سعر الريال السعودي اليوم السبت 21-9-2024 في البنوك.. يواصل الاستقرار    أسعار الفراخ البيضاء اليوم السبت 21-9-2024 في بورصة الدواجن والأسواق    حزب الله يعلن اغتيال القيادي البارز أحمد وهبي في هجوم الضاحية الجنوبية    اليوم العالمي للسلام.. كيف تساهم مصر في خفض التصعيد بإفريقيا والمنطقة؟    وزير التعليم يشهد انطلاق العام الدراسي بجولة في مدارس سوهاج    أمطار وتقلبات جوية مع بداية الخريف.. ماذا يحدث خلال الساعات المقبلة؟    مأمورية خاصة .. ترحيل صلاح التيجاني من سرايا النيابة الي قسم إمبابة    ننشر تفاصيل الحكم ضد طارق رمضان حفيد البنا بتهمة التعدي على فتاة    موعد بايرن ميونخ ضد فيردر بريمن في الدوري الألماني والقنوات الناقلة    وسط فرحة الطلاب، بدء العام الدراسي الجديد في الأقصر (بث مباشر)    وزير التربية والتعليم يصل سوهاج لتفقد المدارس مع بدء العام الدراسي الجديد    استكمال محاكمة محاسبة في بنك لاتهامها باختلاس 2 مليون جنيه    احتجزه في الحمام وضربه بالقلم.. القصة الكاملة لاعتداء نجل محمد رمضان على طفل    حالة الطقس المتوقعة غدًا 22 سبتمبر| إنفوجراف    حدث ليلا.. تطورات جديدة بشأن حزب الله وإسرائيل والحرب على غزة (فيديو)    موعد تشيلسي ضد وست هام يونايتد في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    عاجل.. فيفا يعلن منافسة الأهلي على 3 بطولات قارية في كأس إنتركونتيننتال    وزير الخارجية: تقسيم السودان خط أحمر، وقضية مياه النيل حياة أو موت، وخسائرنا بسبب انخفاض عائدات قناة السويس 6 مليارات دولار، لا بد لإسرائيل أن تنسحب من رفح ومحور فيلادلفيا    القنوات الناقلة لمباراة ليفربول ضد بورنموث في الدوري الإنجليزي.. والموعد والمعلق    حبس متهم مفصول من الطريقة التيجانية بعد اتهامه بالتحرش بسيدة    رسميا.. رابط الواجبات المنزلية والتقييمات الأسبوعية ل الصف الثاني الابتدائي    مدحت العدل يوجه رسالة لجماهير الزمالك.. ماذا قال؟    فلسطين.. شهيد وعدة إصابات جراء قصف الاحتلال لمنزل في خان يونس    ضبط 12شخصا من بينهم 3 مصابين في مشاجرتين بالبلينا وجهينة بسوهاج    فصل التيار الكهرباء عن ديرب نجم بالشرقية لأعمال الصيانة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    عمرو أديب: بعض مشايخ الصوفية غير أسوياء و ليس لهم علاقة بالدين    هل يؤثر خفض الفائدة الأمريكية على أسعار الذهب في مصر؟    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    هاني فرحات: جمهور البحرين ذواق للطرب الأصيل.. وأنغام في قمة العطاء الفني    وفاة والدة اللواء محمود توفيق وزير الداخلية    "حزب الله" يستهدف مرتفع أبو دجاج الإسرائيلي بقذائف المدفعية ويدمر دبابة ميركافا    محامي يكشف مفاجآت في قضية اتهام صلاح التيجاني بالتحرش    موعد إجازة 6 أكتوبر 2024 للموظفين والمدارس (9 أيام عطلات رسمية الشهر المقبل)    عبد المنعم على دكة البدلاء| نيس يحقق فوزا كاسحًا على سانت إيتيان ب8 أهداف نظيفة    الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية تعزى وزير الداخلية فى وفاة والدته    د.مصطفى ثابت ينعي وزير الداخلية في وفاة والدته    نائب محافظ المركزي المصري يعقد لقاءات مع أكثر من 35 مؤسسة مالية عالمية لاستعراض نجاحات السياسة النقدية.. فيديو وصور    «أغلى من المانجة».. متى تنخفض الطماطم بعد أن سجل سعرها رقم قياسي؟    ملف مصراوي.. عودة شوبير الرسمية.. تأهل الزمالك لدور المجموعات بالكونفدرالية.. وظهور فتوح    حفل للأطفال الأيتام بقرية طحانوب| الأمهات: أطفالنا ينتظرونه بفارغ الصبر.. ويؤكدون: بهجة لقلوب صغيرة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    وصلت بطعنات نافذة.. إنقاذ مريضة من الموت المحقق بمستشفى جامعة القناة    بدائل متاحة «على أد الإيد»| «ساندوتش المدرسة».. بسعر أقل وفائدة أكثر    وزير الثقافة بافتتاح ملتقى «أولادنا» لفنون ذوي القدرات الخاصة: سندعم المبدعين    أول ظهور لأحمد سعد وعلياء بسيوني معًا من حفل زفاف نجل بسمة وهبة    ضائقة مادية.. توقعات برج الحمل اليوم 21 سبتمبر 2024    مستشفى قنا العام تسجل "صفر" فى قوائم انتظار القسطرة القلبية لأول مرة    عمرو أديب يطالب الحكومة بالكشف عن أسباب المرض الغامض في أسوان    تعليم الفيوم ينهي استعداداته لاستقبال رياض أطفال المحافظة.. صور    ريم البارودي تنسحب من مسلسل «جوما» بطولة ميرفت أمين (تفاصيل)    أخبار × 24 ساعة.. انطلاق فعاليات ملتقى فنون ذوي القدرات الخاصة    انقطاع الكهرباء عن مدينة جمصة 5 ساعات بسبب أعمال صيانه اليوم    أكثر شيوعًا لدى كبار السن، أسباب وأعراض إعتام عدسة العين    أوقاف الفيوم تفتتح أربعة مساجد اليوم الجمعة بعد الإحلال والتجديد    آية الكرسي: درع الحماية اليومي وفضل قراءتها في الصباح والمساء    الإفتاء: مشاهدة مقاطع قراءة القرآن الكريم مصحوبة بالموسيقى أو الترويج لها محرم شرعا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكاتب الكبير جمال الغيطانى وصفحات من «كتاب الألم» .. الأزرق والأبيض [10]
نشر في الوطن يوم 16 - 11 - 2012

منذ عامين، مر الأديب جمال الغيطانى بأخطر لحظات واجهته فى حياته، رغم أنه عرف الأخطار كثيراً زمن الحرب، وفى ظروف أخرى، غير أن الفرق كبير بين خطر يأتى من الخارج، ومداهمة من الداخل، بدأت الأزمة على الهواء مباشرة فى برنامج تليفزيونى، وانتهت فى مستشفى كليفلاند. ذلك الوقوف قرب نقطة العبور إلى الأبدية، وعندما يكون الإنسان أديباً، مبدعاً، مهموماً بالمصير، بالمبدأ والمعاد، فإن الموقف يكون أدق، كان الغيطانى محظوظاً، عبر إلى هناك وعاد ليقص علينا عبر هذه النصوص الفريدة دراما المصير، نصوص جديدة، ليست يوميات، أو سجلات مباشرة؛ لكنها تبدع اللحظات النادرة والحافلة بالرؤى لتضيف صفحات جديدة إلى كتاب الألم الإنسانى.
منه وإليه
فى ذلك العصر قرر أن يسير شمالاً حتى بداية شارع بدفورد عند حد الجسر، قطع الشارع الرابع الممتد، المتعامد على مقصده، يراه من صالة الشقة زجاجية الجدران، يعيش تحولاته خلال النهار، فى الصباح الباكر يتوالى إسراع المارة به، يتجهون إلى مدخل المحطة، بعد العاشرة تقريباً يكثر مرور العربات سواء عبر الحركة الرأسية، أو الأفقية حيث النواصى المؤدية، حتى الخامسة عصراً يخلو تقريباً من المارة، يقل عدد العربات، عند وصوله إلى بدفورد يتطلع طويلاً إلى محل متخصص فى الجبن وأنواع شتى من عسل النحل، قبل توجهه إلى كليفلاند اشترى أنواعاً مختلفة وضعها فى المكان المخصص للجبن فى الثلاجة، رغم ذلك فاحت رائحة ثقيلة، عندما اكتشف مصدرها تخلص ليلة سفره منها بإلقائها من فتحة القمامة، أعجبه تنوع المعروض والأصناف القادمة من بلدان شتى، من نيوزيلنده إلى النرويج والصين، أما عسل النحل فمختلف ألوانه ومذاقاته، ما أعجبه صاحب المحل العجوز، يجتزئ أولاً قطعة صغيرة ليتذوقها الزبون، يتمعن فى الطعم ثم يقرر، كان يراقب تمهل الرجل وحرصه على أداء كل شىء بعناية، لاحظ أن معظم الزبائن لا يشترون إلا كميات محدودة، يبدو أن أصول الرجل فرنسية، ملامحه توحى بذلك، رغم تنوع الأصناف فإنه لم يجد الجبن الرومى المعتق، أو الأبيض الاستانبولى، كذلك الدمياطى البراميلى، قالت زوجته إنه بقال فى كوينز يستورد هذه الأصناف من مصر، هنا يستعيد واجهة بقال عتيق، آرتين الأرمنى، قرب تقاطع شارعى الموسكى والخليج، ظلت الواجهة حتى اقتراب السبعينات من القرن الماضى، أى منذ أربعين عاماً، تغمره دهشة وكأنه يكتشف مرور الوقت لأول مرة، هل عبر هذا كله؟ يصل إلى السادسة والستين بقلب معطوب انتزع من مكمنه، قضّ من مضجعه مرتين خلال أربعة عشر عاماً، يتمهل عند سيره متحولاً إلى حالة من الاستفهام المطلق والحيرة، يتوقف أحياناً، يولى وجهه صوب الفراغ، حيث لا يمكن تعيين نقطة محددة أو تحديد وجهة، يعرف أنه لن يعرف لكنه لا يكف، ولى آرتين واختفت واجهته العامرة بأقراص الجبن الرومى المعتقة، رائحتها تتجاوز الواجهة الزجاجية، أما المذاق فما زال قادراً على استرجاعه رغم اختفاء الأصل وبعد الشقة، أربعون عاماً، إن ذلك لكثير، اعتاد الخروج عند الأصيل، يستعيد عادة قديمة منذ إقامته فى القاهرة القديمة، لا بد أن يفارق البيت عند اقتراب الغروب، أمه دائمة الإقامة فى البيت، بعد قضاء الحوائج من تنظيف وترتيب وطبخ الوجبات، تتطلع عبر النافذة، سلوتها رؤية الناس، تفرج عن نفسها بمجرد مشاهدتهم، وجوه تعرف معظمها، من النادر ظهور غرباء، فالدرب سد، لا يفضى إلى آخر، ما زال يرى تحديقها إلى اللاشىء، التطلع داخلها أكثر مما تتجه إلى خارجها، هذا عين حاله فى ويليامز برج، إنه مقيم إلى حين، عابر، مراقب، لا يدخل فى صلات أو علاقات إلا بقدر ما يمكن لغريب غير متقن للغة القوم أن يعرف ويقدم، يرى وجوهاً لا يعرفها فيطلق على أصحابها أسماء من عنده أو أوصافاً، ربما تمر به أنثى فواحة فيدخل فى حوار غير منطوق لن تسمعه أبداً، عبر مشواره منذ حبا أو خطا، كان المسكوت عنه أكثر من المنطوق، ما عرفه بالتخيل أكثر مما عرفه بالمعاينة، وما أدركه بالمخيلة يفوق ما خبره بالحواس، هذا مما يطول الحديث فيه والتفصيل، شيئاً فشيئاً يستقر على مسار، قطع الشارع الرابع حتى بدفورد، ينثنى شمالاً، يدخل المكتبة التى أقام فيها صلة بأصحابها، شقيقين غير متشابهين وأمهما النحيلة التى تظهر بالصدفة، محطة رئيسية فى تجواله اليومى، كذلك التوقف عند باعة الكتب المستعملة، سور الأزبكية كما أطلق عليه، مرة صحب زوجته، توقفا أمام بائع تجاوز الثلاثين تقريباً، احتاج إلى عشرة دولارات، قال: أعطنى عشرة، فوجئ بالبائع يكرر ما قاله: «أعطنى عشرة.. »، تطلع إليه دهشاً، قال إنه يهودى من نيويورك، اهتم بالصراع العربى - الإسرائيلى فقرر تعلم العربية، إنه سعيد لأن زبوناً يتحدث العربية جاءه، لا يجد من يحاوره، سأله عن المكان الذى تعلم فيه؟ قال: هنا فى بروكلى، بعد لحظة قال إنه زار مصر.
سيذكر ملامح الشاب كثيراً، التقاه فيما تلى ذلك مرات وحاوره، كان يجىء فى عربة ميكروباص محملة بالكتب، يخرجها على مهل، ويرصها فوق منضدة يفردها بعناية، موقعه لا يتغير تقريباً، ربما يتزحزح متراً أو مترين، أثناء وقوفهما مرة، ذات يوم أحد، تطلع إلى السماء، قال إنها ستمطر بعد خمس دقائق، قال إنه يعرف تفاصيل الطقس، المطر يضر بالكتب، سأله عن أيام البرد، والعواصف الثلجية فى الشتاء، خاصة أنه لا يقوم بعمل آخر؟ قال إنه يتعامل مع زبائنه بالإنترنت، فى مرة أخرى بدا ساهماً، قال إنه عاين مكتبة ضخمة، تضم كتباً نادرة، من نوعيتها يمكنه تقدير الجهد والوقت الذى استغرق صاحبها لتكوينها، أبناؤه الثلاثة اتفقوا على بيعها، حاجتهم إلى الطابق الأول أكثر، قال إنه سينقلها بعد يومين، لمح كتاباً لجيمس جويس يضم محاضرتين كتبهما بالإيطالية عندما سعى للحصول على وظيفة فى جامعة تقع قرب فينسيا، نصان مجهولان فى العربية، لا يذكر أنه قرأ عنهما فى موسوعة الدكتور طه محمود الذى أوقف عمره وجهده على ترجمة جويس والكتابة عنه، بعد أن كر صفحاته أومأ راغباً فى اقتنائه، تناوله وأخرج ورقاً شفافاً متيناً، بمهارة أتم تجليده فى دقيقتين، قدمه إليه كأنه يمنحه هدية ثمينة، فكر أنه لم يكن فى حاجة إلى ذلك، كان يمكنه أن يبيعه بدون تجليد لكنه الإتقان، اعتاد الوقوف بعد تأمله العناوين التى تتغير يومياً، بالطبع تحدثا عن القضية الفلسطينية، عن الحروب التى جرت، اعتاد هذه المناقشات مع اليهود الذين يلتقى بهم خلال أسفاره أو الذين تعرف بهم وارتبط معهم بصلات نتيجة العمل، لم يكن لديه حساسية تجاه اليهود، بالعكس، كان يقبل ويتفهم ويناقش، يبدأ القلق عندما يعرف أن من يواجهه مواطن إسرائيلى يكن تعصباً ضد الفلسطينيين، كان إتقان بائع الكتب للعربية مثيراً لفضوله، غير أنه لم يلح فى معرفة الأسباب الدافعة، عندما قال البائع إنه قرأ عنه فى الإنترنت، علم أنه شارك فى الحرب كمراسل أومأ مجيباً: ست سنوات، كان ذلك منذ سبعة وثلاثين عاماً، قال البائع: قبل أن أولد، أومأ ولم يواصل، سيذكر بعضاً من أحاديثهما وينسى أخرى، لكنه سيرى ملامحه عبر استعادة وقته بعد انقضائه. كلما أطل عليه من بعيد يتساءل عن سبب تعلمه العربية، خاصة أنه مولود فى نيويورك، لم يأت إلى بروكلين مع اليهود العرب، أبوه من المجر، أمه من لاتفيا، يرتبط عنده بتلك الأنثى.
جرى ظهورها عصر أحد، كان يتأمل العناوين المعروضة عندما أدركه شىء ما لا يقدر على تحديده، شارع بدفورد مزدحم، تجمعات الأنظار أمام بعض المطاعم المعروفة بإتقانها، المقاهى غاصة، فى اللحظات استرخاء وتواصل حميم وبهجة خفية سارية عبر كافة عناصر الوجود، فى توقيت معين استدار ناحية مدخل المحطة، فوجئ بصرحها المبين، أنثى لجمالها صهيل، وركض إلى الأقاصى لذلك بلغه وشمله وأيقظ منه الحواس غير المعروفة، أدركها بالحس قبل أن يبلغها بالنظر.
فارهة، صاعدة، كويكباتها استدارات متوالية، تتحرك كأنها تؤدى رقصة ما، نحاسية البشرة مشربة بحمرة، كأنها الحياة ذاتها تسعى بشراً سوياً، رداؤها أزرق، قصير، يتيح الفرصة لقائمين مكتملين، هكذا البنيان يبدأ أساسه من أسفل ثم يصعد، شعرها غزير ينسدل إلى ما يتجاوز خصرها المنبئ بردفين جليلين وصدر كأنه الميعاد، استدارت دورة كاملة، لم يدم ظهورها إلا ثوانى، ولت إلى حيث لا يعرف، بل إنه فيما بعد شك فى وجود كل هذا الجمال، ستنتقل هذه اللحيظات، حيث الظهور المعافى إلى كافة ما سيمر به، ستصهر كافة ما عداها وتبقى عند هذا الحد الدافع إلى التساؤل: وهم أم حقيقة تبدت؟
الناحية الأخرى من الشارع تفضى إلى الجسر، فى عصر تال مد الخطى، يمشى متطلعاً إلى الأمام، إنه يمشى للمشى، غير متجه إلى نقطة محددة، إلى موعد مع شخص ما، يومياً يجب أن يمشى على الأقل نصف ساعة، يصغى إلى تدفق الدم عبر الصمامين الجديدين من خلال ذلك النبض الذى بدأ عنده منذ عامين، تماماً على الجانب الأيسر، يرجح أنه بسبب أدوية القلب التى استخدمها لفترة، سيستمر ذلك، توقفه يعنى الكف إلى الأبد، قد لا يبلغ لحظة ينتبه فيها إلى توقفه، تتقدم داخله طاقة كافية، تؤجج نزوعه ورغبته، غير أنه يمشى ويجلس على مقاهٍ ويأكل فى مطاعم كأنها صور افتراضية.
هكذا تبدو له إقامته فى وليامزبرج، كل ما يراه، ما يجوس فيه قريب، جميل، باعث على الراحة والرضا، خاصة أن الأسرة مكتملة بعد تفرق دام أكثر من سنة، غير أن يقيناً مقيماً يؤكد له أنه عابر، لا صلة بينه وبين ما يراه، ما يلمسه، حتى الذين يحاورهم عند شراء الكتب من خلال جمل قصيرة كأنهم فى عرض ما يراه من مسافة، عبر جهاز الموسيقى الصغير الذى يتطلع إليه مبهوراً بما وصلت إليه التقنية يستمع إلى تسجيلات نادرة، حفلات لأم كلثوم، بعضها قبل أن يولد، يقيس تاريخ عدد منها إلى حضوره فى الدنيا، يرفرف مع أدائها لرق الحبيب، كان أداؤها عام واحد وخمسين، يقول عندئذ كنت فى السادسة، أما شدوها لدليلى احتار فيجرى فى العام السابع والخمسين، عندما كان فى الثانية عشرة، لكم تأثر عندما أصغى إلى حفل تنشد فيه «سلوا كئوس الطلا»، فى مايو، عام خمسة وأربعين، كثيراً خلال مشيه يستمع إليها، والجهاز فى جيب قميصه، أصغر من علبة سجائر وأخف، السماعتان الصغيرتان تنقلان إليه جمهوراً لم يلتق به قط، بالتأكيد رحلوا أجمعين، كان الحفل فى قاعة إيوارت، أما الإصغاء، والترداد، فعبر شوارع المنطقة الرأسية والعرضية، تتجاور المبانى، تتشابه، خاصة تلك المشيدة من طوب أحمر، كل منها مخصص لأسرة واحدة، عندما قرأ عن وجود عدد كبير من المهاجرين الهولنديين، أدرك تفسيراً لما غمض عليه، كانت المبانى رغم خصوصيتها مألوفة عنده بدرجة ما، أيقن أنه مر أمام واجهات مشابهة، لكن أين، متى؟ لم يقدر على التحديد، إلى أن قرأ سطوراً عن الضاحية فى دائرة معارف عن نيويورك أهداها إلى ابنته التى ستمضى حياتها هنا، إذن.. عرف مثل هذه العمارة فى أمستردام، كل بناية مستقلة، يلى الباب صالة ينبثق من أرضيتها سلم يؤدى إلى الطابق الثانى المخصص لغرف النوم، تتجاور النوافذ، تتقارب الأبواب، هنا البيوت أكبر حجماً، يبدو أنها من عدة طوابق، السلم الداخلى عام، عند مروره لمح المدخل، مرة أخرى تمهل عند توقف رجل يدير المفتاح فى الباب، يوليه ظهره، مضى عبر الممر، لمحه يبدأ صعوده السلم، اختفى من بصره، لكن خطواته المعدودة بقيت فى ذاكرته، أيضاً هذا الزنجى الضخم، مفرود القامة، عريض التكوين، طيب الملامح، واضح أنه حارس ملهى ليلى أو صالة استماع موسيقى وربما مسرح أيضاً، مدخل لونه أزرق، أحياناً يرى أمامه أجهزة استماع ضخمة ومعدات إضاءة، ذات مساء لمح عشرات واقفين، تتمايل أجسادهم على موسيقى هادئة يعزفها فريق من أربعة، ربما خمسة، كثيراً ما لمح عند مروره ما يثير الفضول، يود لو يديم النظر، أن يتمهل ثم يتوقف غير أنه يخشى، بقدر ما يتوق إلى محاورة من يقع عليهم بصره بقدر ما يتجنبه، فى القوم لطافة وعندهم إقبال لكنه لا يدرى ما يمكن أن يظهر فجأة، إنه غريب، لا يمضى بنفس الثقة التى يمشى بها بين أهله فى مصر مهما بلغت خطورة بعض الجهات ليلاً أو نهاراً، يسرى هناك محاطاً بفناء غير مرئى، لا يمكن رصده أو تعيينه، لكن يمكن القول إنه واثق، بعكس حذره الدائم هنا وريبته وضيقه بغرابة اللهجة المتداولة رغم أنه لم يجد صعوبة فى التفاهم، لم يعتدها بعد، لا يمكن نطقها بالنص، خاصة تفخيم حرف الراء، هنا يتوقع دائماً شيئاً ما لا يمكن تحديده، لا ينسى تلك الليلة فى زيارة سابقة، قصد بصحبة الأسرة مقهى ومطعماً فرنسى الطابع والطعام، وجده الأقرب إلى الأطباق الفرنسية التى يعرف مذاقها، كما أن أسعاره معقولة، كانوا مبتهجين لاكتمالهم، تحلقوا حول منضدة قرب النافذة العريضة، منذ اللحظات الأولى بدا النادل الشاب أشقر الشعر عصبياً فى تحركاته، رواحه ومجيئه، وعندما انتهوا إلى الاختيار جاء بعد تكرار الإشارة مرات، وقف ناظراً إلى جهة أخرى، يضرب حافة الدفتر بسن القلم، وعندما تحدث إليه الابن الأكبر لم يجب وظل ملتفتاً إلى الناحية الأخرى، بدا واضحاً أن موقفه غير عادى مما دعا الابن إلى التوجه إلى رئيس النوبة وشرح ما جرى له، خاصة أنه معروف، دائم الترداد على المكان، تم تغيير النادل، غير أن الليلة أيضاً تبدلت، لا يمكنه نسيان ذلك، كان ذلك قبل عامين، قبل بداية المرض عند زوجته وبدء أزمته المفاجئة، عندما وصل هذه المرة، خلال إقامته فى نيويورك قبل سفره إلى كليفلاند قرأ عن هجوم شخص على سائق أجرة مسلم، غرس خنجراً فى صدره، ما زال للحادى عشر من سبتمبر أصداء.
قرب منتصف الليل سعى راجعاً من مدخل المحطة، ودع صاحبين حميمين دعاهما إلى بيت ابنه، للحى نشاطه المختلف ليلاً، تلك البارات والمسارح التى تعزف فيها فرق حديثة يجىء إليها القوم من مسافة بعيدة، أثناء عودته بالسيارة ليلاً يلمح بعض الممثلين فى الشوارع، وجوههم مصبوغة ومنهم مرتدو الملابس التاريخية، يقترب من البار الذى يثير فضوله دائماً بعتاقته البادية والشابات المنفردات اللواتى يذكرنه بلوحات هوبر، ما بعد منتصف الليل فتاة وحيدة فى بار، أمامها فنجان قهوة، وجه الفتاة المتجه إلى بعيد يصبح جزءاً من ذاكرته، شيئاً فشيئاً تتحول إلى كائن حى يثير الاحتمالات التى أدت إلى جلوسها منفردة ليلاً.
مع مرور الوقت تنمو الصلات، يستعيد المكان فى اللوحة كأنه مر به، وعندما يرى لحظة مماثلة فى الواقع يجيئه التفسير من إبداع هوبر، يصبح الفن واقعاً، مصدراً لكل مرئى، لشخصية المدينة وجوهرها الخفى، هنا فى ويليامزبرج رأى ذلك الانفراد، أنثى لا غير، أمامها كأس نبيذ أو كوب من البيرة، مشروب ما يساند تسهيمة من عينين متعبتين إلى بعيد، إنه يقترب من نفس البار الذى يرى فيه المنفردات والمنفردين، غير أن وحدة الأنثى تثيره أكثر وتلمس منه أغوارا أعمق، فى تلك الليلة رأى اثنين، يتمددان تقريباً فوق السلالم المؤدية إلى البار، يتبادلان بود ومحبة دافئة سيجارة محشوة، حشيش ربما، بانجو ربما أو كما يعرف هنا بالمارجوانا، يخشى الحالات الاستثنائية غير أنه بعد تجاوزهما بحوالى سبع خطوات استدار على مهل، يريد التزود من تناغمهما، من توالجهما بالنظر والقربى، بهره تأودهما المتسق وكأن ما سرى عبرهما أعادهما إلى الأنغام التى ضبط إيقاعها عند الخلق، عند التكوين، تزود منهما، من تقاربهما، بعد تجاوزهما بخطوات عبر الطريق إلى الرصيف الآخر، احتواهما من بعيد، مضى متأثراً، بعيداً، مقدراً لحرية الآخرين، لتحقيق الرغبة عند بزوغها، ليس الالتفاف عليها أو استبدال الفعل المتصل بها، لم يعرف إدمان المخدرات، عندما دخن الحشيش مع صحبه راح يرقب ما سيطرأ عليه من تبدل، جرى ذلك مرتين الأولى فى أسيوط عندما شارك عمالاً متخصصين فى السجاد الإيرانى، طراز أصفهان، كانت القعدة فى طابق أرضى لا يمكنه تعيينه أو تحديده، كان ذلك منذ حوالى أربعين عاماً على الأقل، المرة الثانية فى طريق المطار مع أصدقاء المقهى، ما يذكره ضحك كل منهم على أى شىء يلفظ أو حركة تبدر، لماذا لم يتحول إلى نغم مثلهما، عند الناصية التفت، اندمجا بالعتمة، المصابيح متباعدة والقمر المكتمل غائب، زجاجية الجدران عمقت الصلة بينه وبين الجرمين الأقرب، الشمس والقمر، أطال النظر، كانا ظلين لحضور إنسانى لا يعرف عنهما شيئاً، كانا هناك لكنه لم يستطع رؤيتهما أو تأطير موقعهما، يرفع رأسه إلى أعلى، يستنشق المزيد من الهواء غير أن ألماً يسرى، ما زال القفص الصدرى الذى شق مرتين طرياً، لم يتماسك بعد، من المحاذير أن يحمل بإحدى يديه أكثر من خمسة كيلوجرامات، تذكر ذلك عندما اشترى من المكتبة مجلداً ضخماً للفوتوغرافيا عنوانه «مهن صغيرة»، كل صورة لشخص يمارس مهنة ما، جندى مطافئ، بائع حلوى، موديل عارية، طباخ، سنان السكاكين والأسلحة البيضاء، يطيل التأمل إلى الوجوه الملتقطة بعناية قبل نصف قرن، لا بد أن أصحابها رحلوا، دعاه صديق حميم إلى رؤية صورة نادرة لثورة 1919، مظاهرات حاشدة، آلاف يرتدى بعضهم الجلابيب، آخرون أفندية، صبية، اللقطات من مرتفع، ربما سطح مبنى، ربما شرفة، حدق طويلاً إلى كثافة الناس، مضى على اللحظة أكثر من ستين عاماً، أى أن أصغر الواقفين تجاوز الثمانين الآن، معظم الآخرين رحلوا، أشار إليهم.
«كلهم ماتوا.. »
التفت إليه صاحبه دهشاً، يبدو أنه فوجئ بالملاحظة، توقع شيئاً ما عن ندرة الصورة، عن براعة الصورة، كثيراً ما توقف أمام واجهات محال التصوير، يطيل النظر إلى الفوتوغرافيا، بعضها مؤطر، خاصة صور الزفاف، يتجه إلى العينين، متسائلاً عن مصيرهما الآن، أين من يمتان إليه، ما زال يذكر وجهاً جميلاً، كأنه تجسد من مقبرة قديمة، جدرانها مزينة بمن رقدوا فيها، تلك الجداريات فى سقارة والأقصر التى أمضى ساعات طويلة فى مواجهتها، وجه مركزه عينان فسيحتان، طاقة على ما لا يدرك من الأكوان الخفية، رغم أنها ليلة زفاف، فستان أبيض، باقة ورد، إلا أن مسحة شجن مركزها الحدقتان الجميلتان، حيره ذلك، لكم قصد المحل لرؤيتها وليطرح التساؤلات التى تبقى بلا إجابة، كلما اتجه إلى ميدان العتبة قصد إلى شارع عبدالعزيز، الاستوديو يلى سينما أولومبيا إلى اليمين، غاب سنوات عن اجتياز الشارع والسبب تبدل الأحوال وشمول التغير، عندما اقترب عصراً أسرع الخطى، غير أنه لم يجد الصورة ولا المحل، تباطأت خطواته ومضى موقناً.. هنا فى ويليامزبرج، اكتشف مخزنين لبيع ما تبقى، أحدهما فى الشارع الموازى لبدفورد والذى يقصده يومياً، مقاعد، أرائك، أطقم صينى، ملابس، أسطوانات قديمة كثيرا ما توقف أمامها، سواء فى معرض شركة بيضافون قرب العتبة، أو باعة الجرامافونات والأسطوانات العتيقة، لم يكن لديه إلا مصروفه اليومى وقتئذ، لكم تمنى اقتناء جهاز يستمع منه إلى ما يهوى من موسيقى، لم يكن لديهم مذياع حتى فى صباه، كانت الأغانى تأتيه عبر راديو الجيران، كان يتلقى بدون ترتيب أو قصد، هنا اعتاد رؤية عشرات الأسطوانات ملقاة فى أماكن القمامة، ضاق بها أصحابها بعد أن أصبح السى دى سائداً، حتى أجهزة التشغيل العتيقة الآن فى عداد التحف، كثيراً ما دخل إلى معرض البقايا ليتأمل ويتفحص، مرة سأل البائع -كان شاباً- عن مصدر قطعة نسيج شرقية الزخارف، قال مجيباً: «لا أعرف.. » لقد جاءته هكذا وستذهب هكذا، فى منتصف الصورة صندوق كبير يغص بالصور، أبيض وأسود، بعضها تحول إلى بنى باهت، أسر، أفراد، حفلات ما، عيون تحدف إلى من لا تعرف، إلى من سيتطلع يوماً، قلّب كثيراً، وتوقف عند ما تأثر به، اشترى بعضاً منها، لا لغرض، إنما لهوى غامض، استجابة لتساؤلات شتى، هذه المرة لم يصحب معه آلة تصوير، يظن أن زوجته لديها واحدة، لكن أياً منها لم يشرع، بعكس الجراحة الأولى منذ أربعة عشر عاماً، لكم دون مرور العديد من اللحظات، خاصة قبل وبعد العملية، هذه المرة لم يهتم، لم يشرع، يعتمد على ما سيتبقى فى الذاكرة رغم معاناته النسيان خلال العقد الأخير، يومى السبت والأحد، عند ناصية الشارع السابع حيث تتكاثف الحركة ما بين السادسة والثامنة، مواعيد عودة العاملين بالمترو من مانهاتن، تقف امرأة بولندية، تفرش أشياء قديمة، ملابس عتيقة الطراز، كتب بالإنجليزية وأخرى بالبولندية، بعض المهاجرين من بولندة لم يخرجوا من المنطقة، لم يتعلموا من الإنجليزية إلا ما يكفى للتعامل اليومى، تماماً مثل هذه السيدة التى التقاها بصحبة زميلتها عند سلوكه الجانب الأيمن من الطريق المتجه إلى الجسر.
جرى ذلك عصراً، التوقيت الذى حدده للمشى اليومى كما أوصى المعالجون له هناك، يدرب نفسه على الالتزام، خاصة أنه يعلم غلبة النسيان مع مرور الوقت، وهذا ما جرى عقب الجراحة الأولى التى لم تكن فى خطورة الثانية، اندفع إلى مجهود مكثف، خاض نقاشات حادة انفعل خلال بعضها، لم يراع ظروفه حتى جرى ما جرى، أمام مقهى صغير فوجئ باعتراضهما طريقه، أقبلتا عليه، الأولى ملامحها لها خلفية عنده، قوامها أنثوى فاره، رغم أنه قدر تجاوزها الخمسين إلا أنها لا تزال، هى البادئة عندما تساءلت: هل تعرف البولندية؟ الأخرى بدينة، شرقية الملامح، ربما فى منتصف العقد السادس، حضورها أمومى، هادئ، باعث على السكينة، رغم أن حذره دائم ومصادره عديدة، غير أنه توقف مبدياً الابتسام، ليس فى مظهرهما ما يزعج، الأصغر تتحدث الإنجليزية، تمسك أوراقاً مطبوعة، قالت إنهما من السكان الأصليين، القدامى، المنطقة هادئة، وتعد مثالاً للتعايش بين أجناس مختلفة وديانات شتى، غير أن واقعاً جديداً بدأ ينشأ، منذ سنوات قليلة بدأ كثيرون يستقرون هنا من الشباب والفنانين وبينهم المغامرون والشواذ، كان مستحيلاً أن ترى رجلاً يقبل الآخر، الآن أصبح هذا مألوفاً بعد رحيل وانقراض الأسر القديمة، إما بالموت أو بالانتقال إلى أماكن أخرى، بدأ الإقبال على استئجار المساكن فريدة الطابع، الآن يعيش فى بعضها مجموعات يمارسون ما لم تعرفه المنطقة من قبل، عشاق من جنس واحد يقيمون مع بعضهم، يتبنون أطفالاً من الملاجئ لينشأوا معهم، قالت محدثته بالإنجليزية بينما وقفت الأخرى تصغى، تتابع، واضح أن معرفتها بالإنجليزية واهنة: تصور أطفالاً يشبون من حياة كهذه؟ قدمت إليه بعض المطبوعات، لمح عنوان أحدها، عن المبانى التى حول بعض ملاكها الطوابق السفلى منها إلى مطاعم وبارات وملاهٍ وقاعات استماع موسيقى، لم يعد المكان هادئاً، لم يعد ملائماً، إنهم يدعون إلى مقاومة ذلك، إنهما تنتميان إلى جماعة تنشط للحفاظ على التقاليد المرعية والطابع الأصلى للمكان، أشارت إلى المبنى أحمر اللون حيث الاجتماع الأسبوعى مساء كل خميس فى السادسة، أكدت دعوته، قدمت رقم هاتفها وحددت الطابق الذى تعقد فيه الاجتماعات، كان يصغى باهتمام، متلمساً طريقه إلى ملامح محدثته، جمال خاص، سواء لطبيعته أو لتجاوز صاحبته الستين، قال إنه مصرى، ابنه وابنته هنا، لم يفصل أكثر من ذلك، إلا أنه فى هذه الوقفة القصيرة أدرك أنه موجود بالنظر، بالبصر، حواسه كلها اختصرت فى واحدة، الواقع كله من المرئيات رغم أنه يقيم فيه، ليس جزءاً منه، لا تعمل الحواس إلا عند الاندماج، فاته ذلك، إنه غريب والغريب مهما أقام عابر، إنه يتعافى، والمريض مهما نشط وجال وأبدى الهمة فهو قاصر، محدود، يخشى، ويحتاط دائماً.
الحلقات السابقة:
الكاتب الكبير جمال الغيطانى وصفحات من «كتاب الألم» .. الأزرق والأبيض [9]
الكاتب الكبير جمال الغيطانى وصفحات من «كتاب الألم» .. الأزرق والأبيض [8]
الكاتب الكبير جمال الغيطانى وصفحات من «كتاب الألم» .. الأزرق والأبيض [7]
الكاتب الكبير جمال الغيطانى وصفحات من «كتاب الألم» .. الأزرق والأبيض [6]
الكاتب الكبير جمال الغيطانى وصفحات من «كتاب الألم» .. الأزرق والأبيض [5]
الكاتب الكبير جمال الغيطانى وصفحات من «كتاب الألم» .. الأزرق والأبيض [4]
الكاتب الكبير جمال الغيطانى وصفحات من «كتاب الألم» .. الأزرق والأبيض [3]
الكاتب الكبير جمال الغيطانى وصفحات من «كتاب الألم» .. الأزرق والأبيض [2]
الكاتب الكبير جمال الغيطانى وصفحات من «كتاب الألم» .. الأزرق والأبيض [1]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.