بعد اعتداء الجماهير الجزائرية على نظيرتها المصرية في السودان .. ما رأي من اتهموا المصريين بالهمجية والتخلف خلال الأيام الأخيرة؟ خسرت مصر بطاقة التأهل إلى مونديال 2010 لكن المصريين لن يخسروا إيمانهم ببلدهم أو بمنتخبهم الذي رفع رؤوسهم في بطولة إفريقيا أو كأس القارات، لقد قاتل رجال المنتخب بشرف حتى الدقيقة الأخيرة. لكن المؤسف إنه منذ يوم الخميس الماضي وقد دأبت بعض وسائل الإعلام العربية (غير الجزائرية) على تصوير ما حدث لبعثة المنتخب الجزائري في القاهرة باعتباره همجية وغياب للروح الرياضية دون أن يتساءل الجميع لماذا حدث ذلك؟ ولماذا يحدث ذلك مع الفريق الجزائري في الوقت الذي جاءت إلى القاهرة عشرات البعثات الرياضية التي هزمت منتخبات وأندية مصرية على أرضها وخرجت بسلام. وقبل إجابة السؤال أحب أن أؤكد على الفارق بين الشعب الجزائري عموما وبين جماهير الكرة التي تملأ مدرجات ملاعبه أو التي تملأ ملاعبنا أحيانا فالأول عرفته شخصيا عن طريق صداقات مع زملاء يتسمون بالاحترام الشديد والقرب الشديد في العادات والتقاليد مع المصريين بل يحدث في أحيان كثيرة أشكال من التضامن بين المصريين والجزائريين في أوروبا وهو ما يستحق العرض في مقال بالكامل سأنشره لاحقا. لكن المشكلة الأساسية تتركز في الجماهير الجزائرية التي تذهب إلى الملاعب وتتسم بسلوكيات عدوانية وهو ما أثار الشارع المصري ضدهم. هناك عشرات الوقائع على ذلك وعلى رأسها الاعتداء على بعثة منتخب مصر عام 2001 في عنابة وتكسير زجاج الحافلة وإصابة أفراد البعثة في لقاء لا يقدم ولا يأخر للجزائر التي ودعت وقتها التصفيات مبكرا. والهتافات العدائية والشماريخ الممنوعة بواسطة الفيفا والتي تستخدم في ملاعب الجزائر كوسيلة عادية جدا للتشجيع ولقد تابعنا خلال السنوات الأخيرة أسلوب تشجيع فريق وفاق سطيف ليس أمام الأندية المصرية بل أمام حتى الأندية الأردنية والسعودية. ويلعب الإعلام الجزائري دور إشعال حماسة الجماهير وترديد مصطلحات من نوعية "ملعب النار" على أماكن لممارسة الرياضة، ولما كان هناك تخاذل من جانب الاتحادات المنظمة للتعامل مع هذه الأساليب كان الاستقبال العدائي للجزائريين في القاهرة. ولعلنا نذكر ما حدث للتوأم حسام وإبراهيم حسن في مباراة شبيبة بجاية والنادي المصري .. صحيح إن إبراهيم لم يتحكم في أعصابه كالعادة وقد أشبعه الإعلام المصري انتقادا لكن أيضا التوأم تعرض لكافة أنواع الاستفزازات والشتائم في بطولة لا قيمة لها ينظمها اتحاد "الدول اللي مش طايقة بعضيها" كما ذكرنا في مقال سابق.
أقترح على الاتحاد الدولي تنظيم بطولة لهذه الدول للعب ضد مصر لعدد من المباريات بطريقة الدوري على أن يفوز بالمسابقة من يحصد نقاطا أكثر من منتخب مصر وعقب مباراة الأحد الماضي لعب الجزائريون دور الضحية في القاهرة وهم يعرفون جيدا أن هناك غضب في مصر من أسلوب التعامل مع البعثة المصرية في لقاء الذهاب لدرجة أن الاتحاد الجزائري اصطحب معه طباخين ومقدمي طعام لعدم وثوقه في الجانب المصري بعدما أصيب حسن شحاتة بتسمم غذائي في الجزائر وتعرض اللاعبين المصريين للإزعاج ليلة المباراة الأولى في الجزائر. وخلال الأيام التي سبقت اللقاء تعرضت مصر لانتقادات كبيرة .. فما رأي المنتقدين الآن فيما حدث في أم درمان وهل من الطبيعي أن تسافر جماهير إلى بلد محملة بالطوب وجاهزة للبلطجة خارج أراضيها للاعتداء على جمهور المنافس. وهل من الطبيعي أن تنقل صحيفة "الغروب" الجزائرية أنباء عن مقتل ستة جزائريين في القاهرة دون التأكد من صحة الخبر لتتعرض المنشآت المصرية في الجزائر للهجوم ومن بينها شركات تصنع بنية أساسية مثل الاتصالات والتشييد. أطالب كل من كان في السودان وتعرض لاعتداءات أن ينشر مقاطع الفيديو والدلائل على ما حدث في أم درمان تماما كما حدث في القاهرة والتي تم فيها نشر فيديوهات ليس فيها اعتداء واحد على البعثة الجزائرية التي كان فندقها يبعد مسافة ثلاث دقائق عن المطار. للأسف الشديد الأشقاء يصابون بحالة هستيرية وحماسة كبيرة عندما يواجهون مصر ويخسرون لقاءات أمام فرق درجة ثالثة في إفريقيا بدليل ما قاله مدافع الجزائر زاوي أن الجزائر لو تأهلت لأمم إفريقيا عامي 2006 و2008 لما فازت مصر بها .. طب يا أخي مش مكسوف من خيبتك؟ .. ويا ترى خرجت منها على يد جزيرة كوكوواوا أم جمهورية شونجا. هاردلك لمنتخب مصر ومبروك للشعب الجزائري المحب لعروبته الذي يكافح مثل المصريين من أجل نهضة بلاده، وأدعو المشجعين المصريين إلى ضبط النفس وعدم ترديد شعارات معادية لبلد يشاركنا الدين والتاريخ والهدف وأشياء كثيرة بسيطة في تفاصيل الحياة لأن عدونا واحد نعرفه جميعا. وعموما نبقى نحن أبطال إفريقيا ست مرات ويبقى لهذا الجيل شرف الفوز على إيطاليا والتلاعب بالبرازيل .. وعلينا أن نجهز للمرات المقبلة ونخطط من الآن لأمم إفريقيا أنجولا 2010 وتصفيات 2014 لأن مصر ستبقى تنافس على القمة مهما واجهت من ظروف. مجرد اقتراح للاتحادين الإفريقي والدولي : إذا كانت بعض الدول تعتبر الفوز على مصر في حد ذاته مجرد بطولة تغنيها عن الفوز بألقاب قارية .. أقترح على الاتحاد الدولي تنظيم بطولة لهذه الدول للعب ضد مصر لعدد من المباريات بطريقة الدوري على أن يفوز بالمسابقة من يحصد نقاطا أكثر من منتخب مصر على أن تترك هذه الدول الساحة القارية للغلابة من أمثالنا ممن يفوزون بالألقاب .. وربنا يشفي كل مريض !