"من الادارة ما قتل".. ربما لا تنطبق هذه المقولة على أحد أندية العالم بقدر ما تنطبق على نادى ليدز يونايتد الإنجليزي , فالفريق الملقب هذه الأيام ب "رجل إنجلترا المريض" فى حاجة لإسعاف سريع بعد تلقيه جرعة إدارية فاسدة أسقطته من قمة الكرة الأوروبية إلى قاع ترتيب الفرق الإنجليزية. فمنذ 3 سنوات فقط , كان ليدز أحد أكبر الأندية الإنجليزية وأوروبا كلها , وبلغ الفريق ذروة نجاحه في موسم 2000-2001 عندما نجح فى الوصول الى الدور نصف النهائى من دورى أبطال أوروبا مطيحا بفرق مثل ديبورتيفو لاكورونيا ولاتسيو وأندرلخت , وهى المرحلة التى عجز مانشستر يونايتد والأرسنال عن بلوغها منذ عدة سنوات. كما نافس ليدز على لقب الدورى الانجليزى بين عامى 2000 وحتى 2002 محققا المركزين الرابع والخامس برصيد لم يقل عن 65 نقطة , مما ضمن له تواجدا دائما بالبطولات الأوروبية , كما صارت فرق القمة بانجلترا تعمل ألف حساب لملعب ايلاند رود بيوركشاير معقل ليدز وجماهيره. أما اليوم .. فما أبعده عن البارحة , إذ يحتل ليدز حاليا المركز الأخير فى الدورى الانجليزى برصيد 8 نقاط من 12 مباراة لم تشهد سوى إحرازه 11 هدفا , بينما اهتزت شباكه 31 مرة ليصبح دفاعه الأسوأ بين فرق الدرجة الممتازة , كما تراجعت معدلات الحضور الجماهيرى بملعب ايلاند رود الى ادنى حد حتى فى مباراة ليدز مع برمنجهام سيتى كان فى وسع المشاهد العادى ان يلحظ المدرجات الخالية خلف المرميين فى بلد تشتهرمدرجاتها بأنها كاملة العدد فى كل المسابقات. و تسببت الهزائم الاخيرة امام الارسنال 1-4 وامام بورتسماوث الصاعد حديثا 1-6 فى الإطاحة بمدربه بيتر ريد ليتولى إيدى جراى المسئولية حاليا فى انتظار التعاقد مع مدير فنى كبير لانقاذ الفريق من هوة الهبوط الى الدرجة الأولى. ولأن وسائل الاعلام البريطانية صارت تسمى هذا المنصب "أسوأ وظيفة شاغرة فى دنيا كرة القدم" , فقد رفض العديد من المدربين المهمة وعلى رأسهم ديفيد اوليرى مدرب استون فيلا والمدرب السابق لليدز العودة لمنصبه وهو نفس ما رفضه بول هارت مدرب نوتنجهام فورست.
أما عن السر فى التناقض الشديد بين الصورتين فى الماضى والحاضر فهو عند رجل يدعى بيتر ريدسديل رئيس النادى السابق الذى كافأ نفسه براتب سنوى يتجاوز المليون دولار عام 2001 قبل أن يقدم استقالته فى أبريل الماضي بعد أن حقق خسائر مالية فى عامه الأول بلغت 57 مليون دولار , وفى العام الثانى ارتفعت84 مليون دولار لتصل مجموع ديونه الى 131 مليون دولار . ولعل الخسائر المالية هى ما دفع النادى لبيع ابرز لاعبيه الذين حققوا معه افضل النتائج خلال عامين وابرزهم ريو فرديناند إلى مانشستر يونايتد وهارى كيويل الى ليفربول وروبى كين الى توتنهام واوليفر داكور الى روما وروبى فاولر الى مانشستر سيتى وكل من جوناثان وودجيت ولى بوير الى نيوكاسل. و بالطبع انعكست هذه الصفقات على مستوى الفريق الموسم الماضى وأنقذه مدربه المقال هذا العام بيتر ريد من الهبوط فى الاسابيع الاخيرة بعد ان تولى مهمته فى مارس الماضى خلفا للمدرب تيرى فينابلز ورغم تفاؤل محبى الفريق هذا الموسم و حصوله على خدمات عدة لاعبين بارزين امثال البرازيلى روكى جونيور والفرنسيان ديديه دومى ولامين ساخو والكاميرونى سولمون اوليمبيه بعضهم جاءوا على سبيل الاعارة من انديتهم الاساسية بهدف تقليل النفقات. إلا أن النتائج هذا الموسم لم تشهد سوى المزيد من الخسائر , ولم يبرز أي لاعب من الجدد , وحتى القدامى , فقد دخل هداف الفريق الاسترالى مارك فيدوكا فى مشكلة مع المدرب بيتر ريد وهو نفس السبب الذى دفع المدافع الدولى دانى ميلز الى الرحيل لميدلسبره على سبيل الاعارة , أما آلان سميث فهو متهم حاليا بواسطة الشرطة بسبب القاءه زجاجة على احدى المشجعات مما ادى لاصابتها بجروح. والآن تسعى الإدارة الجديدة برئاسة جون ماكنزى لإنعاش مريضها بمحاولة إيقاف نزيف الخسائر المالية , وبمنح تريفور بريش المدير التنفيذى السابق لتشيلسى مهمة الإدارة الكروية للفريق فى محاولة للإنقاذ الأخير .. فهل تنجح سكرات الهبوط فى الاستحواذ على ليدز للأبد , أم يستجيب رجل إنجلترا المريض لمحاولات الإسعاف؟