من حق حسن شحاتة أن نفخر به بعدما توج مسيرته مع منتخب مصر بحصد لقب أفضل مدرب في القارة الإفريقية، من حقه أن ينال حقه إعلاميا وأن نحتفي بإنجازه. فقد سيطرت على الجمهور المصري قضية منافسة محمد أبو تريكة لإيمانويل أديبايور على لقب أفضل لاعب إفريقي، وتناسينا جميعا فوز المعلم بجائزة ثمينة. إنجازات المعلم مع المنتخب دفعني لتقديمه كصاحب أفضل جائزة حصدتها الكرة المصرية من الكاف لعام 2008 في الاحتفال الذي أقيم بمدينة لاجوس بنيجيريا. فالمعلم من وضع مصر على القمة لتفوز بجائزة أفضل منتخب إفريقي، وهو من أثقل حظوظ أبو تريكة في المنافسة على لقب أفضل لاعب في القارة لأن صانع الألعاب كان يقف على المنصة وهو بطلا لكأس أمم 2008 بخلاف إنجازاته مع الأهلي. لقاء غانا يؤكد إنجاز شحاتة مع الفراعنة .. السيطرة والاندفاع الهجومي الذي يعكس ثقة غير عادية عند اللاعبين أظهر "النجوم السوداء" كفريق ضئيل أمام الفراعنة. وطوال الأعوام الماضية، عانت مصر من آفة الخوف والتراجع أمام الخصوم أصحاب الأسماء الكبيرة، لكننا تخلصنا مع المعلم من تلك المعضلة بنجاح. ولذا اخترت "مناسبة تتويج المعلم كأفضل مدير فني في إفريقيا لعام 2008" لتوضيح أسباب نجاح حسن شحاتة وتفسير سر الهجوم الذ تعرض له في الماضي. سابقا، اختلفت مع شحاتة كثيرا في بعض النواحي الخططية مثل واقعة "وضع عماد النحاس كليبرو أمام المدافعين في لقاء كوت ديفوار بتصفيات كأس العالم 2006". ورأيت وقتها أن المعلم لا يملك قدرات خططية كبيرة ودليلي كانت العيوب الواضحة في تطبيقه ل 4-4-2 مع المنتخب. لكن ومن بعد كأس أمم 2006، يتطور المعلم بشكل كبير للغاية في إدراكه لملكات فريقه وتوظيفها في الملعب. فطريقة تعامله مع المباريات في غانا 2008، مثل إشراك محمد زيدان بدلا من محمد أبو تريكة أمام الكاميرون ووضع عمرو زكي على الجناح الأيسر لدرأ الخطر مبكرا عن سيد معوض كلها أمور تعكس نضجا كبيرا من المدير الفني للمنتخب. خططيا السبب يعود لالتزامه ب 3-5-2 التي يحفظها عن ظهر قلب، والدليل أن الوصمة الوحيدة منذ 2006 ظهرت مع تطبيق 4-4-2 أمام السودان وديا.
نجاح المعلم في مهمته مع منتخب مصر يعود في الأصل إلى أنه لاعب كرة من الطراز الفريد. طبعا أؤكد أني لا انتقد 4-4-2 التي أتمنى مشاهدتها تنجح في مصر، لكني أوضح أن المعلم عانى في تكوين خطة كاملة لم يجربها كلاعب. أما مع 3-5-2 أجاد المعلم تحويرها إلى 3-4-3 أمام الكاميرون وإلى 5-4-1 أمام الأفيال واستعمل كل الأساليب التابعة لتلك الطريقة، ما ظهر جليا في أمم 2008. أما عمليا، وهي النقطة الأهم في نظري، أعتقد أن نجاح المعلم في مهمته مع منتخب مصر يعود في الأصل إلى أنه لاعب كرة من الطراز الفريد. فالمعلم "معلم" في تلقين أساسيات يفتقدها اللاعب المصري كإيقاف الكرة والتمرير تحت الضغط، وذلك ينبع من تجربته الشخصية وموهبته الكبيرة. كما أن حسن شحاتة يعرف كيف يتعامل مع نفسية اللاعبين دون أن يخلط تلك الميزة بمتاعب وأعباء الخطط والتكتيك. فمهما كان منافس منتخب مصر ينجح شحاتة في زرع الثقة داخل نفوس اللاعبين، ما كشف عنه قائد الفراعنة أحمد حسن خلال حوار سابق له مع FilGoal.com. قال حسن وقتها إن المعلم نصح هاني سعيد ليبرو المنتخب قبل لقاء كوت ديفوار في قبل نهائي كأس الأمم ب "العب بثقة .. مهما كان الموقف أو اسم اللاعب الذي يضغط عليك لا تشتت الكرة بل حاول أن تبدأ هجمة للفريق بالتمرير على الأرض". واستشهد هنا بمحمود الجوهري، الذي أعتبره مثلي الأعلى في العمل وأراه أفضل مدير فني جاء في تاريخ مصر، لأنه كان به عيبا خطيرا رغم كل ملكاته الفنية. الجوهري كان أفضل مدير فني يضع خطة متكاملة في مصر، ولكنه كان يخلط بين التكتيك وزرع الثقة في اللاعبين. فالجوهري بشهادة مجدي عبد الغني لم يطلب من اللاعبين في لقاء أيرلندا بكأس العالم 90 التراجع بهذا الشكل إلى الدفاع، لكني أعتقد أن كثرة التوجيهات الخططية والتحذيرات المستترة والواضحة من "الجنرال" أربكت اللاعبين وجعلتهم يرتعدون. وأعود للمعلم موضحا أنه ربما لا يكون أفضل مدرب في مصر على الصعيد الخططي، لكنه يملك مميزات تؤهله لينجح في مهمته، وهذا أهم كثيرا. فقد أثبت المعلم أنه مدير فني متميز وناجح، وتمكن من تطوير المنتخب وإظهار مصر على صورة مختلفة وجميلة. وأتمنى أن يظل شحاتة في التطور حتى يعبر فخ كأس العالم للقارات، قبل أن يذهب بنا بعيدا في تصفيات كأس العالم ويحقق مع فراعنته حلم الصعود إلى المونديال.