في طريقهم اليومي إلى أعمالهم عادة ما يقضي مستخدمو كوبري 6 أكتوبر فترة لا تقل عن ربع ساعة كحبس إجباري بسبب الاختناق المروري .. وهي فترة كافية جدا للتفكير في حسن شحاتة ورجاله. وما أن يتوقف المرور فوق الشريان المروري الأساسي للعاصمة المصرية يجد قادة السيارات لافتات تعد بتكرار الفوز على الجزائر عام 1989 أو تطالبهم بدعم نجومهم المفضلين، وعلى السيارات ذاتها انتشرت ملصقات تدعو بالنصر لمصر أو طلبات خاصة لمحمد أبو تريكة بتسجيل ثلاثة أهداف أو حتى لافتات تتوعد الجزائر باستقبال حافل في استاد القاهرة مساء 14 نوفمبر. ففي الوقت الذي تترقب فيه الجماهير المصرية المباراة المصيرية التي تجمع منتخب الفراعنة بنظيره الجزائري لتحديد المتأهل إلى كأس العالم، استغلت بعض الشركات التجارية الحدث لإطلاق حملات لتشجيع مصر وإشعال حماسة الجماهير لمساندة الفريق في تحقيق حلم المونديال الغائب منذ ما يقرب من 20 عاما. ويرى مسئولو الدعاية والإعلان في الشركات التجارية أن حلم المونديال فرصة مثالية للترويج لمنتجاتهم بالإضافة لمشاركة المستهلكين اهتمامهم بكرة القدم. ويؤكد دوك بارك المدير الإقليمي لسامسونج هذا المفهوم قائلا " الشعب المصري عاشق لكرة القدم، والمنتخب مقبل على مباراة هامة على أرضه، والحملة الجديدة فرصة عظيمة أمام الجماهير لاكتشاف أحدث الوسائل التكنولوجية على هامش التصفيات بالإضافة إلى إعلان الشركة أمنيتها تحقيق الفريق المصري للفوز والتأهل لنهائيات كأس العالم 2010". وأطلقت سامسونج الراعي الرسمي المعتمد من الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) لتصفيات إفريقيا 2010 حملة "هدَف واربح" التي تتيح لزوار الموقع الإلكتروني للشركة المشاركة في لعبة " الركلات الحرة " يحصل من خلالها الفائزين على هاتف سامسونج كوربي الذي يحتوي على إمكانيات متطورة . وعلى الرغم من محاصرة المشجع المصري باللافتات في جميع أنحاء مدينة القاهرة التي تستضيف اللقاء الحاسم يبدو أن الأفكار الإعلانية لاقت استحسان الكثيرين.
الآمال معقودة على أبو تريكة وأيد الكاتب الكبير حسن المستكاوي عضو مجلس تحرير صحيفة "الشروق" الفكرة قائلا "مثل تلك الحملات تساهم في رفع الروح المعنوية لدى اللاعبين والجماهير، ولكن يجب أن يعي الجميع أنها تخدم أهداف تجارية". رسالة واضحة وقال أحمد هلال وهو مدير تسويق في إحدى شركات الإتصالات لFilGoal.com: "الفكرة جيدة، رأيت الإعلان على الكوبري وتحمست كثيرا للمباراة، الرسالة معبرة وأتمنى مشاهدة المزيد". ويرى مدير التسويق أن الإعلانات رسالة صريحة للاعبين تحملهم المسئولية وقال "عندما يصل الفريق الجزائري إلى القاهرة، ويجد الشوارع مليئة باللافتات والملصقات، سيصلهم رسالة مفادها أن التأهل هو حلم البلد بأكملها وليس فريق الكرة أو مشجعيه فقط". بينما يرى مصمم الإعلانات كريم إبراهيم أن الملصقات جاءت أكثر قوة من اللافتات الكبيرة خاصة أنها حملت رسائل مباشرة مثل "في 90 دقيقة، هنهزم الشقيقة". سلاح ذو حدين وفي المقابل يعتقد بعض أنصار المنتخب أن مجهودات الشركات التجارية في رعاية الفرق الرياضية تعد بمثابة سلاح ذو حدين.
الناقد الكبير حسن المستكاوي ويعتقد هيثم طارق وهو من المشجعين أيضا أن الرسائل التي تطلقها الشركات قد تحمل اللاعبين ضغطا إضافيا مما يؤثر على تركيزهم وهدوءهم داخل الملعب. ويضيف قائلا "شاهدت ملصق كتب عليه (أبو تريكة يا فنان .. مطلوب 3 أجوان) ورغم إعجابي بالجملة، ولكنني تخيلت الضغط الذي سيقع على اللاعب في حال شاهده في الشارع أو في محطة البنزين". ويقول أحمد عثمان أحد المشجعين المواظبين على حضور المباريات في الاستاد "جهود الشركات الراعية قد تؤتي بثمارها في حال عدم وجود دوافع قوية للجماهير للذهاب إلى الملعب للتشجيع مثل بطولات اللعبات غير الشعبية كالاسكواش وكرة اليد". وتابع "ولكنها الجماهير لا تحتاج إلى تحفيز في المناسبات الهامة مثل لقاء الجزائر لأن الناس مشحونة من الأصل". ولا يتفق المستكاوي مع أراء المشجعين قائلا "الضغط على اللاعبين أمر واقع، فضغط مثل تلك الإعلانات لن يوازي ما يضعه ضغط المواطن البسيط على اللاعبين عندما يقابلهم في الشارع". واختتم المستكاوي حديثه قائلا "من الجيد أن تتضافر كافة الجهود لخدمة المنتخب، فالروح الكبيرة قد تدفع اللاعبين لبذل المزيد من الجهد لتحقيق الحلم".