سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
++رجال الإسعاف الشعبى.. موتوسيكلات فى خدمة الثوار «الجزار»: الفيسبا كانت سبيلى للمشاركة المجدية.. الشيخ عادل: حرقوا الموتوسيكل عمداً.. و«شعبان» معاق يلحق بالموجة الثانية للثورة
مغطياً نصف وجهه الأعلى ب«الشال الفلسطينى» حماية لنفسه من القنابل الغازية، آثار «خميرة البيرة» ما زالت تغطى جبهة رأسه، منطلقاً بأقصى سرعة نحو الخط الأمامى للاشتباكات لنقل مصابى «الخرطوش والغاز» لأقرب مستشفى ميدانى، عبارة «إسعاف.. وسع الطريق» لم ينقطع عن ترديدها طوال طريقه من قلب الميدان وصولاً لبؤرة الاشتباكات فى شارع محمد محمود، الصفات السابقة كلها كانت أوصافاً ل«رجل الإسعاف الشعبى» من فوق ظهر «دراجته البخارية»، فى مشهد سيظل من ضمن اللقطات التى حفظت لنفسها موقعاً مهماً فى أذهان ثوار «محمد محمود»، ف«موتوسيكلات الإسعاف الشعبى» تدين لها «موقعة الحرية» بالكثير. رحلة «الوطن» نحو البحث عن أصحاب تلك البطولات لم تكن بالهيّنة، فهم ليسوا من مجاذيب «التحرير» الموجودين دائماً بالميدان، أو حتى من أصحاب «السعى نحو الإعلام»، فكل منهم مستقر فى رحلة البحث عن قوت يومه، مغموس فى هموم «اللقمة»، ولكنهم حينما تطرق آذانهم عبارة «فيه ضرب فى التحرير»، يستدعون هموم «الثورة» باتجاه «الميدان» إبراهيم الجزار، موظف بهيئة النقل العام، صاحب ال35 عاماً، لم يتردد كثيراً فى اتخاذ قرار النزول لنجدة «المصابين» بشارع محمد محمود، فمع مطلع نهار الأحد 20 نوفمبر، جهّز «دراجته» التى تنتمى للنوع «فيسبا»، وهو الأشهر بين الدراجات البخارية، متجهاً إلى موقع الاشتباكات، يتحدث إبراهيم: «دائماً كنت أشارك فى التظاهرات والمليونيات السلمية، ولكن الأمور تطورت بعد ذلك ولم تصبح المشاركة بمفردى مجدية، فقررت أن أنضم لكتيبة «الإسعاف» ولكن على طريقتى، فبدأت فى نقل المصابين للإسعاف بدءاً من أحداث ماسبيرو».. يضيف: «فى أحداث محمد محمود الأمر كان مختلفاً بعض الشىء، فالشائعات تسربت عن اتجاه سيارات الإسعاف لتسليم المصابين لقوات الشرطة، فبدأنا ننقل المصابين إلى المسشتفيات الميدانية، وفى حالة تدهور صحة المصاب ننقله بالدراجة البخارية مباشرة إلى مسشتفى قصر العينى الفرنساوى». يحكى «الجزار» عن «استراتيجية العمل داخل الميدان» قائلاً: «مع ازدياد أعداد المتظاهرين والمصابين مما يمنع سيارات الإسعاف من العمل بمرونة، اضطررنا لوضع خطة لتنظيم الصفوف، فتم اللجوء لفكرة «الممرات الآمنة»، فاصطفّ المتطوعون مانعين عبور المشاة من الجانبين ممهدين طريقاً يبدأ من مدخل شارع محمد محمود وينتهى عند المستشفى الميدانى بمسجد عمر مكرم، وهو الممر الذى تنافس فيه سائقو الموتوسيكلات مع سيارات الإسعاف لنقل أكبر قدر ممكن من المصابين فى وقت قياسى»، بحسب تعبيره. «الشيخ عادل وابنه محمود» لم يلعنا «الثوار أو الأحداث» حينما احترقت دراجتهما البخارية عقب اقتحام قوات الشرطة العسكرية للميدان فى 20 نوفمبر، فعلى الرغم من أن الثنائى فقد وسيلة الإسعاف، فإنهما اتجها للمساعدة فى حمل المصابين على الأعناق باتجاه المسشتفى الميدانى، كوسيلة على «قد الحال» للمساعدة، الابن «محمود» الذى تلقى رصاصة فى أحداث موقعة الجمل فى ساقه اليمنى جعلته طريح الفراش لقرابة ال4 شهور، قرر أن يشارك هو ووالده الذى هو فى أواخر العقد السادس من عمره على طريقتهما الخاصة عن طريق الإسعاف، يتحدث الابن: «قررنا المشاركة فى الأحداث بإسعاف المصابين، ولكننا لم نلبث على ذلك كثيراً، فما هى إلا دقائق فقط على البداية حتى اقتحمت قوات الشرطة العسكرية الميدان، فاضطررنا للهروب تاركين «دراجة الإسعاف» لتواجه مصير «الحرق» على يد الجنود». الابن يواصل الحديث: «رفض والدى عروض عدد من رجال الخير بالتبرع له لشراء دراجة جديدة، فهو كان مقتنعاً أنها ليست أغلى من «دماء الشهداء» التى سالت، أو أعين المصابين التى «فقئت»، ووالدى يعلم أن حرق «الموتوسيكل» كان عمداً لرغبة «الجيش والشرطة» فى قطع الإمداد عن المصابين». أما شعبان الشيخ، صاحب ال32 عاماً، فلم تمنعه إعاقته الجسمانية، كونه من «ذوى الاحتياجات الخاصة»، عن اللحاق بقطار «الموجة الثانية للثورة»، فانطلق من «منشية ناصر»، حيث يسكن، إلى «التحرير»، يقول: «للإسعاف الشعبى وسيلتان؛ الأولى أن تكون بمفردك على الدراجة وتنقل المصاب إلى سيارة الإسعاف حال إذا كان من الصعب عليك توصيله للمستشفى الميدانى»، موضحاً أن الوسيلة الثانية هى أن يرافقك زميلك على ظهر الدراجة ليوجهك للمسشتفى الميدانى الأقرب لعلاج حالة المصاب «المحمول» سواء كانت حالة اختناق أو إغماء أو إصابة خرطوش. «رجل الإسعاف الطائر» نال من «جرافيتى الجدران» جانباً، فعقب انتهاء أحداث محمد محمود، اتجه عدد من رابطة «فنانى الثورة» لتدشين صورة جرافيتية على جدران وسط البلد تحت شعار «motoman»، وعليها رسم دراجة يقودها شاب وآخر خلفه يحمل مصاباً.