قال وزير الموارد المائية والرى الدكتور حسام المغازى، إن مصر انتهجت طريق المفاوضات الودية منذ بداية أزمة سد النهضة، وإنها لن تتخلى عن إلزام الجانب الإثيوبى بنتائج الدراسات الفنية الصادرة عن المكتب الاستشارى. وأضاف أنه من السابق لأوانه تحديد وجهة مصر فى حالة فشل المفاوضات سواء بالتقدم بشكوى إلى مجلس الأمن، أو اللجوء إلى التحكيم الدولى، مردفاً: «لن تلجأ مصر للتصعيد قبل استلام رد رسمى من الجانب الإثيوبى خلال أسبوعين من الآن». لست أدرى ما الأساس الذى بنى عليه وزير الرى كلامه هذا، عموماً هو فى كل الأحوال أدرى بالموقف الإثيوبى، لكن ما تؤشر إليه التقارير التى تابعت مفاوضات سد النهضة على مدار الأشهر الماضية تؤكد أن إثيوبيا تميل إلى المراوغة والمماطلة والتسويف من أجل فرض أمر واقع. هذه المسألة أصبحت واضحة، سواء للمفاوض الفنى أو المفاوض السياسى. فلينتظر وزير الرى كيفما شاء حتى يأتيه رد رسمى من إثيوبيا، لكننى لا أتوقع أن يأتى الرد -إذا جاء- بجديد، بل سيكون تكراراً لنفس الكلام الذى ردده كل من وزير الرى ووزير الخارجية الإثيوبيين داخل غرف المفاوضات، وبالتالى أجد أن مسألة الانتظار معدومة القيمة، ومن الجدير بنا التفكير فى السيناريوهات التى يمكن أن نسلكها للتعامل مع هذه المشكلة التى تتعقد يوماً بعد يوم. وتقديرى أننا مطالبون بأن نبعث برسالة حاسمة وقاطعة لإثيوبيا تعبر عن الغضب المصرى مما يحدث، وتؤكد عدم رضاء المصريين، شعباً وحكومة عن أداء المفاوض الإثيوبى. ليس أقل من أن تتخذ مصر قراراً بتجميد المفاوضات -معدومة القيمة- مع إثيوبيا، حتى يفهم صانع القرار فيها أن مصر فى طريقها لأن تسلك مسارات أخرى فى التعامل مع هذا الملف. فقد يساعدنا ذلك فى استعادة ما نستحقه من هيبة أمام كل من إثيوبيا والسودان. إثيوبيا -على وجه التحديد- تحتاج إلى «شىء من الخوف» من مصر، حتى ينصلح حالها. شىء من الخوف قد يُصلح مسار التعامل مع هذه المشكلة. وإثيوبيا، شعباً وحكومة، تعرف قدرة مصر جيداً، وتفهم أن ماء النيل بالنسبة للمصريين مسألة حياة أو موت، وأننا لن نرضى بحال بأن يسلبنا أحد حقنا فيه، وبالتالى فرسالة تجميد المفاوضات سوف تثير حالة من القلق لدى الجانب الإثيوبى، أجده فى حاجة إليه، حتى تعود الأمور إلى نصابها الصحيح. تجميد المفاوضات أجدى بكثير من الاستمرار فى الجلوس مع طرف يتهرب فى مرة، ويراوغ فى مرة، ويماطل فى مرة. نحن بحاجة إلى أن يشعر المفاوض الإثيوبى بالغضب حتى يفهم أن الأمر ليس سهلاً أو بسيطاً، وهو من جانبه سوف يستوعب أن مصر قادرة على ترجمة غضبها إذا أرادت إلى فعل. أما الاستمرار فى مسلسل المفاوضات التى لا تصل بنا إلى نتيجة، فذلك ما لا يقره عاقل. أنا واثق بأن صانع القرار المصرى لديه من الأدوات الكثير، وأنه يصبر على إثيوبيا، سعياً منه إلى حل المشكلة عن طريق المفاوضات، لكن عليه أن يأخذ فى الاعتبار أن «شىء من الخوف» قد يسهم فى حل المعضلة، خصوصاً أنه يملك أدوات التخويف.