محافظ بني سويف يهنئ الرئيس السيسي بذكرى ثورة 30 يونيه    إنشاء كلية طب أسنان ومركز لتعليم الكبار بجامعة سوهاج    سعر الذهب يقترب من أدنى مستوياته عالميا في أسبوعين متأثرا بقوة الدولار    من هو لويس آرسي رئيس بوليفيا؟.. حليف «موراليس» ينجو من محاولة انقلاب    سرايا القدس تعلن عن كمين مركب في جنين.. والقسام تستهدف ناقلة جند برفح    تنسيق مدرسة الفنون للتكنولوجيا التطبيقية وشروط التقديم والقبول 2024    تخطى ال13 مليون جنيه.. إيرادات فيلم "عصابة الماكس" خلال 13 يوما    وفاء الحكيم تقدم حفل ختام المهرجان الختامي لفرق الأقاليم على مسرح السامر    خالد النبوي ويسرا اللوزي أبطال مسلسل سراب النسخة العربية من المسلسل العالمي Seven Types of Ambiguity    بعد استفسار الزمالك.. الرابطة توضح موقف شحاتة من المشاركة أمام سيراميكا (مستند)    برنامج التنمية المحلية يختتم تدريبًا لتكتل الفخار بمركز نقادة في قنا    المشدد ل3 متهمين خطفوا زميل أحدهم وشرعوا فى قتله ب«المعصرة»    وزير الصحة: مراجعة عدد العمليات الجراحية بكل القطاعات لسرعة الانتهاء من «قوائم الانتظار»    محافظ الإسكندرية ووزيرة الثقافة يفتتحان معرض كتاب الكاتدرائية المرقسية    "تريلا" أطاحت به.. وفاة وإصابة 14 في انقلاب ميكروباص بالبحيرة (صور)    محافظ الغربية يتابع ملف التصالح على مخالفات البناء ويوجه بتبسيط الإجراءات على المواطنين    رئيس هيئة الرعاية الصحية يكرم المتميزين في تطبيق أنشطة اليقظة الدوائية    أهم حدث سياسي في أمريكا.. المناظرة الرئاسية تحدد هوية حاكم البيت الأبيض    توقيع الكشف على 1080 حالة خلال قافلة طبية بمركز مغاغة بالمنيا    مديرية الطب البيطري بالشرقية تنظم قافلة علاجية مجانية بقرية بني عباد    أستون مارتن تكشف عن أيقونتها Valiant الجديدة    محافظ المنيا: تشكيل لجنة للإشراف على توزيع الأسمدة الزراعية لضمان وصولها لمستحقيها    من سينتصر أولًا الطاعة أم الخلع ؟ زوجان يختصمان بعضهما أمام محكمة الأسرة: القانون هو اللي هيفصل بينا    برلماني: ثورة 30 يونيو تمثل علامة فارقة في تاريخ مصر    انفراجة في أزمة صافيناز كاظم مع الأهرام، نقيب الصحفيين يتدخل ورئيس مجلس الإدارة يعد بالحل    «إعلام القليوبية» تنظم احتفالية بمناسبة 30 يونيو    حمى النيل تتفشى في إسرائيل.. 48 إصابة في نصف يوم    وفاة الفنان العالمي بيل كوبس عن عمر يناهز ال 90 عاما    "قوة الأوطان".. "الأوقاف" تعلن نص خطبة الجمعة المقبلة    هل استخدام الليزر في الجراحة من الكيِّ المنهي عنه في السنة؟    شيخ الأزهر يستقبل السفير التركي لبحث زيادة عدد الطلاب الأتراك الدارسين في الأزهر    بيراميدز يتخذ قرارًا جديدًا بشأن يورتشيتش (خاص)    مواجهات عربية وصدام سعودى.. الاتحاد الآسيوى يكشف عن قرعة التصفيات المؤهلة لمونديال 2026    خبير مياه يكشف حقيقة مواجهة السد العالي ل«النهضة الإثيوبي» وسر إنشائه    الشعب الجمهوري بالمنيا يناقش خريطة فعاليات الاحتفال بذكرى 30 يونيو    كيف سترد روسيا على الهجوم الأوكراني بصواريخ "أتاكمز" الأمريكية؟    اللواء محمد إبراهيم الدويرى: التحركات المصرية فى القارة الأفريقية أساسية ومهمة    تفاصيل إطلاق "حياة كريمة" أكبر حملة لترشيد الطاقة ودعم البيئة    ضبط سلع منتهية الصلاحية بأرمنت في الأقصر    21 مليون جنيه حجم الإتجار فى العملة خلال 24 ساعة    أمين الفتوى: المبالغة في المهور تصعيب للحلال وتسهيل للحرام    مصدر أمني يكشف حقيقة سوء أوضاع نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل    تفاصيل إصابة الإعلامي محمد شبانة على الهواء ونقله فورا للمستشفى    ملخص وأهداف مباراة فنزويلا ضد المكسيك في كوبا أمريكا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 27-6-2024    مقتل وجرح عدد من الفلسطينيين فجر اليوم إثر قصف إسرائيلي استهدف 5 منازل سكنية في حيي الصبرة والشجاعية شمال قطاع غزة    أماكن صرف معاشات شهر يوليو 2024.. انفوجراف    بكاء نجم الأهلي في مران الفريق بسبب كولر.. ننشر التفاصيل    ليه التزم بنظام غذائي صحي؟.. فوائد ممارسة العادات الصحية    أسعار البنزين اليوم مع اقتراب موعد اجتماع لجنة التسعير    طارق الشناوي: بنت الجيران صنعت شاعر الغناء l حوار    «هو الزمالك عايزني ببلاش».. رد ناري من إبراهيم سعيد على أحمد عفيفي    حظك اليوم| برج السرطان الخميس 27 يونيو.. «يوم مثالي لأهداف جديدة»    مجموعة من الطُرق يمكن استخدامها ل خفض حرارة جسم المريض    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    خالد الغندور: «مانشيت» مجلة الأهلي يزيد التعصب بين جماهير الكرة    عجائب الكرة المصرية.. واقعة غريبة في مباراة حرس الحدود وسبورتنج    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد الجوية تكشف موعد انتهاء الموجة الحارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في الوطن يوم 05 - 10 - 2015

وقف رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فى حجة الوداع بمنى، فجاءه رجل فقال: لم أشعر، حلقت قبل أن أذبح.. فقال: اذبح ولا حرج.. وجاءه آخر فقال: لم أشعر، نحرت قبل أن أرمى (أى الجمرات).. فقال: ارم ولا حرج.. فما سئل الرسول عن شىء قدم ولا آخر يومها إلا قال: «افعل ولا حرج».
«افعل ولا حرج»، شعار عظيم يعد مقصداً عظيماً ونبيلاً من مقاصد الشريعة.. وغاية من غاياتها العظمى.
«افعل ولا حرج».. رمز لليسر والتيسير فى الإسلام.. ورمز للرفق بالناس وعدم التشديد عليهم فى عباداتهم وفتاواهم وأحوالهم.. ما دام الله قد يسر عليهم.. فكيف يشدّد البعض على الناس ما يسره الله عليهم ويجعلهم فى عنت من أمرهم وضيق فى دينهم.. ويجعلهم فى خيارات كلها عنت ومشقة، دون فائدة يجنيها الإسلام أو مصلحة تحققها الشريعة أو تنمية تلحق بالأوطان.
فهذا رسول الله أعظم الناس إيماناً، لا يريد أن يشدد على الناس فى تقديم بعض المناسك أو تأخيرها.. ويهتف بهتاف التيسير على رعيته «افعل ولا حرج».. ولو اتخذ كل داعية وقائد ومفتٍ ومربٍ من هذا القول الجامع شعاراً له ودثاراً لصلح أمر المسلمين.
يا أحبتى اختاروا الأيسر لأنفسكم وأسركم وأبنائكم وجماعاتكم ودولكم وشعبكم وأمتكم.. «فما خُيّر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً.. فإن كان إثماً كان أبعد الناس عنه»، تدبروا هذا الحديث العظيم الصحيح وتأملوا كلمة «إلا اختار أيسرهما»، كان يمكنه أن يختار أشدهما أو أحوطهما أو أشقهما.. لكنه اختار أيسرهما، شريطة ألا يكون فيه إثم أو مخالفة للشريعة.. فإذا خُيرتم بين أمرين مباحين فاختاروا الأيسر والأسهل والأقل مشقة وعنتاً للناس ولأبنائكم وتلامذتكم.
«افعل ولا حرج».. فى كل ما لم يأتِ به نص، وما دامت فيه مصلحة لك أو لأسرتك أو أمتك أو دولتك.
«افعل ولا حرج».. ما دام بعيداً عن الإثم والمنكر.. فالأصل فى الأشياء الإباحة سوى العبادات، لأن الأصل فيها الحظر.. وسوى الدماء والأبضاع، فالأصل فيها الحرمة.
يا أحبتى.. تذكروا أن فريضة الحج فيها مشقة كبيرة، والنبى وكل أتباعه من الدعاة جاءوا للتيسير، لا التعسير.. ولو أدرك الحجاج معانى اليسر فى الشريعة ما حدثت مشكلة واحدة فى الحج.. فهذه الفريضة العظيمة تجمع كل الجنسيات والألوان والأعراق ويجتمع فيها فى مكان واحد ضيق قرابة ستة ملايين مسلم، منهم المرأة الطفل والقوى والضعيف والحليم والغضوب ومن يفهم الإسلام ومن لا يعرف عنه شيئاً.. ويجتمع فيه ذوو لغات متعددة لا يستطيعون التفاهم بينهم إلا بالحلم والرفق.. تُرى كيف يعامل بعضهم بعضاً إلا كما كان يناديهم الرسول، صلى الله عليه وسلم، وهو فى الحج «السكينة السكينة».. إنها كلمة واحدة، لكنها يمكن أن تحل كل مشكلات الحج والحجيج.
فكيف لا يخاصم الحجاج بعضهم بعضاً إلا إذا تركوا الجدال، خاصة فى الشئون السياسية والانتماءات الأرضية الدنيوية والحزبية ورأى كل حاج فى أمور السياسة والطائفية والمذهبية.. ليس أمامهم حل سوى أن يعيشوا بقلوبهم وجوارحهم مع قوله تعالى «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِى الْحَجِّ».
فالجدال السياسى قد يفسد الحج أكثر من إفساد الرفث أو الفسوق، لأن الأخيرتين يحذرهما الجميع.
كنت فى الحج منذ عدة سنوات، فرأيت وفداً من حجاج إحدى الدول الأفريقية وقفوا صفاً يصلون خلف مقام إبراهيم مباشرة مما أدى إلى قطع جزء من طريق الطواف حول الكعبة.. وأدى ذلك إلى أن يدوس بعض الطائفين بغير قصد على أحد المصلين أمام المقام.. فنشبت معركة كبيرة بالأيدى والنعال مع وصلات الشتائم.. فقلت فى نفسى: الحرم المكى واسع، وبه ثلاثة أدوار وكلها تصلح للغرض وتحقُّقه.. فلماذا نشدد على أنفسنا ونضيّق واسعاً.. ونحول بين إخواننا والطواف لمجرد القرب من مقام إبراهيم.. وهذا القرب ليس له فضل ولا ثواب.
وتذكّرت ساعتها ما حدث منذ أكثر من 15 عاماً حينما تزاحم الحجاج الذاهبون والعائدون من رمى الجمرات فوقع كثير من الحجاج تحت الأقدام، ومات فى هذه المأساة قرابة 600 حاج.. وكل ذلك نتج عن تمسُّك بعض الفقهاء بفتوى قديمة تقول بعدم جواز رمى الجمرات ليلاً، وأنها ترمى بعد الزوال (أى الظهر) وحتى المغرب، وهذا وقت قصير، خاصة فى الشتاء، ويتزاحم فيه ملايين الحجاج فى وقت ومكان واحد فتضيق الصدور وتحدث الكوارث.. وساعتها فقط تذكر الجميع فقه الأزهر المتجدّد، الذى كان يبيح منذ فترة رمى الجمرات ليلاً.
إن فتوى الرمى ليلاً قال بها بعض الصحابة والتابعين وكثير من علماء السلف.. لكن المشكلة كانت فى هؤلاء الذين يميلون إلى التشديد أو الأخذ بالأشق والأحوط، رغم مخالفة ذلك هدى النبى العظيم، صلى الله عليه وسلم، الذى كان يهتف دائماً «يسروا ولا تعسروا».
أما الحجاج الذين يدفع بعضهم بعضاً عند الطواف للقرب من الكعبة أو للوصول إلى الحجر الأسود، فيقع بعضهم على الأرض أو يقع على حجاج آخرين، فهؤلاء لا يعرفون الغرض الأسمى من الحج، فيحولونه إلى حلبة مصارعة، بدلاً من أن يكون فرصة قد لا تتكرر لهم للقرب من الله والزلفى إليه.
فقرب القلب من الرب سبحانه أهم من قرب الجسد من الكعبة الذى يكفيه منها الطواف.. ويكفيه من الحجر والإشارة إليه.. ولئن يشير بيده دون أن يؤذى أحداً أو يؤذيه أحد، لهو أقرب إلى الله والدين من أن يلمس الحجر فيسقط عدة حجاج على الأرض أو يسقط هو جريحاً كسيراً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.