عندما يسير الأيرلندي روي كين مدرب نادي سندرلاند في النفق المؤدي إلى ملعب أولد ترافورد سيكون عليه أن يتقبل حقيقة قيادته لفريق صغير في مواجهة الجماهير التي هتفت باسمه 12 عاما والنادي الذي حصد معه 13 لقبا والأهم من كل هذا أستاذه أليكس فيرجسون المدير الفني لمانشستر يونايتد. سيكون هناك الكثير من التصفيق للرجل الذي حمل شارة القيادة بعد اعتزال الأسطورة إيريك كانتونا وستكون هناك مصافحة واجبة مع فيرجسون لأسباب كثيرة ليس من بينها أن علاقتهما كانت الأكثر درامية بين لاعب ومدرب في كرة القدم الإنجليزية. لم يرحل كين عن مانشستر يونايتد بالطريقة التي كان يحلم بها أبدا، وكان نبأ إنهاء التعاقد معه في نوفمبر من عام 2005 بتراضي الطرفين خبرا مفاجئا في نشرات الأخبار الرياضية، إذ أعلن عنه فيرجسون في مؤتمره الصحفي الأسبوعي مع الصحفيين وبعدها ببضعة ساعات نشر موقع النادي تصريحات مجهزة مسبقا للاعب والمدرب والمدير التنفيذي من نوعية "لقد كان شرفا كبيرا لنا أن نعمل معا". جاءت نهاية العقد قبل نهايته الفعلية بسبعة أشهر وضد رغبة كين في الاستمرار مع الفريق وبعد تصريحات هاجم فيها الأخير زملائه في الفريق بشدة عقب خسارة مذلة أمام ميدلسبره بأربعة أهداف. امبراطور وقائد جيش وكان الفصل الأخير مختلفا بشدة عما ساد علاقة الرجلين على مدى 12 عاما إذ كان ارتباطهما أشبه بعلاقة امبراطور مملكة أوروبية ذات ميول توسعية وقائد جيوش يجيد تنفيذ سياسات الملك المفدى داخل الملعب .. ويجيد تحريك زملائه داخل وخارج الملعب ناقلا الفريق من النصر إلى نصر إبان فترة التسعينات ويؤدب المنافسين بالتهديف أحيانا أو بالسباب والعنف المفرط في أحيان أخرى لاسيما إذا ما كانوا يحملون اسم باتريك فييرا. حتى تعاقد مانشستر يونايتد مع كين عام 1993 كان في حد ذاته نصرا على حساب بلاكبرن روفرز حامل اللقب ومدربه كيني دالجليش، وأسفرت العلاقة الناجحة عن سبعة ألقاب دوري وأربعة ألقاب كأس ولقب دوري أبطال أوروبا في موسم الثلاثية الشهير بالإضافة إلى لقب الإنتركونتنينتال وتم اختيار كين أفضل لاعب في إنجلترا عام 2000. وكثيرا ما تصدى كين لعملية إطلاق التصريحات الإعلامية بدلا من فيرجسون في الوقت الذي بدأ الحصول فيه على دورات في مجال التدريب بالإضافة إلى ما تعلمه من مدربه مباشرة في قاعات المحاضرات وكانت النتيجة أن صار المرشح الأول لخلافة الرجل الكبير الذي أعلن نيته الاعتزال في بداية الألفية الجديدة. وقال كين عقب قيادته سندرلاند للفوز بلقب دوري الدرجة الأولى الموسم الماضي إنه سيعتمد على الدروس التي تعلمها من فيرجسون ومن مدربه في نوتنجام فورست الراحل بريان كلاف عندما يلعب في الدرجة الممتازة.
كين في حلة المدير الفني وارتبط تراجع مانشستر يونايتد بداية من موسم 2003-2004 بهبوط مستوى كين نتيجة إصاباته المتكررة وغياب القائد الحقيقي للشياطين الحمر داخل الملعب. وكان فيرجسون يدعم كين بشدة في أحلك اللحظات حتى عندما اختلف الأخير مع ميك مكارثي المدير الفني لمنتخب أيرلندا قبل انطلاق كأس العالم عام 2002 مما أدى لتركه معسكر الفريق واعتزاله الدولي وهو ما اتفق مع رغبة فيرجسون الحالم دوما بفريق من النجوم الرافضين الانضمام لمنتخبات بلادهم. الفصل الأخير ولم تكن تصريحات كين في نوفمبر 2005 ضد زملائه إلا مجرد قشة قصمت ظهر علاقته مع مدربه، إذ بدأ الخلاف بينهما في المعسكر الإعدادي لموسم 2005-2006 في البرتغال بسبب اعتراضات اللاعب على البرنامج التدريبي. وقبل أيام قليلة من إعلان الانفصال التقى كين بفيرجسون في مكتبه وفي حضور كيل أعمال الأول، فيرجسون كان غاضبا بسبب تصريحات كين ضد زملائه على الرغم من أنها لم تكن المرة الأولى لقائد الفريق وأراد نزع الشارة عن كين، فيما كان الأخر غاضبا من عدم تجديد تعاقده، فانتهى كل شيء. ولم يكن إعلان رحيل كين ب"التراضي" إلا مؤشرا واضحا على عدم رضا الطرفين عن بعضهما البعض. وقبل خوض كين لأول مبارياته مع سندرلاند أعلن اعتذاره في الصحف لفيرجسون مؤكدا أنه تخطى حده في مانشستر يونايتد لكن من المؤكد أن علاقة الرجلين لن تعود كسابق عهدها أبدا. ونجح كين مع سندرلاند بصورة مبهرة خلال موسمه التدريبي الأول إذ قاد الفريق بسرعة الصاروخ للعودة إلى الدرجة الممتازة متوجا بلقب الدرجة الأولى ثم افتتح الموسم بالفوز على توتنام المتخم بالنجوم. وفي يوم السبت يعود القائد المخلوع من منصبه إلى أولد ترافورد على رأس جيش صغير اختار جنوده شخصيا، ولا يمكن مقارنته بإمبراطورية الشياطين الحمر أو جمهورها البالغ 75 ألف متفرج لكن بالتأكيد داخل نفسه التي تحمل قدرا هائلا من التحدي يريد أن يجعل مهمة الامبراطور أصعب و