التيار جارف وسيقذف أمامه كل من يعترض طريقه ، وكان عليه أن يكون أكثر ذكاء من النظام الساقط، ويطلب إعفائه من منصبه ، وهو يعلم مدى الفشل والفساد الموجود في الوسط الذي يقوده ، بل لا أبالغ إذا قلت أن كبار مستشاريه ساهموا ولعبوا دورا كبيرا غير خفي على أحد في تعظيم وتكريس هذا الفساد، بدليل أن الأغلب الأعم من القضايا التي أقيمت على المجلس القومي للرياضة خسرها على يد مستشاريه القانونيين. رئيس المجلس القومي للرياضة عقد عددا من الاجتماعات في الأيام الماضية مع روؤساء الاتحادات الرياضية لمناقشة تعديل اللوائح - وأغلبهم من المستفيدين والإنتهازيين - وإعادة هيكلتها من جديد ، إلا أنه فات عليه أن من أفسد اللوائح لا يجب ولا يصح أن يعود الأن لمحاولة إصلاحها، وإلا فيلقل لنا رئيس المجلس القومي للرياضة ، من الذي سيعيد النظر في اللائحة الجديدة التي ينوي إجرائها ؟! وهل تغيرت الوجوة التي أفسدت اللوائح الرياضية السابقة في مصر؟ وهل سيتخلى عن مستشارية القانونيين الذي لعبوا به وبالرياضة المصرية لمصالح شخصية بحتة مقيتة؟ قبل شهور خرج علينا المجلس القومي للرياضة بإعلان لائحة جديدة للهيئات الرياضية رسخت لوجود وجوه بعينها، ورفض كل المحاولات التي بذلت معه للتراجع عن إقرار تلك اللائحة التي دفعت الرياضة المصرية للخلف خطوات كثيرة ، فأقدم على إلغاء وجود عناصر الشباب تحت سن ال 30 ، وألغى منصب أمين الصندوق وأجبر الاتحادات والأندية على تعيين مدير مالي بأجر، رغم علمه بالأزمة المالية التي تعانيها الأندية والإتحادات، كما ألغى منصب نائب الرئيس وجعله بالانتخاب من مجلس الإدارة في أول جلسة، وهو يعلم أن هناك عدد من الاتحادات والأندية لم تنفذ ذلك ، ورغم ذلك لم يحرك ساكنا ، والأن يحاول نفس الأشخاص الالتفاف على ما فعلوه ويسعون للإصلاح ، ولكن عليهم أن يتركوا محاولات الإصلاح لأهلها. أكد صقر، خلال اجتماعاته الأخيرة أنه ينوي تطبيق لائحة الثماني سنوات على الأندية مثلها مثل الإتحادات ورئيس الجمهورية، وهو الذي رفض ذلك من قبل بعد أن خضع لضغوط من الأندية الكبيرة ، وتحديدا حسن حمدي ، فما الذي تغير الأن؟ وأكد أيضا على ضرورة تفعيل دور الجمعيات العمومية ، وهو الذي لعب دورا مؤثرا في تهميش دورها من قبل والتدخل في عملها ، بدليل تدخله وضغطه على الجمعية العمومية للجنة الأولمبية لإنتخاب رئيسها وضغط وهدد ، ما يشير إليه" المهندس " هو نوع من المراوغة غير المقبولة . المؤشرات تؤكد أن حسن صقر ، لن يرحل من المجلس القومي للرياضة من تلقاء نفسه ، وترك الأمر لمن هو مسؤول عنه ، وأصبح الأمر في يد رئيس مجلس الوزراء د. عصام شرف ، المشغول " بهم لا يتلم " في البلد وكان على رئيس المجلس القومي للرياضة ، أن يوفر جهد رئيس الوزراء لأمور أكثر أهمية ويرحل من نفسه، وهذا ليس تقليلا من شخصه ، ولكنه واجب يحتمه المنطق والشرف ، لأن من عمل في نظام سقط عليه أن يرحل معه ، فالشعب أراد إسقاط النظام وليس الرئيس كما يتصور من يحاولون "الاستهبال". نقطة أخيرة بعد عودة مباريات الدوري الممتاز ، أصبحت الجماهير المصرية على المحك ، وعليها أن تثبت أن الشعب العظيم الذي ثار على الظلم والقهر والفساد ، في ثورة تشرف المصريين ، قادر على حفظ النظام في ملاعب كر ة القدم ، وعلى جماهير" الألتراس " أن تثبت أنها مسؤولة بعد أن لعبت دورا لا ينكر في ثورة الغضب ، لأن الشعب المصري لن يغفر لهم أي هفوة !!