يبدأ حزب العمال البريطاني المعارض، اليوم، انتخابات لاختيار زعيم جديد له، وسط ترجيحات بفوز الاشتراكي المخضرم جيرمي كوربين، الذي يتوقع أن يميل بالحزب باتجاه اليسار المتشدد في هذه الانتخابات. ودخل كوربين (66 عاما) كمرشح غير مرجح فوزه، إلا أنه استقطب الكثير من دعم القاعدة الشعبية، ما دفع العديد من أنصاره إلى تشبيهه بالرئيس الأمريكي باراك أوباما، إلا أن سياسات كوربين أقرب إلى سياسات حزب سيريزا اليوناني اليساري المتشدد، وحذر عدد من كبار الشخصيات في حزب العمال من أن الحزب تحت زعامته، لا يمكن أن يفوز بالسلطة في بلد عادة ما يفوز أو يخسر فيها الحزب تبعا لاقترابه من الوسط. وكتب توني بلير، الذي تولى رئاسة الوزراء زعيما لحزب العمال في الفترة من 1997 حتى 2007، في صحيفة "جارديان" أمس، "الحزب يسير مغمضا عينيه ومادا يديه في اتجاه منحدر في نهايته صخور حادة حان الوقت لوقفه". وسيتم الإعلان عن نتائج انتخابات زعامة الحزب في 12 سبتمبر، ويحق لأكثر من 600 ألف من أعضاء وأنصار الحزب التصويت فيها. ويقول أنصار كوربين: "الذي عادة ما يرتدي سترة وسروالا قديمين يتناقضان مع البدلات الأنيقة التي عادة ما تشاهد في ويستمنستر: "أسلوبه المباشر وعدم ارتباطه بشخصيات مثل توني بلير، تجعل منه شخصية متفردة وجديدة في وقت يشتد فيه التهكم من السياسة". وكوربين في البرلمان منذ 1983، إلا أنه لم ينل أي منصب سياسي بارز، بل إنه عارض الإجراءات التقشفية ومشاركة بلاده في الحرب على العراق في 2003. ويرغب كوربين بالتخلص من أسلحة بريطانيا النووية، وإعادة تأميم بعض القطاعات وبينها السكك الحديد، كما يريد إشراك حركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني في محادثات السلام في الشرق الأوسط. وقال كوربين في مقابلة مع صحيفة "جارديان" هذا الشهر: "الأجواء مناسبة وموجودة، نحن لا نمارس السياسة التي تعتمد على المشاهير أو الشخصيات أو السياسة المسيئة نحن نعتمد على الأفكار". وأطلقت انتخابات الزعامة على الحزب، عندما استقال زعيمه السابق إد مليباند، بعد هزيمته أمام رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، في الانتخابات العامة التي جرت في مايو الماضي، ويتنافس على المنصب، إضافة إلى كوربين 3 مرشحين آخرين أكثر وسطية، هم أندي بورنهام وإيفيت كوبر، وهما وزيران سابقان في حكومتي بلير وجوردون براون، إضافة إلى النائبة ليز كيندال. ويقول شارلي بيكيت، الأستاذ في كلية لندن للاقتصاد، إن بورنهام وكوبر "يعانيان من تاريخهما في المشاركة في إخفاقات سابقة، لدرجة أنه لا يمكن أن يكون لهما صوت خاص بهما"، بينما تفتقر حملة كيندال إلى "الجوهر"، ورغم أن الثلاثة تجنبوا شن هجمات شخصية ضد كوربين، إلا أن كوبر قالت أمس، إن كوربين يقدم "حلولا قديمة لمشاكل قديمة، ولا يقدم أجوبة جديدة لمشاكل اليوم". وانتشرت مخاوف بشأن نزاهة المنافسة، بعد أن سجل مئات من غير أنصار حزب العمال أسماءهم للمشاركة في الاقتراع. ورفض حزب العمال نحو 1200 طلب من أعضاء أو أنصار الأحزاب الأخرى، الذي رغبوا في الانضمام إلى الحزب كأنصار مسجلين مقابل دفع 3 جنيهات "5 دولارات، 4 يورو" والمشاركة في التصويت. واستقطب كوربين الدعم من مجموعة من الناخبين، بينهم شبان مهنيون يعملون في المدن البريطانية وغير راضين عن النخب الحاكمة، ويعتبرون أن البرلمان معزول عن النقابات التي تشكل حجر الأساس التقليدي للحزب. وفيما ترجح المراهنات واستطلاعات الرأي فوز كوربين، إلا أن الانتخابات ستجرى ضمن نظام يسمح للناخبين باختيار المرشحين الأول والثاني المفضلين لديهم ما يجعل من الصعب توقع النتيجة.