ليلة الجمعة، الجو مبهج، الجميع يرقص، وصوت ضحكاتهم يختلط بموسيقى "روك"، ووسط هذا الصخب يقتحم رجال ملامحهم تختلف عمن يترددون على هذا المكان، فظن الحاضرون أنها فقرة ضمن برنامج "اليوم الترفيهي"، إلا أنهم ما لبثوا أن دخلوا المسرح حتى فتحوا النار بشكل عشوائي وهم يهتفون "الله أكبر"، لتتبدل الضحكات بصراخات هستيرية، ويغرق المكان في بركة من الدماء. "لم يكن مجرد هجوم إرهابي.. كانت مجزرة"، هكذا وصفت إيزوبيل بوديري، إحدى الناجيات من هجوم مسرح "باتاكلان" بفرنسا مساء الجمعة، حيث قتل عشرات الأشخاص أمام عينها، وسط صرخات الرجال البالغين الذين يحملون جثث صديقاتهم، "مستقبلهم تدمر وقلوب الأسر انكسرت في لحظة". لمدة ساعة كاملة، مثلت الموت وهي ملقاة على الأرض تحبس أنفاسها في محاولة ألا تتحرك ولا تبكي، "كنت محظوظة أنا أبقى على قيد الحياة"، لتخرج إيزوبيل في نهاية اليوم الأليم، وتروي ما شاهدته في ليلة دامية على صفحتها عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، وأرفقت بكلماتها صورة ل"بلوزة" ملطخة بالدماء كانت ترتديها أثناء الحادث. الطريقة التي يصوب بها الإرهابيون بدقة على الموجودن دون اعتبار للحياة البشرية، لم تُشعر إيزوبيل أن ما يحدث حقيقي، وانتظرت أن يخرج أحدهم يخبرها بأن هذا مجرد كابوس، "بعد نجاتي من هذا الرعب يجب أن أسلط الضوء على أبطال اليوم، كالرجل الذي طمأنني ووضع حياته في خطر، والزوجين اللذين كانت آخر كلماتهم عن الحب، ما دفعني للاعتقاد أنه ما زال هناك خير في العالم، والشرطة التي نجحت في إنقاذ مئات من الناس، والغرباء الذين التقطوني من الطريق وقدموا لي المساعدة". إيزوبيل لم تثني فقط على من دعموها أو حاولوا مساعدة المحاصرين داخل المسرح، "الأهم الذين قتلوا داخل هذا المكان، الذين لم يحالفهم الحظ مثلي، هؤلاء هم الأبطال العظماء بالنسبة لي.. أسفت عليهم، وعلى أصدقائهم وعائلاتهم". الناجية من الأحداث المؤسقة تحدثت عن تغير حياة الكثيرين بعد هجمات باريس، "في الليلة الماضية تغيرت حياة الكثيرين إلى الأبد، فالأمر متروك لنا أن نكون أفضل الناس"، واختتمت "ارقدوا في سلام أيها الملائكة.. لن ننساكم أبدا".
